"قوات حماية الشعب" تتوقع دعماً أمريكياً أكبر بسوريا.. وتركيا تسعى لصفقة تهدئ مخاوفها


مع اعتماد الولايات المتحدة على "قوات سوريا الديمقراطية" التي تتكون بمعظمها من مقاتلين تابعين لـ"وحدات حماية الشعب" الكردية في الهجوم على الرقة معقل تنظيم "الدولة الإسلامية" مازالت أنقرة تستحث واشنطن على التوصل لصفقة تهدئ مخاوفها من تعاظم نفوذ الأكراد.

من ناحية أخرى يشعر المقاتلون الأكراد بأن واشنطن تقف خلفهم الآن بثبات أكبر من ذي قبل ويأملون أن يفيد هذا التطور طموحاتهم في نهاية الأمر لنيل الحكم ذاتي.

والحرب الدائرة في شمال سوريا من أعقد مسارح العمليات في الصراع الذي تشهده سوريا وقد تطورت بسرعة خاطفة في الأسابيع القليلة الماضية حيث تقهقر مقاتلو التنظيم أو انهارت دفاعاتهم في بعض أنحاء المنطقة.

وقد استفاد جيش نظام الأسد المدعوم من روسيا من ذلك ففتح طريقاً يؤدي إلى نهر الفرات ويؤمن إمدادات المياه لحلب وينطوي على تنسيق ضمني مع الفصائل الكردية المدعومة من الولايات المتحدة على حساب تركيا.

وفي انتقاد موجه لواشنطن قال "بن علي يلدريم" رئيس وزراء تركيا يوم الثلاثاء إن من المؤسف أن بعض حلفاء تركيا اختاروا "وحدات حماية الشعب" الكردية السورية شريكاً لهم في الحرب على "تنظيم الدولة" في سوريا.

وقال مسؤول تركي كبير: "الساحة في سوريا في الوقت الحالي معقدة للغاية حقاً". مشدداً على طبيعة الأحداث سريعة التغير والحاجة الماسة للاتفاق.  وأضاف: "أي شيء يمكن أن يحدث في أي لحظة."

وأوضح المسؤول التركي: "مثل هذه الخطوة القاسية باستبعاد تركيا تماماً هناك ستسبب مشكلة في العلاقات بين البلدين. ومن ثم فلا بد من إيجاد قاسم مشترك. ولا تزال المحادثات مستمرة."

وأثار صعود القوة الكردية في شمال سوريا انزعاج أنقرة التي ترى في هذه الجماعات الكردية امتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمرداً على الأرض التركية منذ أكثر من 30 عاماً.

وهذا الأسبوع ناقش قائد الجيش التركي الوضع في سوريا مع قادة الجيشين الأمريكي والروسي. وقال المسؤولون الأتراك إن اليوم الأول من المحادثات تركز على سبل ضمان عدم وقوع اشتباكات غير مقصودة بين قوات الدول الثلاث.

وكانت أنقرة تأمل أن تعزز استراتيجيتها في شمال سوريا بإقناع واشنطن بالتخلي عن حلفائها الأكراد وتحويل الدعم لجماعات الجيش الحر من أجل شن الهجوم النهائي على الرقة المعقل الرئيسي لـ"تنظيم الدولة" في شمال سوريا.

غير أن الآمال في تحقق ذلك تضاءلت في الأيام الأخيرة. فقد ظهرت أهداف متباينة للجانبين الأمريكي والتركي بوضوح في منبج التي تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية" منذ أن انتزعت السيطرة عليها من "تنظيم الدولة" في العام الماضي. وتم نشر قوات أمريكية هناك الأسبوع الماضي لردع أي هجوم قد تهدد به تركيا.

وأوضح وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو" الحساسيات التركية من وجود الجماعات الكردية المسلحة في مدينة منبج التي تعتبرها أنقره الوصلة التالية في إقامة منطقة آمنة تخلو من النفوذ الكردي غربي نهر الفرات.

ونقلت قناة (إن.تي.في) التلفزيونية عن "جاويش أوغلو" قوله: "لن نسمح (بتحقق) أحلام وحدات حماية الشعب (الكردية) في إقامة كانتون لها. وإذا ذهبنا إلى منبج ووجدنا حزب الاتحاد الديمقراطي هناك فسنهاجمه."

وفي الأسبوع الماضي دافع قائد أمريكي كبير دفاعاً قوياً عن "وحدات حماية الشعب" وقال إنه لم ير أي دليل يربطها بهجمات على تركيا مشيراً إلى وجود دور ما لها في الهجوم النهائي على الرقة التي يغلب العرب على سكانها.

وقد ازدادت الروابط العسكرية الأمريكية مع "وحدات حماية الشعب" منذ أن قدم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة دعماً جوياً لهزيمة "تنظيم الدولة" في مدينة عين العرب كوباني على الحدود التركية قبل عامين.

وبدعم جوي من قوات التحالف وقواته الخاصة على الأرض عملت "قوات سوريا الديمقراطية" تدريجياً على محاصرة الرقة منذ نوفمبر/ تشرين الثاني. وهذا الأسبوع قطعت هذه القوات آخر طريق رئيسي من الرقة يؤدي إلى معقل التنظيم في دير الزور.

وبخلاف الجيب الذي تسيطر عليه تركيا على الأرض تسيطر "وحدات حماية الشعب" وجناحها السياسي "حزب الاتحاد الديمقراطي" على مناطق في شمال سوريا حتى الحدود مع العراق. كما تسيطر على ركن في الشمال الغربي لسوريا على الحدود التركية.

وقال المسؤول الكردي "آلدار خليل" إن الأحداث الأخيرة تظهر أن واشنطن تقول لأنقرة "تلك هي حدودكم."

وأضاف في مكالمة هاتفية من مدينة القامشلي في شمال شرق سوريا: "يبدو أن الأمريكيين حسموا رأيهم."

وتوقع خليل دوراً سياسياً أمريكياً في نهاية الأمر مع الجماعات الكردية السورية وهو ما تحاشته واشنطن إلى حد بعيد حتى الآن. واتساقاً مع الرغبات التركية لم يتم حتى الآن إشراك "حزب الاتحاد الديمقراطي" في محادثات السلام التي تشرف عليها الأمم المتحدة في سوريا.

وقال خليل مستخدماً الاسم الشائع لـ"تنظيم الدولة": "فلنقل إن داعش انتهى غداً، وسوف ينتهي، فماذا عن الحل السياسي. ألن يسألوا ما هو الحل؟ وهو يحتاج خطة وأكثر الخطط منطقية هي اتحاد فيدرالي قائم على الجغرافيا لا على العرق أو الدين."

وكانت واشنطن قد أبدت معارضتها لإقامة مناطق حكم ذاتي بقيادة الأكراد في شمال سوريا رغم دعمها العسكري لـ"وحدات حماية الشعب".

وتهدف الجماعات الكردية إلى الحفاظ على حكمها الذاتي في إطار نظام حكم فيدرالي تقول إنه السبيل الوحيد لتسوية الصراع. وتقول تلك الجماعات إن الاستقلال ليس هدفها.

وما زالت تركيا تأمل أن تضطر واشنطن للاعتماد على دعمها بطريقة أو بأخرى في الهجوم النهائي على الرقة.

ومن المقرر أن يتوجه الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" إلى موسكو يوم الجمعة لإجراء محادثات مع الرئيس "فلاديمير بوتين".

وقال مسؤول تركي كبير إن التدخل التركي في سوريا لم ينته بعد.

وأضاف المسؤول: "في هذه المرحلة عملية درع الفرات لم تكتمل. ونحن نناقش الخطوة التالية مع حلفائنا. الولايات المتحدة قدمت بعض الوعود لها من قبل ونحن نعتقد أنها ستقدم هذا الدعم".




المصدر