on
سوريا..6 سنوات من الصراع لكن نهاية الحرب بعيدة
هيومن فويس
بحلول اليوم تكون قد مرت ست سنوات على بداية الثورة في سوريا، التي كانت شرارتها احتجاجات في أنحاء مختلفة على بشار الأسد وحكم عائلته الذي يرجع إلى 40 عاما مضت. وقد تحولت هذه الأحداث إلى حرب لا هوادة فيها.
بعد انقضاء ست سنوات على بداية الثورة السورية التي تحولت إلى حرب طاحنة، أصبحت لبشار الأسد اليد العليا في ساحة القتال بفضل الدعم الروسي والإيراني، لكن لا يزال الصراع أبعد ما يكون عن النهاية بعدما انقسمت سوريا إلى مجموعة من الجيوب يحكمها أمراء حرب وقيادات معارضة.وبينما لا يعتقد سوى قلة قليلة من المراقبين المحايدين بإمكانية انتهاء الصراع قريبا، يستبعد آخرون أن يستطيع الأسد استعادة السيطرة على البلاد بأكملها، أو التوصل إلى اتفاق سلام.
وبحسب مراقبين فإن الوضع السوري قد يتجه في أحسن الأحوال إلى هدنة تخضع للمراقبة لفترة طويلة من الوقت في مساحة كبيرة من الأراضي السورية التي ستقسم فعليا بين القوى المتناحرة.
وخلال مفاوضات متقطعة دارت على مدى خمس سنوات بين الحكومة والمعارضة تحت رعاية الأمم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا، والآن برعاية روسيا وتركيا، كان رحيل الأسد هو النقطة الشائكة.
توقعات وواقعية
يقول السفير الأميركي السابق لدى دمشق روبرت فورد -الذي استقال احتجاجا على تردد الرئيس السابق باراك أوباما في الشأن السوري ولا يزال على اتصال بكثير من أطراف الصراع- “علينا أن نكون واقعيين، فهو لن يرحل”.
وتنبأ زعماء غربيون -بينهم أوباما- بأن الأسد سيسقط بسرعة، غير أن الأخير استمر في موقعه بفضل استخدام موارد الدولة والدعم الذي تلقاه من إيران وحزب الله اللبناني، وقاتل المعارضة ليصل الوضع إلى طريق مسدود.
وقبل عام ونصف، شاركت روسيا في الحرب إلى جانبه لتتحول كفة الميزان لصالحه.
وساندت معظم القوى الكبرى في العالم والدول الإقليمية قوات تعمل لحسابها في صراع معقد متعدد الأطراف، انقسمت فيه المعارضة ثم انقسم كل معسكر إلى جماعات أخرى.
وفي الوقت نفسه أعلن مقاتلون في تنظيم الدولة الإسلامية قيام دولة الخلافة الإسلامية في الأراضي التي يسيطرون عليها في سوريا والعراق.
وبذلك ازدحمت ساحة المعركة بالأطراف الدولية متمثلة في روسيا وإيران والولايات المتحدة وتركيا، بينما ظل الأسد في موقعه يردد أنه سيستعيد كل شبر في بلاده التي حل بها دمار واسع.
وضع معقّد
وأصبحت سوريا تواجه الآن وضعا قد يشبه وضع لبنان في مراحل عديدة من حربها الأهلية بين عامي 1975 و19900، عندما انقسمت إلى جيوب للمليشيات المتصارعة، شهدت خلالها البلاد فترات طويلة من الهدوء على صعيد العمليات الحربية وتخللتها أحداث مروعة.
ولا يتوقع المتخصص في الشأن السوري بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى آندرو تيبلر أن يضغط أحد على الأسد -لاسيما حلفاؤه في روسيا وإيران- لترك الرئاسة، لكنه يتصور ما قد يكون بديلا لتغيير النظام.
يقول آندرو “لا أتوقع أن تطلب منه روسيا أو إيران أن يتنحى، لكن علينا أن نتأهب لاحتمال أن يتعرض الأسد في هذا المناخ المتقلب للاغتيال بسبب كونه -هو شخصيا- حائلا أمام التسوية”.
ويقول مراقبون للوضع في سوريا إن وقف إطلاق النار الحالي غير المستقر الذي توصلت إليه روسيا وتركيا قد يتعزز، لكنهم يعتقدون أن الأسد سيتحرك في نهاية الأمر للقضاء على قوات المعارضة التي دفعت للتركز في ريف إدلب.
مع ذلك سيواجه الأسد وحلفاؤه على الدوام قيد القوى البشرية المحدودة الذي يزيد من إنهاك قواته كلما استعاد أرضا، ويجعلها عرضة لهجمات جماعات المعارضة ومقاتلي تنظيم الدولة.
ويؤكد ما يقع من هجمات دامية داخل المدن الخاضعة لسيطرة الحكومة وعلى مقار المخابرات العسكرية وغيرها، التهديد الذي يقول خبراء إن رفض الأسد التغيير أو تقديم تنازلات لن يؤدي إلا إلى تضخمه.
مناقشات وتحوّل
وفي هذا السياق يقول السفير السابق فورد بعدما أجرى مناقشات مؤخرا مع خبراء روس مطلعين على سياسة موسكو، إنهم يعتقدون أن الجيش السوري مرهق، وإنه سيكون من الصعب على الأسد استعادة السيطرة على البلاد بأكملها.
ويضيف أنه “لا بد من حدوث تحول عن المركزية، وهذا وارد بالطبع في مقترح الدستور الذي طرحه الروس”، حيث إنه لا يمكن للأسد حتى أن يأمل إدارة سوريا بقبضة السيطرة المركزية الحديدية التي كان يديرها بها في وقت من الأوقات، غير أن الأسد رفض هذا المقترح.
وفي ظل هذا الوضع تصبح النتيجة المرجحة هي استمرار التقسيم الفعلي لسوريا، حتى إذا استمر الأسد في تحقيق مكاسب إضافية.
ويقول فورد إن “السبيل الوحيد لتفادي التقسيم دون إبرام اتفاق سلام هو أن تستعيد الحكومة السورية البلاد كلها، وهذا قد يستغرق سنوات”.
من وجهة نظر مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما جوشوا لانديس فإن قوى كانت تطالب بإسقاط الأسد تزداد تقبلا لفكرة استمرار حكمه ولو بشكل ضمني.
غير أن لانديس وآخرين يرون أنه حتى إذا كانت الولايات المتحدة وروسيا وجيران سوريا يقبلون بقاء الأسد في جزء من سوريا، فليس معنى ذلك أنهم سيحتضنونه أو يسددون فاتورة إعمار البلاد.
ويضيف أن “العالم الغربي كله يكره الأسد وسيضغط عليه اقتصاديا.. سيصبح مثلما كان العراق في عهد صدام حسين”.
وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى المدنيين بلغ أكثر من مئتي ألف شخص، بينهم أكثر من 23 ألف امرأة، وأكثر من 24 ألف طفل، بينما تتحدث مصادر أخرى عن أرقام أعلى بكثير. كما تشير الأرقام إلى نزوح 6.9 ملايين مواطن داخل البلاد، وهروب 6.5 ملايين إلى الخارج.
المصدر: رويترز
- 7