حكومة النظام تطيح بنائب محافظ طرطوس لكشفه سرقات جمعية موالية تدعمها اليونيسيف
14 آذار (مارس)، 2017
حذيفة العبد: المصدر
ليحفظ ما تبقى من ماء وجهه وبعد اتهامه بسرقاتٍ كان هو من كشف رأس الخيط فيها، تقدّم نائب محافظ طرطوس في حكومة النظام “علي حماد” باستقالته اليوم الاثنين، مستبقاً نتائج اجتماع مجلس المحافظة الذي كان وقّع على حجب الثقة عن نائب المحافظ وثلاثة أعضاء آخرين.
وتعود القصة إلى أربعة أشهر مضت، حين أمر محافظ طرطوس، صفوان أبو سعدى، بتشكيل لجنةٍ للتدقيق في عمل جمعية البتول النسائية، التي تفاخر بموالاتها لنظام بشار الأسد، ومع ذلك تتلقى دعمها من منظمات الأمم المتحدة (اليونيسيف ومفوضية اللاجئين). وأمر المحافظ نائبه بترأس اللجنة التي كشفت سرقاتٍ في الجمعية ورفع بذلك رئيسها تقريراً إلى المحافظ، الذي أحال الموضوع بدوره إلى إدارة قضايا الدولة في طرطوس لفتح تحقيقٍ في الموضوع، وفق كتابٍ حصلت “المصدر” على صورةٍ ضوئيةٍ منه.
الجمعية تردّ بادعاء
ولأن خير وسيلةٍ للدفاع هي الهجوم، ورداً على إحالة ملف الجمعية الموالية للتحقيق، رفعت إدارة الأخيرة بالاشتراك مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ومحافظة طرطوس ومديرية الشؤون في المحافظة دعاوى قضائية قبل نحو أسبوعين، بحقّ 32 شخصاً، بجرم اختلاس الأموال العامة وإساءة الائتمان، وذلك بناء على تحقيقات استمرت أكثر من ثلاثة أشهر إضافة لما قد تظهره التحقيقات لاحقاً من مبالغ مسلوبة، بحسب صحيفة “تشرين” الرسمية، مشيرةً إلى أن من بين المدعى عليهم، نائب رئيس المكتب التنفيذي في محافظة طرطوس، ورئيس مجلس إدارة جمعية البتول السابق وأمين المستودع السابق، ومدير الشؤون الاجتماعية في المدينة، وأعضاء في مجلس المحافظة وعدد من العاملين في الجمعية ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
وادعت هذه الأطراف أن من اتهمتهم استجروا سللاً غذائية لبيعها في السوق السوداء، حيث تتجاوز قيمة هذه المخالفات 100 مليون ليرة، كما أن نائب المحافظ تمكن من جمع عدد من الأشخاص في مجلس المحافظة من أجل التحقيق مع مجلس إدارة جمعية البتول، وحينها صدر القرار رقم 171 تاريخ 21/9/2016 الذي قضى بضرورة تشكيل لجنة للتحقيق مع مجلس الإدارة وشكل على إثرها محافظ طرطوس لجنة برئاسة نائبه.
وبحسب المعلومات الصادرة عن التحقيق، فقد ابتزّ نائب المحافظ المتورطين في الجمعية، بدلاً من التحقيق معهم، ثم اتفق مع رئيس مجلس الإدارة على تسليمه سللاً غذائية وصل عددها إلى 400 سلة على دفعتين، اشتملت الدفعة الأولى على 210، أما الثانية فقد حملت 190 وذلك بأسماء أشخاص ممن تمّ الادعاء عليهم، وتتراوح قيمة السلل ما بين 4-6 ملايين ليرة لأن قيمة السلة الواحدة تتراوح بين 10-15 ألف ليرة، وأحياناً تصل إلى 25 ألف ليرة في حال احتوت السلة على معلبات وأدوية.
من جهته، ادعى رئيس مجلس الإدارة في جمعية البتول، أن نائب المحافظ ضغط عليه وابتزه ليغطي على سرقة مجلس الإدارة لكون الأخير يرأس لجنة التحقيق في مخالفاتهم،
علماً أن محافظ طرطوس أرسل سابقاً الكثير من الكتب إلى فرع الأمن الجنائي للتحقيق في ممارسات مجلس إدارة البتول، ولأن هناك جهات أخرى كانت تحقق في هذه الممارسات فقد أخطر فرع الأمن الجنائي محافظ طرطوس والنيابة العامة بالكتاب رقم 839 تاريخ 13 تشرين الثاني العام الماضي، بأن هناك جهات أخرى تولت التحقيق في ممارسات مجلس إدارة جمعية البتول وسرقاته.
كشف الخيط فأوقعوه بالمصيدة
وفي معرض ردّه على اتهامات الجمعية بحقّ نائب المحافظ تحديداً، قال الطبيب إياد حسان مستنكراً “كيف يمكن أن يكون هذا الأخير قد أخذ السلل وقبل بعرضهم وهو الذي قام بالتحقيق وإحالتهم إلى الجهات المختصة وهو الذي وقّع على التقرير رغم أن عضو المكتب التنفيذي المختص بعمل الإغاثة بالمحافظة رفض التوقيع على التقرير مع العلم أنه من ضمن اللجنة الموكلة بالتحقيق، ولماذا هذا العضو المذكور الذي هو مسؤول بالإشراف سابقاً وحالياً لم يشير أو يذكر تلك التجاوزات وكيف يطوى إنذار سابق بحق رئيس تلك الجمعية من قبل المحافظ وعضو المكتب التنفيذي بالمحافظة المسؤول عن الإغاثة”.
وأضاف حسان أن الفاسدين زجوا باسم المهندس علي حماد في التحقيق، مؤكداً أنه مجرد ادعاء باطل بحقه.
المتهم يردّ بالاستقالة
بدورها، كشفت صحيفة “الوطن” الموالية للنظام اليوم الاثنين، أن نائب المحافظ المتهم تقدم باستقالته لمجلس محافظة طرطوس الذي عقد جلسته الدورية الثانية اليوم، ووافق المجلس على الاستقالة بالأغلبية المطلقة.
وأوضح المصدر أن رئيس المجلس ياسر ديب ناقش مع الأعضاء إجراءات حجب الثقة قبل إضافة الموضوع إلى جدول الأعمال مع طلب الاستقالة الذي تقدم به نائب رئيس المجلس والمكتب التنفيذي المهندس علي حماد استباقاً لحجب الثقة عنه برفقة ثلاثة أعضاء آخرين.
الذريعة الظاهرية التي قيلت لتبرير حجب الثقة، بحسب المصدر، كانت ضرورة التغيير لضخ دماء جديدة من أجل تحسين العمل، لكن الصحيفة الموالية أكدت في الوقت نفسه أن هناك اسبابا اخرى لم يعلن عنها من قبل ممثلي قيادة فرع حزب البعث اللذين حضرا الجلسة ولا من قبل رئيس الجلسة ولا المحافظ الذي لم يحضر الجلسة، دون أي إشارة لملف جمعية البتول الموالية.
ما هي جمعية البتول؟
لنتعرف أكثر على جمعية “البتول” الخصم والحكم في هذه القضية، أجرت “المصدر” بحثاً عنها في الشبكة العنكبوتية، فلم نجد لها موقعاً الكترونياً خاصاً، إلا أنها تنشر نشاطاتها على صفحةٍ خاصةٍ بها على “فيسبوك”، وتركز نشاطها في طرطوس ذات الغالبية الموالية للنظام.
وكما هو واضحٌ من اسمها، فإن الجمعية تقتصر على العنصر النسائي في مجلس إدارتها، وكانت أعادت انتخاب مجلس إدارةٍ جديدٍ للجمعية، مكون من سبع سيداتٍ.
وتفاخر الجمعية بموالاتها لنظام بشار الأسد، حيث تنتشر صور الأخير في جميع مكاتبها ومراكز نشاطاتها، عدا عن مشاركتها بلافتات تحيي بشار الأسد في المسيرات المؤيدة له، الأمر الذي يضع مهنيتها على المحك تجاه وقوفها على الحياد في صراعٍ سياسيٍّ وعسكريٍّ بين النظام الذي تؤيده ومعارضيه. وفي الوقت نفسه تفاخر الجمعية بدعمٍ يصلها من منظمات الأمم المتحدة، حيث نفذت عدة مشاريع موّلتها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين (UNCHR) وكذلك منظمة اليونيسيف الدولية.
[sociallocker] المصدر[/sociallocker]