on
الدواء المحلي مفقود في سوريا.. كيف تتسبب أجهزة الأمن والجمارك في تفريغ الصيدليات من العلاج؟
علي الأمين - خاص السورية نت
لم تتمكن "أم أحمد" من تأمين مضاد تشنج لطفلها الذي لم يتجاوز عامه الثالث بعد، فمعظم صيدليات العاصمة باتت تعتذر عن تقديم غالبية الأصناف الدوائية المصنعة محلياً ليحل مكانها المستورد والذي يكون سعره مرتفع جداً، نتيجة ضعف قيمة الليرة السورية مقابل الدولار.
وبالتالي يصبح ثمن الدواء المستورد أغلى بـ10 أضعاف عن مثيله المصنع محلياً، ولعل معاناة هذه المرأة لم تتوقف في تأمين هذا الدواء، حيث إنّ معظم أدوية الأطفال باتت نادرة في الصيدليات وتباع بأضعاف سعرها إن وجدت.
طبيب في مشفى المواساة وسط دمشق فضل عدم الكشف عن اسمه، يقول في تصريح "لـ"السورية نت": إن "مشكلة الدواء لا تقتصر فقط على أدوية الأطفال، إنّما تحولت إلى مشكلة جميع المشافي التابعة لنظام الأسد"، مؤكداً أن جزء من المشكلة تتعلق بالتهريب من قبل عناصر الجمارك وآخرين تابعين للمراكز الأمنية.
عصابات لتهريب الدواء إلى الجوار
وأيد الدكتور سالم، وهو موظف بإحدى شركات صناعات الأدوية محلياً، كلام الطبيب، قائلاً: "تعمل مجموعات طبية بالتواطؤ مع عناصر من الجمارك والقوات الكردية والدفاع الوطني في الحسكة لتهريب الدواء السوري إلى العراق، حيث يتم بيع الدواء بالقطع الأجنبي وبسعر يتجاوز عشرات أضعاف سعره في السوق المحلي، علماً بأن تلك الأصناف شبه مفقودة في معظم المناطق بسورية".
فيما أكد موظف سابق في وزارة الصحة التابعة لنظام الأسد لـ"السورية نت"، بأن "لوبي" داخل الوزارة تمكن من استصدار قرار لشحن الأدوية جواً إلى مدينة القامشلي في الحسكة، وذلك لتجاوز العقبات التي يواجهونها براً، كما تم إنشاء مستودعات مرخصة أصولاً لهذا الغرض في المحافظة، حيث تعتبر مركزاً لتهريب الدواء بالتعاون مع الجمارك والقوات الكردية هناك.
ويتابع الموظف السابق، بأن عملية الشحن تتم عبر الطيران العسكري وذلك لضغط تكاليف الأدوية بنحو (25-30)%.
أكبر المتضررين في سورية
يعتبر أصحاب الأمراض المزمنة كالسرطان السكر، أكثر المتضررين من نقص الدواء، حيث يعانون الأمرين في الحصول عليه أو تأمينه.
وأكّد أحد أطباء القلب بدمشق بأن دواء "النتيروغليسرين"، مفقود تماماً من السوق السورية، وهو ضروري جداً لآلام الصدر في حالة ضيق التنفس حيث لا بدائل عنه في سورية.
وشكى عبدالحكيم الخلف، وهو أحد مرضى السرطان بأنّ معاناته مع تأمين الجرعات المطلوبة للعلاج، بدأت منذ مطلع 2017 عندما طلبت منه الطبيبة المسؤولة عنه في مشفى البيروني شراء الجرعات من القطاع الخاص. ويتجاوز سعر الجرعة المخففة في القطاع الخاص، 40 ألف ليرة سورية، وهي تعادل دخل الموظف حكومي درجة أولى.
وأكدت تقارير صحفية، أن سبعة آلاف طبيب سوري غادروا البلاد من أصل 33 ألف طبيب مسجلين في نقابة أطباء سوريا. وقال نقيب أطباء لدى النظام عبد القادر الحسن العام الماضي: "إن نسبة الأطباء الذين غادروا القطر نتيجة الأزمة تقدر بـ20%، حيث يصل عددهم إلى نحو سبعة آلاف طبيب سوري من أصل 33 ألف طبيب منتسب للنقابة".
يذكر أن الاتحاد الأوروبي قدّر على لسان مفوضيته لـ"شؤون المساعدات الإنسانية والاستجابة للأزمات" عدد ضحايا الحرب السورية بأكثر من 360 ألف شخص، قضى منهم حوالي 200 ألف شخص بالأمراض المزمنة، وذلك بسبب سوء الرعاية الصحية وشح الإمكانات الطبية.