خمول جبهات القتال وعلاقتها بالمحادثات السورية


عبد الرّزاق الصّبيح: كلّنا شركاء

تترافق المحادثّات الدّولية بخصوص الأزمة السورية في هذه الأيام مع برودة تشهدها أغلب الجبهات مع قوات النظام، وتأتي المحادثات في أغلبها لصالح النظام، والذي يصعّد من قصفه وغاراته على المناطق المدنية التي خرجت عن سيطرته، والبعيدة عن مناطق التماس. ومع نهاية العام 2016، وبداية العام 2017، زاد الحديث عن حلول سلمية في سوريا، عبر الكثير من المؤتمرات الدولية.

وكانت قد بدأت الأطراف الدّولية بمحادثات في جنيف تلتها اجتماعات أخرى في أستانة في كازاخستان، وكانت تجمع النظام مع المعارضة، برعاية روسيا وتركيا وإيران، وكانت تنتهي في كلّ مرة كما بدأت، دون التّوصل إلى حلول، أو حتى التخفيف بعض الشيء عن الشّعب السوري.

وعلى الرغم من الهدن التي كانت تتزامن مع المحادثات، تستمر الضربات الجويّة والغارات على مواقع الثوار، وعلى كثير من المواقع المدنية، بالإضافة إلى استهداف البنى التحتية والمستشفيات والمؤسسات الخدمية حديثة المنشأ، في حين شهدت تلك الفترة بروداً في جبهات القتال مع النظام، حيث كان الثوار في هذه الفترات ينتظرون مخرجات المؤتمرات الدوليّة، ويجدونها فرصة لإحراج النظام أمام العالم.

وكانت جبهة الريفين الغربي والجنوبي لحلب، والتي تعدّ من أكبر الجبهات السّورية وأطولها، والتي تزيد على مئة كيلو متر، من جنوب حلب إلى غربها وشمالها، حافظت هذه الجبهات على فترة هدوء طويلة، بعد سيطرة النظام على كامل مدينة حلب، باستثناء اشتباكات محدودة في مناطق التماس بين الطرفين.

كما أن جبهات الرّيف الغربي والشمالي والجنوبي لحماة، تشابه إلى حد كبير مثيلاتها في ريف حلب، وكان المشهد يختلف بعض الشيء في ريف اللاذقية، والذي شهد محاولات عديدة من قبل قوات النظام للسيطرة على نقاط أكثر هناك.

وجبهة بلدتي الفوعة وكفريا المواليتين في ريف إدلب والمحاصرتين من قبل الثوار، والتي تعدّ أصغر الجبهات، أيضاً شهدت هدوءاً تاماً، في الوقت الذي كانت تخرق فيه قوات النظام الهدنة المزدوجة، وتلقي طائراته الحافظات فوق البلدتين المحاصرتين.

وتأتي هذه الهدن لصالح النظام في أغلب الأحيان، حيث ينصرف لقصف المدن والقرى والبلدات البعيدة عن جبهات القتال، فقد شهدت فترات انعقاد المؤتمرات العديد من المجازر بحق المدنيين في مدينة إدلب ومعرة النعمان وكفرنبل وبلدة حاس ومناطق أخرى من سوريا.

وكانت قوات النظام تجد في ذلك فرصة من أجل أخذ استراحة، وتكتفي باستهداف مناطق الثّوار بالأسلحة الثقيلة بعيدة المدى، في حين تكتفي فصائل الثوار بتعزيز مواقعها والرّد في بعض الأحيان.

وفي حديث خاص لـ “المصدر”، قال (أبو أحمد) القائد العسكري في جيش النصر: “في وقت الهدنة في سوريا، والتي ترافق المؤتمرات الدّولية، ننصرف إلى تحصين الجبهات العسكرية في مناطق الاشتباكات مع نظام الأسد، ونقوم بتعزيز نقاط الرباط والمراصد العسكرية المتقدمة”. مشيراً إلى أنه في حال خرقت قوات النظام الهدنة يقومون بالرد.

وعن الفائدة من الذهاب إلى المؤتمرات الدولية، في ظل عدم التزام النظام بالهدن، قال أبو أحمد: “صحيح أن نظام الأسد لم يلتزم على الأرض في جميع المحادثات السابقة، ولكننا في كل مرة نحقق نصراَ سياسيا، ولكن وقوف قوى كبرى لصالح نظام الأسد يمنع تحقيق أي تقدّم”.

ويستفيد النظام في كل مرة، ومع كل هدنة تجري في سوريا، ومع وقوف كبرى الدول لصالحه، بينما تكون أغلب الهدن من طرف واحد، وتكون نذير شؤم على المناطق المدنية التي تتعرض للغارات الجوية والقصف، ولكنها فرصة أخرى للثوار وللنظام من أجل أخذ استراحة محارب في حرب طويلة امتدّت عدّة سنوات.





المصدر