بين إيقاف الدعم و تجميده.. فصائل المعارضة أمام تحدي تأمين موارد بديلة


جمّدت الولايات المتحدة الأمريكية الشهر الماضي برنامج المساعدات المالية والعسكرية التي كانت تزود بها فصائل المعارضة السورية المعتدلة، وفق ما أكدته مصادر متعددة تعمل مع الجيش الحر، وأوضحت هذه المصادر أن إيقاف الدعم الذي كان يجري بإشراف وكالة الاستخبارات الأمريكية “CIA” جاء بدون أي إخطار سابق وبلا أي توضيحات، وشمل التجميد الأجور والتدريب والذخيرة وفي بعض الأحيان صواريخ موجهة مضادة للدبابات.

ورغم عدم تسلم أي من فصائل الجيش الحر المقاتلة رواتبها أو أي شحنات من الذخيرة والسلاح منذ نهاية كانون الثانون كانون الثاني أوضح القائد العام للفرقة الأولى الساحلية محمد الحاج علي في تصريح خاص لجريدة “صدى الشام” أن برنامج الدعم لم يتوقف وإنما حدث بعض التأخير بسبب الأحداث المتواصلة في إدلب وريف حلب الغربي، مؤكداً أن “الأمور ستعود لسابق عهدها خلال وقت قصير”.

وفي حين نفى حاج علي وجود أي شروط مسبقة من قبل غرفة الدعم “موم” لمعاودة البرنامج، ألمح بعض المتابعين إلى تعهدات طُلبت من الفصائل المقاتلة لضمان عدم وصول السلاح والمعدات لجهات غير مرغوبة، وإلى شروط أخرى تتعلق بتوحيد فصائل الجيش الحر.

ويأتي إيقاف المساعدات هذه المرة ليشمل المناطق التي تتواجد بها فصائل الجيش الحر في الشمال السوري مثل إدلب وريف حماه واللاذقية، بينما ما يزال البرنامج مستمراً في الجنوب، في حين تتلقى الفصائل التي تقاتل ضمن معركة “درع الفرات” دعماً عسكرياً ولوجستياً من الجانب التركي.

كما يأتي هذا القرار متزامناً مع جمود شبه عام في جبهات الفصائل المقاتلة مع النظام، وبالتوازي مع إجراء جولات محادثات سياسية في “جنيف” و”آستانا”.

 

 

 

عقوبات أو تخوفات

وحول أسباب هذا القرار قال قيادي بارز في “جيش العزة” أحد فصائل الجيش الحر بريف حماه الشمالي “إن هذا القرار لم يكن مفاجئاً لأن الجميع كان ينتظر مثل هذا اليوم”، وأوضح القيادي أنّ “المساعدات هي عبارة عن وسيلة ضغط يمكن سحبها في أي وقت وهي وإن كانت مهمة فهي غير مؤثرة كثيراً لأنها اقتصرت على مسائل لوجستية وذخائر وبعض الأسلحة الفردية والمتوسطة ولم يكن هدفها بأي حال مساعدة السوريين على التخلص من النظام بل إيجاد توازن فقط في الميدان”.

واستدل القيادي، الذي اشترط عدم ذكر اسمه لأسباب خاصة، على رفض “غرفة موم” تزويد فصائل الجيش الحر بأسلحة مضادة للطيران، وهي التي كانت ستحدث تغييراً واضحاً في المعركة، كما أكد أن الغرفة قطعت الدعم مراراً عن الفصائل وهي في معارك حاسمة لا سيما في الساحل وحماه بهدف التأثير وقطع الطريق أمام أية محاولة لتغيير ميزان القوى.

وربط القائد العسكري تعليق المساعدات في هذا الوقت بإخضاع الفصائل العسكرية لقرارات المؤتمرات السياسية المتواصلة، والتي توقع أنها لن تكون أبداً في صالح المعارضة، وتساءل في الوقت ذاته ” لماذا يتراجع الداعمون للمعارضة دائماً عن دعمها عند بدء أي محفل سياسي بينما يواصل النظام وداعموه ضغطهم عسكرياً أثناء المفاوضات؟”.

من جهة أخرى برر بعض المراقبين التخوفات الأخيرة التي أبدتها الولايات المتحدة الأمريكية والداعمون بالهجمات الأخيرة التي طالت عدداً من فصائل الجيش الحر بعد معركة حلب مثل “جيش المجاهدين” و”تجمع فاستقم” و”الفرقة 13 ” و”جيش النصر” وسيطرة جبهة “فتح الشام” و”لواء جند الأقصى” المبايع لتنظيم “الدولة الإسلامية” على عدد من مقرات هذه الفصائل وحيازتهم لمعدات وأسلحة كانت ضمن المستودعات وهو ما أدى لوقف البرنامج بشكل مباشر وفق رأيهم.

في السياق ذاته رأى الناشط الإعلامي بلال العمر أن “التحولات الأخيرة والاقتتال جعل الساحة مختلطة، وأثّر بشكل كبير على فصائل الجيش الحر التي كانت برأيه الضحية الأكبر”.

وقال العمر إن “غياب مشروع واضح للتوحد بين هذه الفصائل أدى لجعلها الطرف الأضعف في وقت كان الجميع فيه يبحث عن فرض قوته وسيطرته المطلقة على المناطق المحررة لا سيما بعد معركة حلب”.

وكانت العديد من فصائل الجيش الحر مثل  “ألوية صقور الشام”، و”جيش الإسلام- قطاع إدلب”، و”جيش المجاهدين”، و”تجمع فاستقم كما أمرت”، و”الجبهة الشامية – قطاع ريف حلب الغربي”  أعلنت انضمامها لحركة “أحرار الشام الإسلامية” بعد تعرضها لهجمات من قبل جبهة “فتح الشام”.

 

 

ما هي الحلول؟

تواجه الفصائل في حال استمرار توقف الدعم المادي والعسكري مشاكل كبيرة تتعلق أولهما بتوفير احتياجاتها اللوجستية، كما تساهم الرواتب التي يتلقاها المقاتلون حالياً والتي تتراوح بين 100 إلى 150$ في تأمين معيشتهم.

وفي حال استمرار تجميد الدعم المادي لا بد لهذه الفصائل من تأمين بديل يضمن استمرارها، لا سيما وأن هذه الفصائل لا تستحوذ على مصادر دخل أخرى .

وفي هذا السياق يرى عضو”قيادة مجلس الثورة” في اللاذقية مجدي أبو ريان أن توقف الدعم “ليس أمراً سلبياً بالمطلق لأنه سيحرر الفصائل المقاتلة من جميع الضغوط”، وفق رأيه .

ويؤكد أبو ريان أن الفصائل قادرة على تعويض هذا النقص من خلال إقامة مشاريع استثمارية في المناطق التي تسيطر عليها و من خلال فتح معارك جديدة ضد قوات النظام خلال الفترة القادمة وهو ما يؤمن لها موارد إضافية.

ويؤكد أبو ريان أن بعض الفصائل السورية المقاتلة انتهجت بالفعل منذ فترة سياسة تشجع على الاكتفاء الذاتي وبدأت بالانفتاح أكثر على المجتمع المحلي، واستصلاح أراضٍ زراعية، ومشاريع تنموية، وهو ما زاد من مواردها.

ونوّه أبو ريان في تصريحه لـ “صدى الشام” بأن الفترة الأولى ستكون صعبة على الجميع ومن الممكن أن تسهم في تسرب مقاتلين لكنه رأى في الوقت نفسه أن المؤمنين بقضية الثورة سوف يتابعون قتالهم ضد الأسد كما كان الحال بداية الثورة وحينها لم يكن هناك أي دعم أو رواتب.

جدير بالذكر أن فصائل المعارضة تعاني منذ فترة طويلة من تناقص الدعم المادي واللوجستي المقدم لها وذلك نتيجة الحصار وإغلاق الحدود التركية و نأي الدول الداعمة المساندة للثورة السورية عن تقديم المزيد من المساعدات.



صدى الشام