توجّهٌ تركيٌ لافتتاح مستوصفات سوريّة وتوظيف الأطباء السوريين
8 آذار (مارس)، 2017
يواجه المرضى السوريون في تركيا مصاعب عديدة في المشافي الحكومية رغم إمكانية استقبالهم فيها مجاناً، وذلك بسبب الضغط الكبير والازدحام، بالإضافة إلى عامل اللغة الذي يصعّب عليهم التواصل مع الأطباء، فضلاً عن احتمال التعرض لمعاملة سيئة في هذه المشافي، هذه المعطيات دفعت العديد منهم للذهاب إلى المراكز الصحية السورية التي أقامتها بعض الجمعيات الطبية، وتوسعت خلال الفترة الأخيرة بدعم رسمي من وزارة الصحية التركية.
ورغم إغلاق العديد من هذه المراكز خلال السنوات الأخيرة من قبل السلطات التركية لأسباب تتعلق بعدم الترخيص وضعف المراقبة والشكاوى أحياناً، فقد منحت وزارة الصحة التركية مؤخراً إذناً لعمل الأطباء السوريين في هذه المراكز بمراقبة ووجود أطباء أتراك إلى جانبهم، وقدّمت في سبيل ذلك تسهيلات كبيرة منها حق الحصول على الدواء مجاناً، كما تكفّلت برواتب الأطباء الأتراك العاملين بها.
هذا الأمر تُرجم بشكل واضح في مدن الجنوب التركي التي تشهد كثافة عالية في في الوجود السوري لاسيما في مدن أنطاكيا والريحانية، حيث افتتحت في هذه المدن، خلال أقل من شهر، ثلاثة مراكز صحية خاصة باللاجئين السوريين تقدم العديد من الخدمات الطبية.
توسيع المراكز الطبية
في مدينة الريحانية التي يقطنها قرابة 100 ألف لاجئ سوري، وفق إحصائيات حكومية تركية، افتتحت منظمة “الرعاية الطبية” Health Care Organization الأسبوع الماضي مركز اللاجئين الصحي الأول، وذلك بالتعاون والتنسيق مع وزارة الصحة التركية، وبحضورموفدين من قبلها.
يحوي المركز عيادة أطفال، وعيادة داخلية، ونسائية، وأخرى للطب عام، وتشمل خدماته اللقاح المجاني للأطفال السوريين بمعدل 40 إلى 50 طفلًا يومياً.
كما أعلن أيضاً عن افتتاح مركز آخر لخدمة السوريين في مدينة أنطاكيا بالتعاون بين “منظمة السلام للرعاية والتنمية” ومديرية الصحة التركية.
وبحسب مدير منظمة “الرعاية الصحية” الدكتور أسامة غالي، فقد بدأ مركزالريحانية عمله باستقبال حوالي 120 مريضًا يومياً، ويقدم المركز خدماته بناءً على معايير الصحة التركية، ما يعني مستوى أعلى من الخدمات الصحية وفق تأكيده.
وذكر غالي في تصريح خاص لـ “صدى الشام” أن الفكرة الأساسية من إنشاء هذه المراكز، والذي سيتبعه مراكز أخرى قريباً، هي “تنظيم أمور السوريين، ونقلهم من الحالة العشوائية بحيث يتوجه جميع المراجعين أولاً إلى هذه المراكز لمعاينتهم، وفي حال عدم توفر الخدمة المطلوبة في المركز يجري تحويل المريض إلى المشفى العام”.
وحول ميزات هذا المركز لفت غالي إلى أن “المنظمة استثمرت عرض وزارة الصحة بترخيص مستوصف قادر على صرف الدواء للسوريين مجاناً، وبتغطية رواتب الأطباء الأتراك، وهو الأمر الذي كان يشكل عائقاً سابقاً أمام أية منظمة ترغب تقديم خدماتها للاجئين السوريين هنا”.
وكشف أنه يجري الإعداد حالياً لافتتاح 9 مراكز أخرى في الريحانية بمعدل مركز واحد لكل 10 آلاف نسمة، وسيتم تطوير المشروع ليشمل كافة الولايات التركية، لاسيما التي تشهد كثافة سكانية عالية للسوريين مثل كلس وغازي عنتاب ومرسين.
وتشمل الرعاية التي تقدمها هذه المراكز عموماً خدمات طب الأسرة ولقاح الأطفال السوريين، بالإضافة إلى عيادات نسائية للولادة، كما ستعمل هذه المراكز على تنظيم ملف صحي كامل للسوريين لمتابعة أوضاعهم.
حلول للأطباء السوريين
في الأثناء تستمر وزارة الصحة التركية بإقامة دورات مكثفة للأطباء السوريين في العديد من المراكز المعتمدة من قبلها وذلك لتوظيفهم خلال الفترة القادمة في مراكز الرعاية الصحية الخاصة بالسوريين إذ أنه من المقرر أن يتم تعيين 80% من الكوادر من هؤلاء المتدربين.
وسيستفيد جميع المُعيّنين من رواتب الدعم الاجتماعي التي تصرفها الحكومة التركية من المساعدات الأوروبية المتفق عليها، حيث تمتد هذه المنحة لـ32 شهراً، وبحسب الطبيب أسامة غالي تتراوح رواتب الأطباء السوريين في هذه المراكز بين 4000 و 6000 ليرة تركية (1000إلى 1600$)شهرياً، ومن الممكن -وفق غالي- أن يتم تثبيتهم كموظفين أتراك بعد هذه الفترة خاصة أن معظمهم قطع شوطاً كبيراً في إجراءات الجنسية التركية.
وفي السياق ذاته رأى الدكتور خالد الحمصي وهو أحد الأطباء السوريين المتواجدين في مدينة أنطاكيا أن خطوة افتتاح المستوصفات السورية يأتي ضمن عملية دمج الكوادر السورية في قطاع العمل، لاسيما في مجالات الصحة والتعليم، حيث ستساهم هذه العملية في تنظيم وضع الأطباء السوريين وتسخيرهم لخدمة المرضى السوريين وهو ما سيكون له فوائد كبيرة للطرفين.
مشاكل الاعتراف والترخيص
من جانب آخر رأى طبيب الأسنان وضاح السيد أن إنشاء المستوصفات وتوظيف الأطباء السوريين لن يحل المشكلة بالكامل لأن عدد هذه المراكز ما يزال محدوداً، مضيفًا أن “اشتراط وزارة الصحة التركية تعيين عدد من الأطباء الأتراك سيحدُّ من إمكانية استفادة عدد كبير منهم من هذه الفرصة”.
وأوضح السيد في حديثه لـ”صدى الشام” أن “عدد الأطباء المستفيدين بالنظر إلى قدرة هذه المراكز الاستيعابية سيكون محدوداً وسيقتصر فقط على اختصاصات معينة، فيما سيبقى عدد كبير من الاختصاصيين لا سيما في مجال الجراحة خارج إطار العمل”.
واعتبر السيد أن الحل الأمثل “يكمن في الاعتراف بشهادات الأطباء السوريين بعد معاينتها والتصريح لهم بالعمل بشكل قانوني، وافتتاح عيادات خاصة، لاسيما أن أكثر من 100 عيادة طبية في تركيا للسوريين موجودة تحت اسم جمعيات بحاجة إلى تنظيم”.
ويعمل العديد من الأطباء السوريين حالياً بشكل غير قانوني في منازل خاصة أو كمساعدين لأطباء أتراك في عياداتهم، فيما يبقى القسم الأكبر حالياً بدون عمل مستقر.
ويحتاج تعديل شهادة الطبيب السوري المقيم في تركيا إلى أن يتقدم الطبيب بطلب لوزارة التعليم التركيّة التي تخاطب وزارة الخارجية التركيّة كي تتصل بالخارجيّة السوريّة لمعرفة إن كانت شهادة الطب السوريّة صحيحة أم مزوّرة. لكن وبسبب انقطاع العلاقات تم تعليق هذا الأمر، واكتفت السلطات التركية في الوقت الحاضر بتدريبهم دون الاعتراف حتى الآن بشهاداتهم.
وكانت مؤسّسة الدّراسات الاقتصادية والاجتماعية التركية TESEV توصلت في دراسة أجرتها بالتّعاون مع مركز البحوث الاستراتيجية في الشرق الأوسط ORSAM إلى أن عدد حالات الدّخول إلى المشافي التركية للسوريين من المخيّمات فقط، زاد على 500 ألف حالة مرضية، كما وصل عدد المرضى الذين خضعوا لعمليّةٍ جراحية إلـى 200 ألف حالة، بالإضافة إلى أكثر من 35 ألف حالة ولادة جديدة.
[sociallocker] صدى الشام[/sociallocker]