on
ارتفاع الأسعار يجبر السوريين على تغيير نمطهم الاستهلاكي
تغيّر نمط السوريين الاستهلاكي نتيجة الغلاء وفوضى الأسواق، فقد شهدت الأسعار خلال السنوات الماضية ارتفاعات طاولت أكثر من صنف غذائي، بحيث بات الفلتان سيد الموقف في البلاد.
يقول الناشط عماد شباط، من منطقة دمر، بدمشق: بات المواطنون يشترون سلعا كالبندورة والخيار بالحبة الواحدة، بسبب ارتفاع الأسعار وعدم قدرتهم على شراء السلع الغذائية كالسابق، كما يشترون كميات قليلة من السكر والأرز، لا تتجاوز بضع غرامات، فيما تعتبر اللحوم أطباق الأغنياء وتجار الحرب، بعدما وصل سعر الكيلوغرام إلى 5 آلاف ليرة.
وبسبب ارتفاع أسعار اللحوم، ظهر ابتكار جديد من الشركات السورية، وهو تقديم “كفتة بديل اللحم”، وهي عبارة عن فول الصويا، تباع بالأسواق بسعر ألف ليرة للكيلوغرام الواحد.
ويؤكد شباط، لـ”العربي الجديد”، أن ما يسمى “الجهات المختصة” بالرقابة على الأسواق، سواء التابعة للمحافظة أو وزارة الاقتصاد، غائبة عن القيام بدورها الرقابي، فالتجار يحددون الأسعار وحركة الأسواق.
ويقول رئيس جمعية حماية المستهلك في دمشق، عدنان دخاخني: “هناك فلتان أسعار لا مبرر له رغم استقرار سعر صرف الدولار”، معلناً خلال تصريحات صحافية، عن محاولة لتعديل القانون 14 لحماية المستهلك، بحيث يكون دور الجمعية أكثر فاعلية في السوق، وتتمكن من اتخاذ إجراءات أكثر تشدداً وردعاً للمخالفات.
وفي الوقت الذي يغيب أي دور رقابي أو التزام بالتسعيرة الحكومية، أصدرت مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في دمشق نشرة لأسعار الخضر والفواكه، لا تعدو أن تكون حبراً على ورق، كما يصفها العديد من المختصين.
أسعار خيالية
وحددت المديرية، في النشرة التي اطلع عليها “العربي الجديد”، أسعار الخضار والفاكهة، وكانت على الشكل التالي: سعر الكيلوغرام من البندورة 150 ليرة، وسعر الكيلوغرام من البطاطا بنحو 250 ليرة، فيما يصل سعر الكيلوغرام من البصل إلى 225 ليرة، أما سعر الكيلوغرام من الليمون فيصل إلى 150 ليرة والتفاح إلى 240 ليرة.
ويقول الاقتصادي السوري، محمود حسين: “يعيش السوريون اليوم حالة تفقير وإذلال بكل ما للكلمة من معنى، إذ يرفض نظام بشار الأسد زيادة الأجور والرواتب التي لا تزيد عن 40 ألف ليرة، رغم علمه أن الحد الأدنى لتكاليف المعيشة هو 170 ألف ليرة”.
ويضيف حسين، في تصريح لـ”العربي الجديد”: “كيف يمكن لحكومة الأسد تبرير ارتفاع الأسعار بواقع ثبات سعر صرف الليرة منذ شهرين؟ وكيف لها أن تبرر فلتان الأسواق وابتعادها عن أي دور رقابي؟”، ليستدرك المتحدث نفسه، “إلا إن كانت لها مصالح بذلك ولديها تجار ومستوردون حصريون، تتركهم يتحكمون بلقمة عيش السوريين”.
ويلفت حسين إلى أن ما أعلنته حكومة الأسد أخيراً، من فتح الأسواق والسماح للقطاع الخاص بالاستيراد، إنما يخص مجموعة محددة من التجار.
أزمة السكر
وتشهد الأسواق السورية ارتفاعات سعرية كبيرة لبعض المواد الاستهلاكية، يأتي في مقدمتها الأرز والسكر، حيث أشار تقرير بحثي عن ارتفاع سعر كيلوغرام السكر في سورية بنحو 40 ضعفاً منذ عام 2010. إذ كان سعر الكيلوغرام نحو 10 ليرات سورية، ليرتفع خلال 6 سنوات ويصل إلى نحو 400 ليرة سورية.
وبحسب التقرير، ارتفع سعر كيلوغرام السكر خلال عامي 2010-2011 إلى 25 ليرة سورية، قبل أن يصل خلال عام 2012 إلى نحو 60 ليرة سورية.
وفي عام 2013، استمر السكر بالارتفاع، وتراوح سعر الكيلوغرام بين 125 و135 ليرة سورية، في حين أعلنت الحكومة في منتصف العام 2014 انخفاض إنتاج سورية من محصول الشمندر السكري الاستراتيجي لأدنى مستوى له منذ 50 عاماً، وتراوح سعر الكيلوغرام بين 150 و170 ليرة سورية.
ووصلت أزمة السكر، بحسب التقرير، إلى أعلى مستوى لها مع بداية العام 2015، عندما قالت المؤسسة الاستهلاكية إن لا موعد محددا لعودة توزيع السكر المقنن والذي يباع بسعر مدعوم للمواطنين، وتجاوز سعر الكيلوغرام 200 ليرة سورية، علماً أنه منذ ذلك التصريح لم يتم توزيع أي قسائم تموينية لمادتي الأرز والسكر.
وفي عام 2016، كشفت إحصائيات رسمية أن سورية تستورد 500 ألف طن سنوياً من السكر.
وبحسبة اقتصادية، إذا اعتبرنا أن الفرد يستهلك سنوياً نحو 45 كيلوغراماً من السكر، يعني أنه يدفع نحو 450 ليرة سنوياً في 2010، فيما يدفع نحو 18000 ليرة على أساس سعر 450 ليرة، وهو السعر الذي وصل إليه السكر العام الماضي.
وفي تتبّع لأسعار السكر عالمياً، فإن طن السكر يباع بين 390 و400 دولار، أي حوالي 208 آلاف ليرة سورية، وبالتالي فإن كلفة الكيلوغرام الواحد تصل إلى 208 ليرات سورية، تضاف إليها أجور شحن وتخليص جمركي بنحو 50 ليرة للكيلوغرام، ليكون رأسماله على المستورد بـ258 ليرة سورية، في حين يباع في السوق السورية بسعر 440 ليرة سورية، أي أن التجار يربحون في الكيلوغرام الواحد 182 ليرة سورية.
صدى الشام