أمريكا تقر بشن التحالف هجوماً أودى بحياة أعداد كبيرة من المدنيين في الموصل


أقر الجيش الأمريكي بأن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة شن هجوماً على منطقة يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" في مدينة الموصل العراقية، حيث قال سكان ومسؤولون إن 200 مدني ربما قُتلوا في غارة جوية.

ويأتي التأكيد الأمريكي بعد قرار اتخذته القوات الحكومية العراقية بوقف هجومها لاستعادة غرب الموصل أمس السبت، بسبب ارتفاع عدد الضحايا من المدنيين وذلك حسبما قال متحدث باسم قوات الأمن، في خطوة ربما كان هذا الحادث هو دافعها.

وقال متحدث باسم الشرطة الاتحادية، يوم السبت: "العدد المرتفع في الآونة الأخيرة من القتلى بين المدنيين داخل المدينة القديمة أجبرنا على وقف العمليات لمراجعة خططنا ... حان الوقت لبحث خطط هجوم وأساليب جديدة. لن نواصل العمليات القتالية."

ومع ازدياد حدة القتال لاستعادة الموصل ما زال نحو نصف مليون مدني متواجدين في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم غرب المدينة مما يُعقد استخدام الغارات الجوية والمدفعية الثقيلة لطرد التنظيم من آخر معقل رئيسي له في العراق.

ويقول سكان في غرب الموصل إن "غارة جوية للتحالف أصابت شاحنة مليئة بالمتفجرات مما أدى إلى وقوع انفجار هائل أدى إلى انهيار مبان مكتظة بالعائلات"، فيما ذكر مسؤولون عسكريون أمريكيون إنهم يجرون تحقيقاً وسط تقارير أولية من سكان ومسؤولين عراقيين في الأسبوع الماضي قالت إن عشرات الأشخاص قُتلوا بعد غارات جوية شنتها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة.

عبد الستار حبو رئيس بلدية الموصل والذي يشرف على عملية الإنقاذ، قال إنه تم انتشال 240 جثة من تحت أنقاض المباني المنهارة. وكانت تقديرات سابقة من مسؤولين محليين قد ذكرت أن نحو 130 شخصا قُتلوا، كما أشار المرصد العراقي لحقوق الإنسان إلى أنه تم انتشال جثث 500 مدني خلال الأيام الماضية جراء قصف التحالف الدولي، وأبدت الأمم المتحدة أيضا قلقها العميق وقالت إنها "صُدمت بهذه الخسائر الرهيبة في الأرواح."

بدروها قالت القيادة المركزية الأمريكية التي تشرف على عمليات الجيش الأمريكي بالشرق الأوسط، إن مراجعة أظهرت أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة استهدف بطلب من قوات الأمن العراقية مقاتلين وعتادا لـ"تنظيم الدولة" "في موقع يتوافق مع مزاعم سقوط ضحايا من المدنيين"، حسب قولها.

وأضافت أنها تحقق لمعرفة الحقائق ومدى صدق التقارير عن الضحايا المدنيين. ولم تحدد أي دولة في التحالف نفذت الهجوم.

وقال رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري في بيان إن ما يحدث في غرب الموصل "أمر بالغ الخطورة ولا يمكن السكوت عنه في أي حال من الأحوال."

ومن المعتقد أن ما يصل إلى 600 ألف مدني ما زالوا موجودين في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في الموصل فيما يشكل تحدياً للهجوم الحكومي ليس فقط من الناحية التكتيكية ولكن من الناحية السياسية أيضا مع سعي الحكومة التي يقودها الشيعة لتفادي إثارة غضب الناس في المدينة التي يغلُب عليها السنة.

أساليب جديدة

وتحدث سكان فروا من غرب الموصل المحاصر عن غارات جوية عراقية ومن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أدت إلى تدمير مبان وقتل العديد من المدنيين في عدة حالات.

وأسفر الهجوم الذي يستهدف طرد "تنظيم الدولة" من الموصل، والذي دخل الآن شهره السادس، عن استعادة الجانب الشرقي من المدينة بأكمله ونحو نصف الجانب الغربي.

لكن التقدم تعثر في الأسبوعين الأخيرين مع وصول القتال إلى المدينة القديمة حيث تنتشر الأزقة الضيقة وبها مسجد النوري حيث أعلن زعيم التنظيم "أبو بكر البغدادي" منه "دولة خلافة" تمتد على مناطق شاسعة في العراق وسوريا في 2014.

وقال المتحدث باسم الشرطة الاتحادية "نحتاج إلى التأكد من أن طرد داعش من المدينة القديمة لن يؤدي إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى المدنيين. نحن بحاجة لعمليات شديدة الدقة لاستهداف الإرهابيين دون التسبب في أضرار جانبية بين السكان."

فيما قال نائب القائد العام للتحالف الأمريكي لرويترز يوم الجمعة الفائت إن الحل قد يكمن في تغيير الأساليب. وقال البريجادير جنرال جون ريتشاردسون إن الجيش العراقي يدرس فتح جبهة أخرى وعزل المدينة القديمة حيث يبدي المتشددون مقاومة شرسة.

ووصف سكان فارون ظروف المعيشة القاسية داخل المدينة قائلين إنه لا يوجد ماء ولا كهرباء ولا غذاء يدخل إليها.

وقالت ليز جراند منسقة الأمم المتحدة إن المدنيين يتعرضون لأخطار جسيمة مع احتدام القتال في الموصل وإن على جميع الأطراف أن تبذل كل ما في وسعها لتجنب سقوط ضحايا منهم.

وأضافت "القانون الإنساني الدولي واضح. أطراف الصراع، كل الأطراف، ملزمة ببذل كل ما في وسعها لحماية المدنيين. هذا يعني أن المتحاربين لا يمكنهم استخدام الناس دروعا بشرية أو تعريض حياتهم للخطر من خلال الاستخدام العشوائي لقوة السلاح."




المصدر