on
ناشطون سوريون وثّقوا الثورة… حتى الموت
تصنّف سورية كأخطر المناطق في العالم على العاملين في الإعلام، حيث قتل واعتقل واختفى قسرياً المئات منهم، منذ انطلاق الثورة عام 2011. في تلك التظاهرات، برزت أسماء ناشطين كان صوت ثورتهم وصورتها، ودافعوا عنها بحياتهم.
واعتبر النظام السوري، منذ اللحظة الأولى للثورة، العمل الإعلامي، من أخطر النشاطات عليه، حيث لعب الإعلام دورًا كبيرًا في نقل حجم العنف الكبير الذي ارتُكب بحق المدنيين، إضافةً إلى القصف العنيف على المناطق السكنية، ما تسبب في مقتل مئات الآلاف وتدمير مدن وبلدات بالكامل، عرف خلالها مئات الإعلاميين والناشطين الإعلاميين على مختلف الأراضي السورية تصدوا لمهمة نقل ما يمارس على الشعب السوري، لكل منهم بصمته خلال هذه السنوات، تحتاج رواية قصصهم مجلدات، منهم ما زال يمارس مهمته ومنهم من قتل أو اعتقل أو اختفى قسرياً.
لمع، خلال سنوات الثورة، اسم كان دائماً متواجدًا في المظاهرات والمناطق الساخنة من حمص وريفها إلى ريف دمشق وإدلب وحلب وريفها. هو هادي العبد الله (1987)، ابن مدينة القصير في ريف حمص، والحامل إجازة في التمريض من جامعة تشرين السورية.
انخرط العبدالله في المظاهرات المناهضة للنظام في حمص عام 2011، وسرعان ما حمل جواله الشخصي وبدأ بتصوير المظاهرات وتحميل مقاطع الفيديو على مواقع التواصل، ونقل أخبار حمص عبر الفضائيات العربية.
وكان الناشط السوري في حي باب عمرو الشهير، والذي شهد مظاهرات حاشدة محمية من الجيش السوري الحر، حتى سيطرة قوات النظام عليه في عام 2012 إثر حملة عسكرية انتهت بتدمير هذا الحي بالكامل، ثم انتقل إلى مدينته القصير، حيث بدأ بالظهور العلني في وسائل الإعلام العربية والعالمية ناشطا إعلاميا، وناقلا للمجازر التي ترتكبها قوات النظام.
يقول ناشطون إنّ العبدالله كان أول من كشف وفضح مشاركة “حزب الله” في المعارك إلى جانب قوات النظام في القصير وفي منطقة القلمون، قبل أن يعلن الأمين العام للحزب حسن نصر الله ذلك بشكل رسمي، في أيار/مايو من عام 2013، فانتقل العبدالله إلى منطقة القلمون واستقر في مدينة يبرود إثر سيطرة النظام وحليفه حزب الله على مدينة القصير.
تابع العبدالله عمله الإعلامي، فقام بتغطية جانب من المعارك التي دارت في مدن وبلدات القلمون، وتخفّى عدة أشهر في منطقة القلمون بسبب ملاحقة “حزب الله” له، إلى أن استطاع بـ”صعوبة بالغة” الوصول إلى الشمال السوري في عام 2014، حيث اختار مدينة كفرنبل في محافظة إدلب مستقرا له، رافضا بـ”المطلق” الخروج من سورية كما فعل أغلب ناشطي الثورة السورية الذين غادروا “مضطرين” إلى بلدان أوروبية، وقد أصيب مؤخرا وفقد زميله المصور.
فاز الناشط السوري بجائزة منظمة “مراسلون بلا حدود” لحرية الصحافة للعام الحالي، الذي أهداها في تغريدة له على موقع “تويتر” إلى “خالد العيسى وطراد الزهوري وباسل شحادة ووسيم (العدل) وشامل (الأحمد)، إلى دماء الشهداء وكل من يمضي حاملا عدسته يقاتل بها ويقاوم”.
ولا ينسى السوريون “الشهيد الجميل” كما لقبوا الناشط الإعلامي والمصور الصحافي خالد العيسى، ابن مدينة كفرنبل بريف إدلب، والذي انخرط في المظاهرات السورية منذ 2011، ونقل العديد من مجريات الأحداث والمجازر في سورية، قبل أن يخرج من حي الشعار بحلب الشرقية مثخن بجراحه نتيجة عبوة ناسفة استهدفته مع زميله هادي العبدالله، إلى تركيا التي فارق بها الحياة.
كما يتذكر السوريون الناشط الإعلامي وسيم العدل، الذي قتل متأثرًا بجراحه الناتجة عن قصف الطيران الروسي على بلدة بنين بالقرب من معرة النعمان في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2015. يصفه الناشطون بأنه “أشجع فرسان الثورة الإعلاميين” كان من أهم الناشطين في محافظة إدلب، إذ رافقت عدسته بنادق الثوار في معارك التحرير في مدن إدلب وأريحا وجسر الشغور، كما رافق الثوار في معارك سهل الغاب، وريف حماة الشمالي”.
عمل العدل في العديد من وسائل الإعلام، حيث رصد أبرز التطورات الميدانية في محافظة إدلب عموماً، وفي مدينته معرة النعمان على وجه الخصوص، وكان من الناشطين الإعلاميين الذين يذهبون إلى الجبهات لرصد ما يجري رغم خطورة ذلك على حياتهم. وأسس قبيل وفاته “مركز المعرة الإعلامي” مع عدد من الناشطين الإعلاميين.
وفي مدينة حمص ومن داخل حي الوعر المحاصر منذ نحو 3 سنوات، آخر معاقل المعارضة في المدينة، برز اسم الناشط الإعلامي محمد السباعي. هو عشريني العمر، وطالب في كلية الاقتصاد الذي هجر جامعته لينخرط في الثورة السورية عام 2011، في حي باب السباع الذي شهد مظاهراته الأولى.
وعقب 5 أشهر، حمل كاميرا جواله وبدأ يصور المظاهرات وعمليات المداهمة للمنازل، حيث بدأ بنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وبعد فترة بدأ بالتواصل مع قنوات وصحف غربية وعربية لنقل ما يجري في حمص. ورغم اضطرار عائلته للنزوح إلى خارج حمص بقي في الوعر ينقل للعديد من وسائل الإعلام المكتوبة والمتلفزة أحداث القصف والجوع والموت، إضافة إلى نشاطه في “مركز حمص الإعلامي” الذي كان أحد مؤسسيه في نهاية عام 2013 بهدف نقل أخبار حمص وريفها.
واليوم، السباعي هو أحد المسجلين على قوائم التهجير إلى الشمال السوري، حيث يعتزم أن يتابع عمله الإعلامي.
أما الناشط والمصور الصحافي طراد الزهوري (1975-2013)، فهو ابن مدينة القصير، وكان حاضرًا في أولى المظاهرات التي شهدتها مدينته. نقل العديد من معارك ريف حمص ومعركة القصير والمجازر التي وقعت في المنطقة إلى جانب الناشط هادي العبدالله. وقتل في ريف دمشق جراء شظايا قذيفة هاون أصابته وهو يصور إحدى المعارك في القرب من يبرود.
صدى الشام