تحالف الأمر الواقع.. تقارب بين الأسد والميليشيات الكردية لفرملة تقدم "درع الفرات" شمال سوريا


يجد نظام بشار الأسد والميليشيات الكردية أنفسهم بحكم الأمر الواقع في موضع تعاون في شمال سوريا لفرملة تقدم القوات التركية والفصائل المعارضة المنضوية في عملية "درع الفرات"، التي باتت تجد نفسها أمام مواجهة مع الطرفين في حال قررت المضي قدماً.

وبعد سيطرة قوات "درع الفرات" المدعومة من أنقرة على مدينة الباب التي كانت آخر أبرز معقل لتنظيم "الدولة الاسلامية" في محافظة حلب، أكدت تركيا عزمها العمل مع فصائل مقاتلة مدعومة منها على طرد مقاتلي التنظيم من الرقة، معقلهم الرئيسي في سوريا، لكن من دون مشاركة الأكراد الذين تصفهم بالإرهابيين.

ويعتبر نظام الأسد أن عملية "درع الفرات" ودعم تركيا لها  بمثابة "اعتداء" على سيادة سوريا، في وقت تعج فيه البلاد بالميليشيات الأجنبية التي استجلبتها إيران لدعم الأسد، وتواصل الغارات الإسرائيلية على مواقع قوات النظام في مناطق متفرقة من البلاد.

ويقول رئيس تحرير صحيفة "الوطن" السورية المؤيدة للأسد، وضاح عبد ربه، لوكالة الأنباء الفرنسية: "بالنسبة الى الحكومة السورية كما الأكراد، (الرئيس رجب طيب) أردوغان هو العدو. يتعلق الأمر بالتصدي لمشروع غزوه للمناطق الحدودية". على حد تعبيره.

ويضيف: "من الطبيعي جداً أن تتحالف القوات الموجودة على الأرض لصد أي تقدم تركي داخل الأراضي السورية"، متابعاً "حالياً باتت القوات التركية محاصرة من الجهات كافة". وفق زعمه.

ونقلت الوكالة عن مصدر أمني في نظام الأسد قوله: "صرحت دمشق مراراً بأن الوجود التركي هو تدخل سافر على أراضيها"، مؤكداً أن "من مهام الجيش دستورياً حماية الاراضي السورية والدفاع عنها ضد اي جهة".

طريق الرقة

وبعد وقف تقدم وحداته باتجاه مدينة الباب بإيعاز من حليفته روسيا التي ترعى مع تركيا وقفاً لإطلاق النار في سوريا منذ نهاية كانون الأول/ديسمبر، اتبعت قوات النظام تكتيكاً جديداً من خلال الالتفاف على الجيش التركي والفصائل شرق مدينة الباب، ما خولها وصل مناطق سيطرتها بمناطق سيطرة الميليشيات الكردية جنوب مدينة منبج.

وتسيطر قوات ميليشيا "سوريا الديموقراطية"، وهو تحالف من ميليشيات كردية عربية تحظى بدعم أمريكي، منذ آب/أغسطس على مدينة منبج بعد طرد "تنظيم الدولة" منها.

ويقول الباحث والخبير في الجغرافيا السورية فابريس بالانش: "تقدم الجيش السوري عشرات الكيلومترات وبشكل سريع الإثنين على حساب تنظيم الدولة الإسلامية والتقى مع المناطق الكردية (جنوب غرب منبج). وقطع بذلك الطريق شرقاً أمام الفصائل المدعومة من تركيا".

ويوضح: "باتت الطريق إلى الرقة انطلاقا من الباب مقطوعة أمام الأتراك الذين لم يعد بإمكانهم بالتالي مهاجمة منبج من جهة الجنوب".

ويقول المصدر الأمني: "لا تعترف دمشق بقوات سوريا الديموقراطية، لأن الدستور ينص على أن الوجود المسلح الوحيد هو للجيش، رغم أن النزاع السوري تدخلت فيه تنظيمات كثيرة بشكل شرعي أو غير شرعي"، حسب تعبيره.

ويرى بالانش أن "النظام يعارض الحكم الذاتي للأكراد، لكن في الوقت ذاته لا يملك الوسائل لاستعادة الأراضي التي يسيطرون عليها" في شمال وشمال شرق سوريا.

ويقول مستشار القيادة العامة لقوات "سوريا الديموقراطية" ناصر حاج منصور: "النظام ما زال نفسه ولم يتغير، وكلما سمحت له الظروف سيهاجم مناطقنا لكن الظروف الدولية أو المحلية لا تسمح له بذلك".

لا اشتباكات ولا اتفاق

ويوضح: "إذا كان ما من اشتباكات بيننا وبين النظام، فهذا لا يعني أن هناك اتفاقاً أو تعاوناً لأن الحكومة السورية تعارض مشروع الفدرالية" الكردي.

وتسعى الميليشيات الكردية التي  أعلنت إقامة إدارة ذاتية موقتة في شمال البلاد إلى ربط مقاطعاتهم الثلاث، الجزيرة (الحسكة) وعفرين (ريف حلب الغربي) وكوباني (ريف حلب الشمالي)، من أجل إنشاء حكم ذاتي عليها على غرار كردستان العراق. وهو يثير الحلم الكردي ومخاوف أنقرة والمعارضة السورية، إذ تشير الأخيرة أن هذه الخطوة تعد مرحلة أولى في الطريق إلى تقسيم البلاد.




المصدر