بيان من حزب الشعب الديموقراطي السوري .. في الذكرى السادسة لانطلاق الثورة السورية


مع الذكرى السادسة لانطلاقها تمر الثورة السورية المباركة في أصعب مراحلها وأقساها، إذ بلغت حصيلة القتل والتدمير والتهجير حدودا هائلة لم يكن ممكناً تصورها، من دون أن يحرّكَ المجتمع الدولي أية آليات للردع أو العقاب توقف آلة الإجرام المنظم التي يقودها نظام آل الأسد

ولكن، على الرغم من ثقل الكارثة، لا بد من الوقوف أمام ذكرى الثورة، والنظر في الحالة التي وصلنا إليها، وفي المسار الذي أوصلنا إليها، ثم إلى الأفق الذي يمكن أن يساعدنا المسير باتجاهه على النهوض والتعويض.. وشعبنا يستحق ذلك!

ذروة المنعطف كانت في حلب الشهباء، التي يمكن الحديث طويلاً عن سياقاتها ودلالاتها، وعن دور الآخرين فيها.. إلا أن الأجدر بنا ، كسوريين وقفوا مع الثورة، نقد ذواتنا، التي استسهلت الارتهان إلى أطراف خارجية تتفق فنتفق، وتتعارض فنتعارض، والتي استسهلت الإيديولوجية الدينية كعقيدة قتالية، عوضاً عن الوطنية السورية الجامعة  وشوق الحرية والكرامة٬ فانساقت بسهولة وانزلقت إلى التشدد والتطرف وبعضها إلى الإرهاب، من باب الدخول في المزاودة على روح الشعب السوري وتديّن أبنائه، ومن باب الخروج من الجغرافيا إلى التاريخ٬ وحتى تكفير الثوار وملاحقتهم بقوة الإرهاب! من هنا خرجت حلب من أيدي أهلها إلى أيدي النظام من جديد. لو لم يكن هذا التدهور لما كان ذلك الارتهان، ولما أمكن للأسد رغم كل الدعم غير المحدود من حلفائه الروس والايرانيين أن يحقق انتصاراً!

وما جرى بعد حلب في وادي بردى ويحدث في الوعر ويُخشى أن يحدث في الغوطة الشرقية من سياسات التدمير والتهجير القسري ذات البعد الطائفي،  هو سياق متصل ومنطق واحد، يعبر عن انحطاط الحالة ابتداءً مما تلا عام الثورة الأول. ذلك العام المجيد الخالد الذي ابتدأ في أواخره مسار العسكرة فالأسلمة.

ولا يمكن لنا ولا لأحد بالطبع أن يلوم على حمل السلاح للدفاع عن المدنيين العزل الذين ابتدأوا بالتساقط بالعشرات ثم بالمئات صرعى نيران غدر النظام، أو انشقاق الشرفاء من العسكريين عن تنفيذ أوامر سلطة الاسد عن قتل شعبهم ، وليس ذلك الدفاع هو المقصود بما نقوله عن العسكرة. بل ذلك التشجيع المتسارع من قبل فئات بعينها ومن قبل النظام – موضوعياً وذاتياً- على إحلال العسكري بديلاً عن المدني، ومن ثم بديلاً عن السياسي ورافضاً لأحكامه، متحولاً عنه إلى حيث تصبح الساحة مسكونة بأجواء الارتهان للقوى الخارجية، ولتوليد أمراء الحرب .

كما لا يمكن لأحد أن يلوم مواطناً يواجه الموت على الاعتصام بربه ودينه، ولكننا نلوم ونحمل المسؤولية لأولئك التجار الذين ذهبوا بعيداً في أسلمة الثورة وتطييفها، وأوصلوا أجزاءاً منها بالمزاودة إلى التطرف وإلى تشكيلات القاعدة بمختلف تسمياتها التي تتغير مع تغيّر مصدر التغذية والدعم وحاجة الأمير. وحين تتطيف ثورة وطنية وتغالي في الأسلمة لا بد أن تنزلق بالبلاد إلى درجة أدنى من تلك التي أوصلها إليها النظام القاتل.

نحن في حزب الشعب الديموقراطي السوري، ندعم التوجه إلى حل سياسي يختصر طريق الدم، ونؤيد عملية سياسية تؤدي الى انتقال سياسي حقيقي، على أساس بيان جنيف ١ وقرارات مجلس الأمن المعنية، والتي نعتقد أنها لا يمكن أن تتطور ما لم يسبقها مباشرة تنفيذ إجراءات بناء الثقة، بما في ذلك الإفراج عن المعتقلين وإنهاء حصار المناطق المحاصرة وتحقيق وقف إطلاق النار بشكل حقيقي وشامل وقابل للمراقبة..

ولكننا نؤمن في الوقت ذاته  أننا لن نصل إلى مثل هذه التسوية، أو أنها لن تكون لمصلحة الشعب ومستقبله، ما لم نواجه ما جرى في الأعوام الأخيرة- والعام الأخير خصوصاً-  انطلاقاً من رؤيتنا لجذوره وأسبابه، ولن ننهض ولن نستعيد ثورتنا المغدورة. لن يتوقف سيل الدم المسفوح، وتدمير البلاد وتهجير من لم يُقتل من أهلها، ولن يكون حل سياسي حقيقي لا في آستانا ولا في جنيف  ما لم يعد السوريون إلى أنفسهم وينتظموا في سلك واحد ينعقد على الوطنية والديموقراطية وعلى الحرية والكرامة التي خرجنا من أجلها.

لا بد أن تنتهي هذه الأدوات السياسية التي استُهلِكت وانتهت إلى هياكل تقرقع مع الريح ولا فعل ولا نتاج، ولا بدّ لقوى الثورة الوطنية والديموقراطية أن تنتفض أولاً بذاتها وعلى ذاتها ليظهر من بينها من يستطيع الحياة فيتحد مع الآخرين على قلب واحد وبرنامج واحد.

لنطلق معاً في ذكرى الثورة السادسة نداءاً من أجل المراجعة والنهوض، من أجل وحدة الديموقراطيين ووحدة الشعب..

وعاشت سورية حرة وطناً ومواطنين

17/3/1017

حزب الشعب الديموقراطي السوري

الهيئة القيادية المؤقتة





المصدر