قصة عائلة هربت من الحرب في سورية، لتصنع جبنة الحلّوم في بريطانيا
9 آذار (مارس)، 2017
العنوان الأصلي:
العائلة السورية التي هربت من الحرب الأهلية، تصنع جبنة الحلوم في يوركشير
عندما لم تجد “رزان الصوص” جبنة الحلوم في يوركشير وكافحت من أجل الحصول على وظيفة، توصلت إلى نتيجة رائعة.
في سوريا، تؤكل جبنة الحلوم المالحة على وجبة الفطور إلى جانب الزيتون الطازج واللبن المصفى والخضروات والخبز، وعندما هربت رزان الصوص وزوجها وأبناؤها الثلاثة من الحرب الأهلية في بلادهم ووصلوا إلى يوركشير منذ حوالي 5 أعوام، كان ذلك من بين العديد من الأشياء التي افتقدتها في وطنها الجديد، والتي كانت تنعم بها في وطنها القديم.
تقول الصوص، البالغة من العمر (33 عاماً) لصحيفة الإندبندنت: “عندما جئت إلى المملكة المتحدة لم تكن جبنة الحلوم متوفرة على الدوام، لهذا بدأت بتصنيعها لعائلتي”. وحصلت الصوص في سوريا على إجازة في الصيدلة وكان زوجها مهندس الكترونيات بالإضافة إلى امتلاكه عملاً خاصاً. لكنّهما اضطرا للكفاح من أجل العثور على وظيفة في المملكة المتحدة.
وسرعان ما أصبح هذا العنصر الأساسي في وجبة الإفطار شريان حياة بالنسبة لها، عندما أدركت أنها تستطيع أن تحوّل الجبنة الشهية التي كانت تصنعها باستخدام حليب يوركشير المحلية إلى عمل. وبعد اقتراضها مبلغ 2.500 جنيه استرليني من وكالة المشروعات المحلية، كانت الصوص قادرة على إطلاق مشروع ” Yorkshire Dama Cheese” عام 2014. ومنذ ذلك الحين، نالت جبنة داما العديد من الجوائز، بما فيها الجائزة الذهبية العالمية للأجبان عام 2016، وإدراجها على قائمة المرشحين لأفضل جبنة في مهرجان طعام يوركشير اللذيذ عام 2015. بالإضافة إلى ذلك، كان رئيس الوزراء السابق “ديفيد كاميرون” قد رشحها ليتم الإقرار بها في يوم المرأة العالمي عام 2015.
وتقول الصوص: “ليس من السهل أن تستقر في مكان جديد في الوقت الذي لم تخطط فيه لذلك. اضطررت إلى بدء حياة جديدة في مكان لا أملك فيه أصدقاء أو عائلة، أو أية علاقات”، لكن مشروع داما أتاح لها الحصول على ذلك.
ونظراً للمناخ السياسي الراهن والخوف من الإسلام، هل كانت خائفة ألا يتقبلها المجتمع الجديد؟
ترد الصوص على ذلك بقولها: “لم أفكر بأني قد أعاني من الصدمة الثقافية، فالناس في المملكة المتحدة يتشاركون الكثير من الأمور مع الناس في دمشق، ذلك أن كلانا يعيش في بلد تهتم بالتراث، بلد لها تاريخ تعتز به. لذلك عندما أتيت إلى هنا، لم أجد أن نمط الحياة في هذه البلاد يختلف عن الطريقة التي اعتدت العيش بها، كما أنني كنت مقبولة في المجتمع وتلقيت الدعم في مشروعي”.
وبطبيعة الحال، إن الهرب من الحرب ومشاهدة المرء لسقوط بلاده من بعيد ليس بالأمر السهل، وكذلك المحاولة لبدء حياة جديدة من لا شيء.
تضيف الصوص: “عندما أفكر بالتوفيق بين حياتي وأبنائي، وبين منزلي وعملي، يكون الأمر صعباً بعض الأحيان، لا سيما عندما يطالبني أولادي بقضاء المزيد من الوقت مع بعضنا كعائلة. إذ نقضي معظم عطل نهاية الأسبوع في أسواق المزارعين ومهرجانات الطعام، لكنني أحاول دوماً أن أوضح لهم أن العمل الشاق سيُؤتي ثماره في نهاية المطاف”.
وتتابع: “وكانت من أكثر اللحظات فخراً بالنسبة لي هو أن تعترف صاحبة السمو الملكي الأميرة آن بعملي، كما كان لقائي الشخصي بها مصدر إلهام كبير”.
كيف تقومين بصنع تلك الجبنة التي حصدت الجوائز؟
تشرح الصوص، عن طريق وصفها للعملية التي استخدمها البدو، وهم أشخاص عرب من البدو الرّحل يقومون بتربية الحيوانات في الصحراء، وتقول: “تُصنع جبنة الحلوم، بصورة تقليدية، من حليب الغنم أو الماعز، وهذه هي الطريقة البدوية، فالبدو لا يملكون الأبقار في الصحراء. لكن في وقتنا هذا، ومن الناحية التجارية، فإن معظم جبنة الحلوم الموجودة في الأسواق مصنوعة من حليب الأبقار بنسبة 75%. وعندما بدأت بتجريب صناعة الجبن من حليب الأبقار البريطانية الطازج بنسبة 100%، كانت النتائج مذهلة”.
وعلى غرار الاحمرار في أفضل أنواع التونة، أو التموجات الزرقاء في جبنة السالتون، فإن الدلالة على جبنة الحلوم المذهلة هو الزقزقة أو الصرير. وتوضّح لنا: “جبنة الحلوم تكون طازجة وتصنع من مصل اللبن، وهذا ما يجعلها تصدر تلك الزقزقة كحال الجبنة القديمة التي تتفتت وتذوب في الفم عادة”.
ومن خلال الجمع بين المهارات والخبرات التي اكتسبتها في الشرق الأوسط من جهة، والمنتجات التي حصلت عليها في موطنها الجديد من جهة أخرى، تعتقد الصوص أنها أوجدت شيئاً فريداً من نوعه.
وتقول الصوص: “يتمتع حليب يوركشير بنكهة قوية وذلك بسبب احتوائه على مواد دسمة، وينعكس ذلك على الجبنة أيضاً. إن جبنة الحلوم التي نصنعها طعمها دسم لا تجده في معظم الأنواع الأخرى من جبنة الحلوم”.
أما عن الطريقة المفضلة لتناول جبنة الحلوم بالنسبة للصوص، فهي أن تكون مشوية مع السلطة، لكنها تستمتع بتناولها أيضاً مطهية في الفرن مع الفطر، أو مبشورة مع العجين، أو حتى مقلية ومغموسة في الحمص، أو أن تأكلها نيئة مع العنب أو البطيخ، كما اعتادت أن تفعل في دمشق”.
وتختم الصوص بقولها: “كلمة “Dama” داما اختصار لدمشق، وهي المدينة التي أنتمي إليها. إني آمل أن يعود السلام إلى سوريا، وأن تُفتح الطريق إلى دمشق مرة أخرى”.
رابط المادة الأصلي: هنا.
[sociallocker] صدى الشام[/sociallocker]