فاروق الشرع وجميل الحسن أبرزهم.. مواطنة إسبانية تقاضي مسؤولين بنظام الأسد.. وهذا ما قد يحصل لهم


يواجه كبار المسؤولين في نظام بشار الأسد دعوى قضائية ضدهم في إسبانيا، من شأنها أن تجعل أسمائهم معممة في دول من العالم للقبض عليهم حال وصولهم إليها، وذلك بعدما تقدمت مواطنة إسبانية من أصل سوري تسبب نظام الأسد في قتل شقيقها بالمعتقل.

وقالت وكالة الأنباء الفرنسية إن قاضي تحقيق في مدريد، قبل الدعوى التي تقدمت بها شقيقة معتقل في سوريا عُرف باسم "عبدول"، استشهد داخل أحد أقبية فروع التعذيب التابعة لنظام الأسد. وهو واحد من آلاف المعتقلين الذين تسربت صورهم من داخل فرع الأمن العسكري ووجدت طريقها إلى وسائل الإعلام.

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها نشر ترجمته موقع "هافينغتون بوست" أن الصور أظهرت أن "عبدول" تعرض للحرق والضرب والتجويع داخل أحد السجون في دمشق.

وفي قرار حمل تاريخ الإثنين 27 مارس/ آذار 2017، أعلن القاضي إيلوي فيلاسكو قبول الدعوى ضد 9 مسؤولين سوريين كبار بقوات الأمن التابعة للنظام على خلفية مقتل "عبدول" عام 2013.

إرهاب دولة

وتتهم الشكوى التي قدَّمتها أمل، شقيقة "عبدول"، المسؤولين بالنظام بتهم إرهاب الدولة، وقالت إنَّهم استخدموا المؤسسات الحكومية لارتكاب جرائم العنف المُفرِط بهدف إرهاب السكان المدنيين وإسكات المعارضة، في أعقاب الاحتجاجات التي اندلعت عام 2011.

وتستهدف الدعوى كلاً من رئيس الاستخبارات علي مملوك، وعدداً من كبار مسؤولي الاستخبارات؛ من بينهم مدير مكتب الأمن القومي عبد الفتاح قدسية، ومحمد ديب زيتون، واللواء جميل حسن.

كما تشمل الدعوى النائب السابق لبشار الأسد فاروق الشرع، والأمين القُطري المساعد لـ"حزب البعث" الحاكم محمد السيد بخيتان، بالإضافة إلى اللواء محمد الحاج علي، والعميد جلال الحايك، والعقيد سليمان اليوسف.

وقالت الصحيفة الأمريكية إن "المدعى عليهم قد يجدون أنفسهم رهن الاحتجاز في حال سافروا إلى خارج سوريا. ويمكن أن تُصادر أصولهم في البلدان الأخرى". ونقلت عن ستيفن راب، السفير الأميركي السابق لشؤون العدالة الجنائية الدولية، والزميل غير المقيم في معهد لاهاي للعدالة الدولية حالياً، والذي ساعد في تقديم القضية، قوله إنَّ هذه القضية "تُعَدُ بدايةً لعملية المحاسبة والمساءلة. وقد نستصدر مذكرات توقيف دولية خلال شهرٍ أو شهرين بحق هولاء الأفراد".

وبحسب محامين في لندن ومدريد تابعين لمؤسسة هيئة العدالة الدولية (غرنيكا 37)، وهي عبارة عن مجموعة دفاع قانونية تتولَّى تمثيل شقيقة عبدول، فإنَّ القضية "ستسمح بصورةٍ خاصة للمحاكم بالتحقيق في تعذيب وإعدام آلاف المدنيين بمراكز الاعتقال غير الشرعية التي تديرها حكومة الأسد".

قرار تاريخي

وقالت ألمودينا برنابيو، وهي عضو في مؤسسة "غرنيكا 37"، والتي قاضت ضُبَّاطاً سلفادوريين كباراً سابقاً، وغيرهم من المسؤولين المتورِّطين في جرائم،  إنَّ القضية الجارية في إسبانيا قد بدأت عندما وصلت رسالة على تطبيق "واتساب" إلى هاتف أمل خلال استراحة غدائها، وأظهرت الرسالة صورةً لوجه "عبدول" التُقِطت بعد موته.

وكانت صورة "عبدول" من بين 55 ألف صورة أخرى سربها مُصوِّر شرطة سابق معروف باسم مستعار "قيصر" إلى خارج سوريا عام 2014، وهي صور تُوثِّق موت أكثر من 6700 شخص داخل سجون الأسد.

وحَكَمَ القاضي إلوي فيلاسكو بأنَّ المحكمة الوطنية الإسبانية لها الحق في النظر في القضية؛ لأنَّ المُدَّعِية مواطنة إسبانية، وأنَّ أقارب الأشخاص الذين اختفوا أو ماتوا نتيجة جرائم ارتُكِبَت في مكانٍ آخر هم أيضاً ضحايا بموجب القانون الدولي.

ووصفت ألمودينا حُكم القاضي بأنَّه "قرارٌ تاريخي، ليس فقط بالنسبة لمعركة الضحايا من أجل العدالة، لكن أيضاً لمتطلَّبات التحقيق ورفع الدعاوى القضائية المُتعلِّقة بالجرائم الدولية أمام المحاكم الوطنية، في الوقت الذي أثبتت فيه المؤسسات الدولية الأخرى، مثل المحكمة الجنائية الدولية، أنَّها عاجزة عن القيام بذلك"، وفقاً لـ"نيويورك تايمز".

واعتبرت الصحيفة أن هذه القضية تعكس الجهود المتسارعة في أوروبا لتجاوز العقبات السياسية التي أعاقت اللجوء إلى سبل العدالة الدولية الأخرى بشأن الجرائم المُرتكَبة في سوريا.

قضايا أخرى ضد نظام الأسد تأخذ مجراها في أوروبا، إذ يُجهز محامو مؤسسة غرنيكا أيضاً قضيةً تتعلَّق بموت عباس خان، وهو طبيبٌ بريطاني يبلغ 32 عاماً، كان قد سافر إلى سوريا ليعالج الضحايا هناك، ومات داخل أحد سجون دمشق في ديسمبر/كانون الأول 2013. وزعم نظام الأسد أن خان قد أقدم على شنق نفسه داخل زنزانته قبل أيامٍ من وعد النظام بالإفراج عنه.

ووفقاً لـ"نيويورك تايمز": "رحَّب النشطاء السوريون بقضية إسبانيا، لكنَّهم لا يزالون يشعرون بالإحباط من عدم مثول الأسد وتابعيه بعدُ أمام أي محكمةٍ دولية". وقال محمد العبد الله، المُعتَقل السابق، والذي يشغل الآن منصب المدير التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة في لاهاي، إنَّ "الفرصة الواقعية للقبض على أيٍ منهم وتقديمه للمحاكمة ضئيلة للغاية". ومع ذلك، يرى آخرون أنَّ الخطوة تُمثِّل تقدُّماً.




المصدر