إلى علي الشهابي .. إذا هُزمت السعودية في سورية لتحزموا حقائبكم في الرياض
19 آذار (مارس)، 2017
عماد أبو سعيد – المصدر
نُقل عن رئيس المؤسسة العربية في السعودية ،علي الشهابي، وهو عضو في الوفد المرافق للأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن قوله: ” إن المملكة تنظر إلى سورية كمعركة خاسرة ، وإن العسكريين المحترفين يدركون المعارك الخاسرة” كما نقل عنه :”الرئيس ترمب يتفهم أن الصراع بين السعودية وإيران هو معركة وجودية”.
هذا التصريح بشأن “معركة سورية الخاسرة” وإن بدا بحسب ما تم تداوله وكأنه منتزع من سياقه، إلا أنه يستدرج عدة تساؤلات حول ما إذا كانت وجهة نظر السيد الشهابي مستجدة بنيت على أساس ما سمعوه من الإدارة الأمريكية الجديدة أم إنه رأي أو موقف أو قناعة سعودية سابقة للقاء، وفي كلا الحالتين هو رأي يتناقض مع حقيقة “إن الصراع بين الرياض وطهران هو معركة وجودية”، إذ أن إقرار السعودية بالهزيمة في سورية هو بحد ذاته مقدمة لهزيمتها في معركتها الوجودية مع المشروع الإيراني.
كل المواجهات الدائرة مع أدوات إيران المذهبية من اليمن إلى البحرين مروراً بالعراق وصولاً إلى داخل السعودية ذاتها، هي معارك ثانوية بالنسبة لطهران أو جبهات مساندة لها في حربها داخل سورية ، والمفترض أن الرياض تدرك ذلك، بل تدرك أن تحريك الحوثيين في اليمن كان هدفه المباشر هو الضغط على السعودية في خاصرتها الأمنية، وبالتحديد السعي إلى مقايضة اليمن بسورية، وهو ما أعلنه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، عدا أن الجبهة السورية هي الوحيدة التي استنفرت إليها طهران المقاتلين من كل مناطق نفوذها امتداداً إلى أفغانستان وباكستان بما فيها العراق بما يزيد عن 60 ميليشيا بأكثر من 100 ألف مقاتل، إضافة إلى تدخل عسكري مباشر من حرسها الثوري وجيشها النظامي.
لا يحتاج المشهد السوري إلى عباقرة عسكريين أو محللين سياسيين لقراءته كما أفادنا “السيد الشهابي”، وهو لا يتجاوز ما قرأه قادة إيران، ومفاده أن انهيار مشروعهم في دمشق نتيجته الحتمية انهيار طموحهم الإمبراطوري على امتداد المنطقة، في حين أن استمرار احتلالهم لها يعني أن طريقهم لا تزال ممهدة نحو الرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة، مهما قدمت إدارة ترمب من ضمانات للملكة ودول الخليج، وهي عموماً مؤقتة لا يعول عليها استراتيجياً، بل يفترض أن السعودية استوعبت درس أوباما، القابل للتكرار سواء أكمل ترمب ولايته الرئاسية أم عزل من منصبه، كما تشير بعض التوقعات.
ما لم يراه السيد علي الشهابي المأخوذ بالجلوس في حضرة ترمب على ما يبدو، أن هذا الأخير يغير مواقفه أكثر مما يغير ملابسه ، وأن سلوكه في سورية حيث تدور المعركة الفاصلة مع إيران، ويجري الصراع على هويتها العربية، هو أقرب إلى اقتسام المصالح والقواعد العسكرية مع روسيا ومن خلفها إيران، وتكريس تقسيمها إلى مناطق نفوذ، في وقت تلاشت فيه تصريحاته وتغريداته التوتيترية المهددة لطهران وقادتها واتفاقها النووي بالويل والثبور وعظائم الأمور.
ولعل السيد الشهابي لم يتابع التقارير الإعلامية التي تتحدث عن تعيين الخارجية الأمريكية للسيدة “سحر زادة “ضمن فريق الرئيس ترمب لتخطيط السياسات عن منطقة إيران والخليج، وهي التي شغلت منصباً مهماً في إدارة الملف الإيراني في مجلس الأمن القومي في إدارة أوباما، عدا عن الدور الذي لعبته سابقاُ في المجلس الوطني الإيراني الأمريكي )وهو بمثابة لوبي إيراني لعب دوراً هاماً في التقريب بين نظام طهران وإدارة أوباما، وفي الترويج للاتفاق NIAC (
النووي. هذا إذا تم التغاضي عن توقيع ترمب “بصفته تاجر” على إتمام صفقة بيع إيران 80 طائرة بوينغ كانت وقعتها العام الماضي إثر رفع العقوبات الاقتصادية عنها، وهي وقائع لا تتسق بمجملها مع أداء الإعلام السعودي وتصويره موقف ترمب، وكأنه على وشك إعلان الحرب الشاملة على إيران، كما لا يتفق مع السياسة السعودية التي أطلقها الملك سلمان فور اعتلائه العرش في المواجهة مع إيران بالاعتماد على قوة السعودية ونفوذها ، وهي قوة لا يستهان بها، وبدت رغم خذلان حلفاء مفترضين للملكة مثل الولايات المتحدة زمن أوباما ومصر وباكستان هي سياسة صائبة استراتيجياُ ويمكن التعويل عليها على المدى المتوسط الطويل بالاستناد إلى شركاء إقليميين ، خلافاً للاتكاء على تحالفات مؤقتة وتكتيكية رغم أهميتها حتى لو كانت مع الإدارة الأمريكية، التي غادرها الرئيس إيزنهاور منذ زمن طويل إلى الآخرة، ولن يعود إليها لا هو ولا التوازنات والمصالح الدولية التي سادت وحكمت وتحكمت في زمنه.
[sociallocker] [/sociallocker]