خروج أول دفعة من “حي الوعر” وصمة عار جديدة على جبين البشرية


تبدو صورة التهجير اليوم في حي الوعر وكأنها التقطت من فيلم سينمائي معروف من سلسلة سياسة تهجير قسري ممنهج للأهالي في مناطق المعارضة، بعد تضيق الخناق وتكثيف النيران، لتطرح قرارات متاحة أمامهم لوجهة النزوح بعد توثيق مكتب التسجيل للحيّ أسماء نحو 20 ألف مدني سيخرجون من الحي طيلة الأسابيع الثمانية القادمة.

عشرات الآلاف من مدنيي الحي باتجاه طرطوس ونحو 6 آلاف باتجاه إدلب و3 ألاف باتجاه ريف حمص، ورجح إلا أن أعداد الراغبين بالخروج خوفاً من أي عمليات انتقام قد ينفذها النظام ضدهم، رغم التطمينات التي قدمها الجانب الروسي باعتباره الضامن والوسيط في هذا الاتفاق.

مع تفاقم الأزمة الإنسانية يتواصل وصول أهالي الحي لأماكن تواجد الباصات الخضر وهم يحملون ما خف وزنه من أمتعتهم وما سلم من قصف النظام طيلة سنوات حصارهم الخانق، ربما فقط القليل من الذكريات، أنظار مشدودة لقافلات يعتقد بأنها ستغير مجرى حياتهم للأفضل بدعاء و رجاء الكثيرين منهم، ومنهم من ينظر للمجهول بحذر وتخوف كون التشريد لا يقلل من الآلام.

نحو 1500 مدني بينهم 150 مقاتلا من المعارضة خرجوا من الحي كدفعة أولى من المهجرين باتجاه جرابلس بريف حلب الشرقي، بالطبع أولوية الخروج في هذه الدفعة كانت للمصابين وأصحاب الأمراض المزمنة، يرافقهم فيها الهلال الأحمر السوري على أن تتكفل القوات الروسية بحماية القافلة أثناء مرورها من المناطق التي يسيطر عليها النظام.

ليظهر السؤال المقلق أمام جموع المهجرين، ماذا بعد التهجير؟
هل ستمتد عجلة السياسة في الأزمة السورية بعد عدم إسفار جولات المفاوضات المتكاثرة عن أي شيء يوقف نزيف الدم السوري؟.

وبكلام اليائس الحزين أخبرنا “أبو عمر” أحد سكان الحي المهجرين قائلاً “إنها لحظات لا تنسى.. شعور اليأس والاستسلام لهموم ومشاكل حياة مريرة، سأتذكر ركام منزلي المكدس وأسطح الأبنية التي عانقت الأرصفة.. صورة المشاهد هنا في حي الوعر تلمس الروح والقلب معاً”.

سارعت هيئات ومؤسسات الإغاثة التركية والمحلية بإنشاء مخيم لاستقبال الأهالي المهجرين قسراً من حي الوعر، وحرصت على أن يكون المخيم مخدماً بكل شيء ليكون صالحاً للسكن، على العلم أن مدينة جرابلس كانت تخضع لسيطرة تنظيم الدولة قبل تحريرها من قبل مقاتلي الجيش السوري الحر.

ترك أهالي الحي وراءهم وطناً يحتضر وقبور أحبائهم المقربين، لكنهم حملوا ما قل وزنه على الجسد وأنهك الروح على التحمل راجين من الله العودة كما أخبرنا “أبي عمر” حين مواصلته للحديث معنا ” لن نترك أرض الأجداد ولو أخرجنا منها مكرهين.. مع خيارنا الوحيد نضع وصمة عار جديدة على جبين نظام فقد معايير الانسانية.. سنعود لنغرس أزهار الليمون مجدداً عندما ينفك لجام الصمت الدولي”.

– بيان الأحمد




المصدر