on
نشطاء وأهالي : الوضع في مضايا لم يعد يُحتمل
لا يُخفي نشطاء وأهالي من بلدة مضايا بريف دمشق استياءهم من الاتفاقية الرباعية التي تربط بين البلدة و قريتين مواليتين للنظام شمالي سوريا بمصير مشترك، في المقابل يبدي آخرون توجسهم من فك الارتباط مع هذه الاتفاقية وإلغائها ما يعني سقوط جيب صغير تسيطر عليه المعارضة في مدينة الزبداني وإلحاق الهزيمة بمضايا التي استعصت على ميليشيا حزب الله لسنوات عديدة.
كان تموز من عام 2015 ذلك الشهر الذي لا يُنسى من ذاكرة أبناء مضايا، أطبق الحصار من جميع الاتجاهات، وخنقت ميليشيا حزب الله البلدة بنشر أسلاك شائكة و مئات الألغام الأرضية بمحيطها ما منع الدخول والخروج بشكل تام، فيما راح ضحايا نتيجة سوء التغذية حتى بلغ معدل الوفيات 3 أشخاص يومياً.
في نفس الشهر كان مقاتلون من فصائل المعارضة يقاومون بشراسة حملة يقودها النظام وحزب الله للسيطرة على مدينة الزبداني القريبة، لكن في آب من نفس العام توصل الطرفان لاتفاق تهدئة ربطَت الزبداني ومضايا بقريتي الفوعة وكفريا في محافظة إدلب، حيث نص الاتفاق على وقفٍ لإطلاق النار بين الطرفين ثم هدنة لمدة ستة أشهر، كما قضى بإخراج كل المقاتلين والراغبين من المدنيين من منطقة الزبداني باتجاه إدلب، مقابل خروج عشرة آلاف شخص من الفوعة وكفريا من الأطفال دون سن الثامنة عشرة، ومن النساء والمسنين فوق الخمسين، بالإضافة إلى الجرحى وفقًا لتقارير صحفية نشرت عشية توقيع الاتفاقية.
وفي 27 كانون الأول 2015 بدأت عملية إجلاء 130 جريحاً من مدينة الزبداني ومضايا بإشراف الأمم المتحدة إضافة لـ 337 جريحاً من كفريا والفوعة تنفيذاً للاتفاقية ذاتها.
و بعد هذا التاريخ أسدل الستار على البنود الأخرى من الاتفاق فضلاً عن موضوع إدخال قوافل مساعدات كل شهرين أو ثلاثة إلى البلدات الأربع إضافة لتطبيق الأطراف الموقعة مبدأ “المعاملة بالمثل”.
الناس تعبت
” نحن لسنا محاصرين وإنما أسرى ويُنفذ بنا حكم الإعدام يومياً ” يقول ” فداء أفندر” لـ صدى الشام متحدثاً عن بلدة مضايا التي يقطنها 40 ألف نسمة يعيشون أكبر عملية احتحاز تعسفي في الوقت الحالي.
و يروي “فداء” قصص المعاناة التي يعيشها المحاصرون قائلاً: “المواد الغذائية بدأت بالنفاد من بيوتنا والتدفئة مستحيلة في ظل القصف اليومي الذي نعاني منه منذ شهرين ونصف تقريباً، بالنسبة للأسعار فهي باهظة إذ يكلف كيلو الخبز أكثر من 3 آلاف ليرة و كيلو القهوة 45 ألفاً وغرام البهارات يباع بـ 1000 ليرة سورية ”
أما بالنسبة للناشط الصحفي “عمرو فضة” فهو يعتبر أن جو القصف الذي يعيشه الأهالي أسوأ بأضعاف من الحصار وسوء التغذيةK ويقول “فضة” عن ذلك: “إن القصف المستمر أدى لدمار هائل في البيوت ما جعلها غير صالحة للسكن”، موضحاً أن “كل أربع أو خمس عائلات صارت تسكن في بيت واحد بسبب قلة المنازل الصالحة للسكن”، وعندما يبدأ القصف يهرع الجميع للأقبية وهنا المأساة”، ويضيف أيضًا “البرد الشديد في الأقبية يجعل الأطفال دائمي البكاء، أنا شخصياً لا أخشى القصف بحجم خوفي من البرد الذي أتعرض له في الملجأ”.
قلق واتهامات
كالعادة لا يخفي الصحفي “عبد الوهاب أحمد” قلقه من استمرار العمل باتفاقية “الزبداني – كفريا ” وذلك بسبب حجم القصف والقنص الذي تتعرض له مضايا نتيجة لقصف الفوعة وكفريا من قبل جيش الفتح في إدلب، يقول “أحمد”: “الناس هنا مستاءة جداً من الاتفاقية، كل قذيفة تنزل على الفوعة يكون مقابلها الرد بـ 10 على مضايا والزبداني”.
من جانبه يتهم “عمرو فضة” بعض المنتفعين مادياً من إدخال الغذاء والبضائع إلى كفريا والفوعة مقابل ثمن باهظ، و يشير إلى أن هؤلاء لا يريدون التخلي عن الاتفاق لأنه يؤمن لهم مكاسب مادية كبيرة، ويوضح أن: “ضرر الاتفاقية أكبر من نفعها، وربط المدن ببعضها أخّر إجراء المفاوضات المتفق عليها، و بسبب ذلك سالت دماء كثيرة لأطفال ونساء كان بالإمكان تجنبها، لكن هناك من يريد تأخير هذا الاتفاق”.
اتفاقية مدمرة
من جانبه يلفت “أبو عمار حمادة” مدير تجمع (عمرها) العامل في مضايا إلى إن توقيع الاتفاق أتى على خلفية الضغط الكبير الذي تعرضت له كل من الزبداني ومضايا، ويتابع حديثه لـ صدى الشام بالقول: “من 12 بنداً من بنود الاتفاق لم يتم العمل إلا على ثلاثة تتضمن وقف إطلاق النار وإجلاء المرضى والجرحى وإدخال المساعدات”، ويضيف: “حتى هذه البنود لا تنفذ كما ينبغي ويتم التلاعب بها، دائماً يرتبط وقف إطلاق النار بما يجري في الفوعة وكفريا، وعدد المرضى يتناسب أيضاً مع العدد في هاتين القريتين”، ويوضح بلهجته المحلية “أكلناها من جيش الفتح و من الطرف الآخر”، وفيما بدا الاستياء جلياً على “حمادة” من الاتفاقية فإنه يبرر ذلك بالقول “بسبب الضغط الذي نتعرض له في الوقت الراهن أحياناً أتمنى لو دخل الجيش والحزب وذبحونا وانتهينا من هذا الموضوع … هذه ليست اتفاقية بل دمار لا ينتهي”.
لكن في المقابل يبقى هناك من يرى أن لاتفاقية الزبداني – الفوعة دوراً مهماً في صمود الزبداني التي يعيش فيها مجموعة صغيرة من المقاتلين يرابطون بمنطقة تقدر بـ كيلو متر مربعٍ واحد، بهذا الشأن تقول “منتهى عبد الرحمن” عضو تجمع (ضمة) لـ صدى الشام: “إن إلغاء الاتفاق يعتبر إسقاطًا للزبداني ومضايا”، وتردف: “لا يمكن الصمود في حال تخلينا عنها”.
صدى الشام