هدنٌ ناجحةٌ بين النظام والثّوار بعيداً عن الأوصياء

20 آذار (مارس)، 2017

4 minutes

عبد الرّزاق الصّبيح: كلّنا شركاء

اتّجهت بعض المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام إلى إبرام اتفاقيات ثنائيّة مع الأخير، وبوجود وسطاء سورييّن بعيدين عن أوصياء الخارج، وقد تم توقيع العديد من الهدن الناجحة منذ مطلع العام الرّابع للثّورة.

أولى هذه الاتفاقيات في ريف حماة الغربي، بمدينة قلعة المضيق، وتم إبرامها بعد سيطرة قوات النظام على القلعة الأثريّة، ذات الموقع الاستراتيجي. وانتقلت بعد ذلك إلى مصالحة في بلدة كفرنبودة، والتي تبعد أمتار قليلة عن قوات النظام في قرية المغيّر شمال غرب حماة، ولاحقاً انضمّت مدينة حلفايا حديثة التّحرير إلى المصالحات، وتجري مفاوضات من أجل انضمام مدن جديدة.

ويساهم في هذه الاتّفاقيات على الغالب ضباط متقاعدون، ومدنيّون من أصحاب الوظائف الرفيعة في مناطق النظام، ويسكنون في مناطق الثّوار، ولديهم علاقة قوية مع النظام، ومكانة اجتماعية، ومن جهة النظام يكون على الأغلب قادة في مواقع عسكريّة قريبة من هذه القرى والبلدات، التي تشملها الهدن، وبالتّنسيق مع النظام.  

وتنصّ هذه الهدن والاتفاقيّات في أغلب الأحيان، على عدم استهداف الثوار مواقع قوات النظام بالأسلحة الثقيلة، وعدم فتح معارك في هذه المناطق، على تلك الجبهات، وكذلك إبعاد مقرّات الثّوار عن تلك المدن والبلدات.

ومن جانب النظام، يتعهّد فيها بعدم استهداف المدن والقرى والبلدات التي شملتها الهدن، سواء بغارات طائراته الحربيّة أو حتى طيران الرّوس، أو أي نوع من أنواع الأسلحة الثّقيلة والخفيفة، وفي بعض الأحيان، يتعهد النظام بإيصال الكهرباء لتلك المناطق.

وشهدت بعض هذه الهدن خروقات من قبل النظام، ولكنها كانت محدودة، وغالباً ما كانت تتطوّر هذه الهدن، لتأخذ شكل معابر بين الطّرفين، يكتفي كل طرف بوضع حاجز بعيد بعض الشيء عن الآخر، ومنها يتم خروج ودخول المواطنين إلى مناطق النظام.

وتصبح منطقة التّماس في هذه المناطق معابر سوريّة سوريّة، لتتحوّل إلى مناطق تبادل تجارية للسلع والبضائع، بين مناطق خرجت عن سيطرة النظام ومناطق لا يزال يسيطر عليها، وتعود بفوائد ماديّة كبيرة جداً على النظام وعلى تلك المناطق، كما أنها مناطق لاستقبال المهجّرين، ومناطق تبادل أسرى بين الطّرفين.

ويرى بعض المدنيّين أن تلك طريقة لعودة الكثير من المدنيّين النّازحين والمشرّدين إلى منازلهم، وعودتهم إلى أعمالهم، وأنّ السّياسية والسّلاح لم تستطع أن تقدّم لهم شيئاً، بينما يرى آخرون أنّ ذلك يجعل النظام يقوم بالتّصعيد بالغارات الجوية في مناطق على حساب مناطق أخرى، مما يزيد في فاتورة الدّماء والتّدمير، وأنّ ذلك يساعد النظام على حسم المعارك لصالحه في مناطق أخرى بعيدة.

وهذه المناطق حسّاسة جداً بسبب موقعها، حيث تسهم محطّة محردة الحرارية الكهربائية، بتغذية العديد من المناطق الموالية للنظام بالكهرباء، ولا سيما أنها تبعد أمتاراً قليلةً عن مدينة حلفايا، التي تقع تحت سيطرة الثّوار.

وربما تنجح هذه الهدن في كثير من الأماكن، ويمتنّع النظام وبعض الثّوار على تكرارها في مناطق أخرى، ولكن ما كان لهذه الاتّفاقيات أن تنجح لو أنّ الوساطة الخارجية دخلت فيها. ويرى الكثير من السّوريين المعارضين، أنّهم أصبحوا تكملة عدد في أغلب المؤتمرات الدّولية، والتي يتم التّفاوض فيها فقط على مصالح تلك الدّول والتي تدّعي دعمهم، كما يقولون.

[sociallocker] المصدر
[/sociallocker]