on
عشرات المخطوفين بين درعا والسويداء.. والقضية تصل لمراحل خطيرة
عاد كابوس الخطف المتبادل بين أهالي السويداء ودرعا بشكل كبير خلال الأسابيع القليلة الماضية، وذلك عبر عشرات الحالات التي استهدفت أهالي ريف درعا الشرقي ومحافظة السويداء، ولعلّ التطور البارز في هذه القضية كان سقوط أول قتيل من درعا بعدما عجز أهله عن دفع الفدية التي طلبها الخاطفون والتي ارتفعت مؤخراً لأرقام قياسية.
ورغم أن هذه الحوادث لا تعتبر جديدة بين أهالي الجبل والسهل إلا إن الناشطين في كلا المنطقتين يرون أن هذه القضية انحدرت لمستويات قياسية خلال الأيام الأخيرة وباتت تنذر بفتنة كبيرة ما لم يتدخل العقلاء من كلا الطرفين لوقف هذه الحوادث.
وقال الناشط الإعلامي في محافظة درعا ياسر الزعتري إن “أكثر من 40 مدنياً نازحاً من محافظة درعا ما زالوا مختطفين لدى عصابات تمتهن الخطف في السويداء منذ مايقارب عشرة أيام”، وأوضح الزعتري أن “هذه العصابات ترفض إخراج أي منهم قبل أن يتم دفع مبلغ 10 آلاف دولار أمريكي، أي ما يعادل 5 ملايين ليرة سورية عن كل مختطف”.
تجارة رائجة
وأضاف الزعتري في تصريح خاص لـ “صدى الشام” أن الأمور أخدت منحى إضافياً من التصعيد بعد أن كان يقتصر سابقاً على المال والخطف المضاد لأجل تحرير الرهائن، وذلك بعد قتل العصابات للشاب “حسين سليم السكري” من بلدة الكرك الشرقي بريف درعا قبل حوالي الشهر.
ووفقاً للزعتري فقد اختُطف السكري أثناء وجوده في عمله ضمن أحد مطاعم السويداء الأسبوع الفائت، وطالب خاطفوه بدفع مبلغ 40 ألف دولار مقابل إطلاق سراحه، إلا أن ذوي الشاب لم يتمكنوا من جمع المبلغ أو اختطاف أحد للمبادلة به كما جرت العادة، مما دفع خاطفيه إلى تعذيبه والتنكيل به وقتله، ثم رميه جثة في البساتين، كرسالة مرعبة إلى الأهالي.
وأشار الزعتري إلى أن ما وصفه “تجارة الخطف” باتت اليوم رائجة بشكل كبير بتشجيع من ميليشيات النظام وأجهزته الأمنية التي اتهمها بمحاولة إشعال فتنة كبيرة بين أهالي المحافظتين من خلال دعمها لقطاع الطرق وتغاضيها عن أعمالهم، وهو ما أدى أيضاً بحسب الناشط إلى حركة نزوح “عكسي” لعشرات المدنيين من أبناء محافظة درعا، الذين كانو يقطنون السويداء، وذلك نتيجة ارتفاع معدل عمليات الخطف منهم بشكل كبير جداً خلال اﻷيام الفائتة.
في المقابل قال الناشط المدني أبو ريان المعروفي، العامل في “شبكة السويداء 24”، في تصريح صحفي سابق إن الشبكة سجلت أكثر من 10 حالات اختطاف بحق أهالي من محافظة السويداء، نفذها مجهولون، منذ مطلع العام الجاري، وتم اقتيادهم لمحافظة درعا في ظروف مجهولة، في حين نفذت جماعات من السويداء عمليات اختطاف مضادة بحق العشرات من أهالي محافظة درعا.
ونشرت “شبكة السويداء 24” على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” قصة اختطاف أحد أبناء السويداء ويدعى الشاب “وسام رامز حمزة” من بلدة رساس جنوب مدينة السويداء، مساء يوم الإثنين 6 آذار الماضي، حيث فُقد الاتصال معه قبل أن يأتي اتصال من شخص مجهول الهوية من ريف درعا الشرقي، ويطلب من ذويه مبلغًا ماليًا قدره 50 مليون ليرة سورية، مقابل إطلاق سراحه، وإثرذلك، أقدم أقارب الشاب المختطف على اعتقال عدد من النازحين من أبناء محافظة درعا المقيمين في السويداء، في محاولة من قبلهم لإجبار مختطفي حمزة على إطلاق سراحه، وبعد تدخل وجهاء من المنطقتين أُطلِقَ سراح المختطَفين لدى الطرفين.
من المسؤول؟
يرى بعض المراقبين أنّ الخطف الذي تمارسه مافيات درعا والسويداء إنما هو خطف عشوائي تجاه المدنيين وهو لا يفرق بين غني وفقير أو شاب وكهل.
ويؤكد عبد القادر أيوب وهو مقاتل في الجيش الحر بدرعا أن “تصاعد حالات الخطف خلال الآونة الأخيرة لم يأت من فراغ وإنما هو نتيجة لتشجيع النظام لقطاع الطرق وبعض المليشيات الطائفية لارتكاب هذه الجرائم”، وأوضح في السياق ذاته أن “عمليات الخطف بمعظمها تحدث في ريف السويداء الغربي، ولو أرادت تلك الميليشيات مقاومة تلك الظاهرة لاستطاعت ذلك نظراً لعددها وتسليحها وانتشارها الكثيف، إلّا أن الخطف في الحقيقة يزداد حيث توجد هذه الميليشيات بكثرة”.
وحول مسؤولية الفصائل المقاتلة عن ضبط الأمور في المناطق المحررة بدرعا أوضح أيوب أن هذه الفصائل أغلقت مؤخراً الطريق الواصل إلى السويداء بهدف قطع الطريق على كل من يدعي بأن كتائب الثوار في درعا هي من تقوم بعمليات الخطف.
ورغم ذلك قال أيوب إن “ضبط الأمر لن يتم إلا باتفاق وجهاء المنطقة على اقتلاع هؤلاء المفسدين من الطرفين وهو الأمر الذي حدث سابقاً في العام 2014 عندما تدهورت الأمور بشكل كبير وكاد يحصل الاقتتال بين أبناء المحافظتين”.
وتفيد المعلومات بحصول عدة اجتماعات مؤخراً بين قيادات من الجيش الحر في درعا وبعض مشايخ الكرامة في السويداء وذلك لاحتواء الأمر عبر الاتفاق على آلية عمل تضمن محاسبة كلا الطرفين للأشخاص الذين يثبت تورّطهم في هذا الملف، والتحقيق معهم لمعرفة خيوط تلك الشبكة وعناصرها في كلا المحافظتين.
تعميق الشرخ
منذ بداية الثورة السورية في آذار 2011 يرى بعض المتابعين أن النظام سعى عبر عملائه لترسيخ الشرخ بين أبناء المحافظتين وذلك لمنع انتقال الاحتجاجات المناهضة لحكمه إلى السويداء، وإيهام أهالي الجبل أنهم في خطر حقيقي لاسيما مع وجود “عناصر إسلامية” تهدد بدخول السويداء وارتكاب مجازر.
وتعتبر حادثة الشيخ عبد السلام الخليلي وهو من أبناء درعا أولى هذه الفتن التي روّج لها النظام كثيراً، حيث اتهم الشيخ الدرعاوي حينها “النساء الدرزيات بأنهن سبب الفتنة في درعا” كما واتهم سلطان الاطرش بأنه “سرق الثورة”.
ورغم أن ناشطي درعا كشفوا في تصوير مسجل حقيقة هذا الشيخ واعترافات له تثبت عمالته للنظام، إلا أن ردود فعل قوية ظهرت على خلفية هذه الخطبة.
كما كان لمعركة الثعلة التي أخذت زخماً إعلامياً كبيراً-رغم عدم الجدوى العسكرية الكبيرة لهذا المطار- دور بارز في تأجيج الصراع بين أبناء المحافظتين لاسيما مع ترويج النظام حينها لإشاعات عن عزم جماعات جهادية مثل جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية اقتحام محافظة السويداء بعد السيطرة على هذا المطار.
وبعد اتساع الفجوة بين السهل والجبل يرى بعض المتابعين أن وجود مرجعيات مهتمة بوأد الفتنة بين الطرفين كفيل حتى الآن بعدم تأجيج أي صراع دموي قد ينشأ بين الطرفين، وهو الأمر الذي يخشى الجميع حدوثه في الفترة القادمة.
صدى الشام