on
معتقلون من نازحي حلب الشرقية.. مصيرٌ مجهول حتى إشعارٍ آخر
بعد مرور أكثر من شهرين على اقتحام نظام الأسد والميليشيات الموالية له الأحياء الشرقية لمدينة حلب، والذي أدّى لنزوحِ قسمٍ كبيرٍ من المدنيين المحاصرين إلى مناطق النظام تحت وابل القصف العنيف وجرائم التصفية الطائفية التي شهدتها المدينة، لم تظهر حتى اليوم أية معلوماتٍ جديدة عن قضيّة المحتجزين قسرياً، وهم مواطنون من سكّان تلك الأحياء التي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة، وتم اعتقالهم بشكلٍ تعسّفي خلال توجّههم نحو الحواجز العسكرية التي تصل مناطق المعارضة بمناطق النظام غربي المدينة.
وبعد حركة النزوح هذه صدر عدد من التقارير الدولية تؤكّد عمليات الاعتقال العشوائي التي تعرّض لها النازحون هناك.
تعسّفية
يؤكد مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، هذا الأمر بالقول “إن قوات النظام اختطفت نازحين هاربين من شرقي حلب إلى الجزء الغربي وأخفتهم بشكلٍ قسري من دون أية مذكرة اعتقال”، مضيفاً: “لا نعرف أي شيءٍ عن مصيرهم”، ويضيف لـ”صدى الشام”: “أصدرنا تقريراً مع بداية النزوح إلى غربي حلب حول مصير المدنيين الذين نزحوا إلى مناطق النظام، إضافةً إلى الذين يعيشون بمناطق شرقي حلب، والتي سيطر عليها النظام، وأكدنا وقوع حالات اعتقال تعسّفية، إضافةً لحالات تصفية سريعة وإعدامات لمدنيين”.
وحمّل عبد الغني الأمم المتحدة مسؤولية مطالبة النظام بالكشف عن مصير المعتقلين والمختفين قسرياً، بالإضافة لتبيان سبب الاعتقال وعدد المفرج عنهم، مضيفاً أن “الأمم المتحدة قصّرت كثيراً في هذا الأمر”.
وبحسب القوانين السورية والدولية فإن أية عملية اعتقال يجب أن تكون مرفقة بمذكرة اعتقال توضح السبب وتحدّد التهمة، وعليه فإن جميع عمليات الاعتقال التي قامت بها قوات النظام للنازحين إلى مناطقها في حلب تُعتبر اعتقالاتٍ تعسّفية ومخالفة للقوانين المحلّية والدولية.
ما قبل الاعتقالات
لم تكن تلك الاعتقالات سوى حصيلة هجمة شرسة على شرقي حلب، فعقب أربع سنواتٍ من القصف العنيف، وأشهرٍ من الحصار الخانق الذي طالت آثاره المدنيين بدأت الحملة النهائية للنظام للسيطرة على مدينة حلب، حيث أدّت الحملة إلى إيقاع قتلى وتشريد وإجبار من تبقّى على النزوح إلى مناطق النظام، أو عبر اتفاقٍ إلى إدلب، وفي تلك المرحلة عايشت حلب مختلف أنواع الأسلحة، فعلى سبيل المثال ومنذ شباط 2014 وحتى فترة صدور قرار مجلس الأمن رقم 2139 الذي أدان استخدام البراميل المتفجّرة ضد المدنيين سقطَ على المدينة 19947 برميلاً متفجّراً.
وفي الفترة التي امتدت من سيطرة فصائل المعارضة على أحياء في مدينة حلب صيف 2012 وحتى تاريخ الهجوم لم تحدث أية حالة نزوح، حتى قبل حصار المدينة وهو ما يعني أن ما جرى تم تحت الضغط العسكري للنظام والميليشيات الموالية له.
فترة الاعتقال
خلال تلك الهجمة يذكر الناشط أشرف هلال أن “المدنيين في حي مساكن هنانو انقسموا بين من انسحبوا إلى مناطق أخرى مثل أحياء (طريق الباب والشعار وكرم الجبل) التي كانت واقعة تحت سيطرة المعارضة، وبين من أُجبروا على الاتجاه نحو مناطق النظام من جهة حي مساكن هنانو تحت تأثير المعارك والقصف الذي تعرضوا له” حيث كان حي مساكن هنانو أول الأحياء التي تسيطر عليها قوات الأسد.
وأوضح أنه عقب حصار الجزء الشرقي لمدينة حلب في تموز الماضي أعلنت روسيا عن مبادرة إنسانية وفتحت أربعة معابر من أجل خروج المدنيين والمقاتلين من حلب، حينها أصرّ أهالي المدينة على البقاء فيها، غير أن التوغّل البري لقوات نظام الأسد والمليشيات المساندة لها أجبر المدنيين على الخروج نحو مناطق النظام غربيّ حلب.
مصير مجهول
يؤكّد محامٍ يعيش في مناطق نظام الأسد في حلب أن مصير معظم المدنيين في الذين تم اعتقالهم في حلب ما زال مجهولاً حتى اللحظة.
وقال المحامي الذي رفض الكشف عن هويته لـ “صدى الشام”: “إن ما هو معروف عن المعتقلين هو ما أظهرته صور لهم في بداية الاعتقال في مدارس وساحات عامة، وتم سوق بعضهم للخدمة الإلزامية والاحتياطية في جيش النظام، لكن البقية تبعثروا في الأفرع الأمنية”.
وأضاف أن الكثير من ذوي المعتقلين الذين فقدوا معيلهم يراجعونه لمحاولة الحصول على زيارات لكنهم فشلوا حتى الآن، واكتفى بالقول “لا يوجد سياق قانوني واضح لهؤلاء المعتقلين”، مؤكّداً وجود نساء بينهم.
صدى الشام