القمل يفتك بالطلاب في مدارس النظام
8 مارس، 2017
مع عودة الكثير من الأوبئة والأمراض إلى سوريا، بات القمل على لائحة الأمراض المعدية التي غزت المدارس الابتدائية في مناطق يسيطر عليها النظام أبرزها العاصمة دمشق ومدينتا درعا والقنيطرة، الأمر الذي من شأنه أن يمهد لانتشار أكبر، وذلك في ظل غياب النظافة عن المرافق العامة في مدارس النظام، إضافةً لانقطاع المياه لفتراتٍ طويلة وليس انتهاءً بصعوبة توفير الدواء نتيجة ارتفاع أسعاره.
شهادات
خلال إعداد التقرير، تحدّثت “صدى الشام إلى 4 أشخاص من مدرّسين وأولياء طلّاب داخل مدارس للنظام في دمشق والقنيطرة ومناطق بدرعا.
تقول “وداد”، وهو اسم مستعار لمدرِّسة ابتدائية في حي مساكن برزة بالعاصمة، لـ صدى الشام: “إن إدارة المدرسة تعاني منذ حوالي شهرين ونصف من انتشار كبير للقمل بين الطلاب”، وتضيف: “نحاول التعامل مع الأمر بحذر ولا سيما أن القمل ينتشر بشكلٍ كثيف بين الطلاب عن طريق العدوى، لذلك فإن أقصى ما تمكّنت المدرسة فعله هو إلزام الطالب المصاب بعدم الحضور حتى يمتثل للشفاء لكي لا يعدي أصدقاءه”.
معلمة أخرى في منطقة الصناعة أشارت لـ “صدى الشام” إلى أن ظهور حالات القمل بدأت بين الطلاب على خلفية الانقطاع الطويل للمياه بعد أن استهدف النظام نبع الفيجة ما أدّى لانقطاع المياه عن العاصمة، ولفتت إلى أنّها شخصياً انقطعت عن الدوام في المدرسة لحين انتهاء المشكلة.
من جهته، يقول عماد، وهو مدرّس في حي السبيل بمدينة درعا: “من الطبيعي ظهور حالات قمل بين الطلّاب في المدارس التي يديرها النظام فالمرافق العامة المخصّصة للطلّاب قذرة للغاية، ومليئة بالأوساخ وفضلات الطلّاب والروائح الكريهة والجراثيم، مشيراً إلى أنه حسب معرفته فإن معظم المدارس لم تشهد حملة تنظيف منذ أشهر وما زالت الأوساخ على حالها.
صعوبة العلاج وغلاء
في ظل تفشّي هذا الوباء بين الطلاب السوريين، واحتمال اتساع دائرة انتشاره أصبح الحصول على الدواء أمراً صعباً للغاية، وذلك بسبب فقدان الأنواع الأجنبية الأصلية منه من جهة، والغلاء الفاحش لأسعار الشامبوهات والأدوية المحلّية من جهةٍ أخرى.
ومن خلال جولة أجرتها “صدى الشام” على عددٍ من صيدليات العاصمة دمشق، فإن ثمن العبوة من شامبو “سنان” ارتفع من 50 ليرة إلى 1300 ليرة، في حين ارتفعت أسعار الشامبوهات الأخرى بمعدل عشرة أضعاف.
يقول أحد الصيادلة إن أسعار الأدوية المحلّية ارتفعت لتبدأ من 400 ليرة، حتى تصل إلى أكثر من 1500 ليرة، بينما في حال توفّر الدواء الأجنبي فإن ثمن العبوة الواحدة لا يقل عن 2500 ليرة.
وأضاف الصيدلاني الذي رفض الكشف عن هويته، أن الأسابيع الخمسة الفائتة شهدت إقبالاً واسعاً على أدوية ومستحضرات معالجة القمل، بعد أن كان مبيعها نادراً، وقال: “كنت أشتري الطرد الذي يحتوي على 24 عبوة شامبو سنان ويبقى على الرفوف لعدّة أشهر، أما الآن فأنا أشتري أكثر من طردٍ دفعة واحدة وأبيعهم في غضون أسبوع واحد”.
اعتراف رسمي
وبينما تفاقمت هذه الظاهرة، اعترف محافظ القنيطرة التابع لحكومة النظام أحمد الشيخ عبد القادر بانتشار وباء القمل بين معظم الأطفال في مدارس المحافظة.
ونقلت صحيفة “الوطن” الموالية للنظام عن عبد القادر قوله: “إني منزعج من انتشار القمل في المدارس والتجمّعات ذات الكثافة السكّانية الكبيرة”، متسائلاً عن غياب إدارات المدارس والموجّهين، وأضاف أنه ليس مهماً إصدار القرارات وإنما متابعة تنفيذها، ولا قيمة لأي قرار لا ينفذ فسيبقى حبراً على ورق.
وأقر عبد القادر أنه تم تقديم 100 مليون ليرة لتحسين واقع النظافة في القنيطرة وإصلاح الآليات الخاصة بالنظافة، لكن على ما يبدو أن هذا المبلغ تمت سرقته من مسؤولي النظام كما جرت العادة في معظم المخصّصات التي يتم فرزها للمواطنين.
مدارس ليس فيها أدنى معايير النظافة
في حديثٍ لـ “صدى الشام” قال مختار وهو الاسم الأول لطبيب بيطري: “إن الشامبوهات التي تُباع في الأسواق لا يمكن أن تحقّق الغاية من القضاء على القمل”. وأضاف أن السبب الوحيد للقمل هو عدم النظافة، موضحاً: “لا أعني بذلك النظافة الشخصية فقط، وإنما وجود حاوية قمامة في الشارع غير مُرحّلة لأسابيع قد تؤدّي لانتشار القمل، كما أن الحمامات ودورات المياه التي لا يتم فيها تنظيف الفضلات قد تجلب القمل.
وبيّن الطبيب أن الوقاية تتمثل بتوفير النظافة، أما إجراءات ما بعد الإصابة فتشمل حلاقة شعر الرأس والتخلّص من كل المستلزمات الشخصية التي استخدمها المصاب حتى لا تنقل العدوى لأشخاص الآخرين، مضيفاً أنه يجب استخدام الليمون والأدوية المخصّصة للعلاج ولا يكفي الشامبو فقط.
وتابع أن مدارس النظام لا تحتوي على أدنى معايير النظافة والسلامة الصحية المخصّصة للطلاب، لذلك فإن انتشار القمل أمر عادي، لافتاً إلى أنه حتى قبل اندلاع الثورة كانت المدارس تشهد حالات قملٍ كثيرة.
وقد تحول العلاج من ظاهرة القمل إلى باب لاستغلال لحاجة الناس، وتحديداً لدى العطارين وباعة الأعشاب، حيث يوهمون المصابين بوجود خلطات وتركيبات طبيعية قادرة على القضاء على القمل والوقاية منه، في حين لا تزال بعض العادات والتقاليد القديمة في معالجة الإصابة بالقمل سائدة لدى البعض، وتحديداً العلاجات القائمة على تمشيط الشعر بزيت الكاز أو المازوت، الأمر الذي حذر الصيادلة من اتباعه لما له من ضرر على فروة الرأس وعدم جدوى في العلاج.
[sociallocker] صدى الشام[/sociallocker]