بأمر الحكومة.. هكذا وافقت الدول العربية على قتل أبنائها

30 آذار (مارس)، 2017

6 minutes

غارات لا تتوقف. مقتل عشرات الآلاف من المدنيين في السنوات الثلاث الأخيرة. تحقيقات دولية دون نتيجة. الحكومات العربية متورطة، اعترافات عدة من التحالفين الدولي والعربي بالإضافة إلى روسيا، تشير إلى أن الغارات التي شنوها وأسفرت عن مقتل آلاف المدنيين في سوريا واليمن والعراق، جاءت بناءً على معلومات استخباراتية وصفوها بـ”المغلوطة” من حكومات هذه الدول، بينما تعلن تلك الأنظمة الموافقة على ما يحدث.

“بأمر الحكومة” تنفذ عدة دول غارات داخل الدول الثلاث، تسفر عن مقتل الآلاف من الآمنين العزل، فيما وصفته منظمة العفو الدولية بـ”مجازر بها انتهاك صارخ للقانون الدولي”، بينما تُعقد القمة العربية، اليوم، في الأردن، غير آبهة بتلك المجازر.

مجزرة الموصل.. بين غارات التحالف وداعش

ذكرت منظمة العفو الدولية “أمنستي”، أمس الثلاثاء، في تقريرها، أن قوات التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، نفذت غارة جوية، في 17 مارس، تعد “أكثر الحوادث دموية في تاريخ العراق”، قُتل فيها ما لا يقل عن 150 مدنياً في حي “الجديدة” بالموصل، بعدما أمرتهم السلطات العراقية بالتزام منازلهم.

الحكومة العراقية أعلنت، في بداية الأمر، أن الحادث ناتج عن عملية لتنظيم “داعش” الذي جاء بمدنيين إلى مكان الحادث وفجره، قبل أن تعترف قوات التحالف بمسؤوليتها عن الغارة، بناءً على معلومات استخباراتية عراقية أفادت بوجود قيادات داعشية في مكان الهجوم، مؤكدة أنها تحقق في الأمر، ما وضع الحكومة العراقية في مأزق، واضطرها إلى فتح تحقيق، ما اعتبره البعض “مجرد محاولة لامتصاص الغضب”.

من جانبه، قال رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، الإثنين الماضي، إن “إدعاءات استهداف المدنيين هدفها إنقاذ داعش في اللحظات الأخيرة”. وأشار إلى أن “التنظيم يستخدم الأهالي دروعاً بشرية لقتلهم، والنتائج الأولية للتحقيقات تثبت ذلك”.

واستأنفت القوات العراقية، الإثنين الماضي، عملياتها، غرب الموصل، رغم إعلان وقف العمليات الجوية، مطلع الأسبوع الجاري، ونفى رئيس أركان الجيش الأمريكي، الجنرال مارك ميلي، احتمالية تخفيف قواعد الاشتباك.

الأرقام وفقاً لإحصائية منظمة “أيروارز” البريطانية الحقوقية

ووفقاً لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، فإن عملية الموصل كان يفترض أن تحسب حساب المدنيين، كما أن تصريحات “العبادي” توضح أنه سمح باستخدام مختلف أنواع الأسلحة، دون وضع خطة مدنية وإغاثية لإيواء النازحين.

الحادث الذي أوقع 150 مدنياً، أضافته “أمنستي” إلى عدد المدنيين الذين يُرجح مقتلهم في الموصل منذ بدء العمليات العسكرية هناك، والذي وصل إلى 500 مدنياً، فيما وصفه قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط الجنرال، جوزيف فوتل، بـ”المأساة الرهيبة”.

مجزرة العزاء.. ضحية الخلافات بين السعودية والحكومة اليمنية

بعد نفي مسؤوليته عن الغارة الجوية التي استهدفت مجلس عزاء وزير الداخلية المعين من قبل الحوثيين، اللواء جلال الرويشان، في العاصمة اليمنية، صنعاء، 8 أكتوبر الماضي، وأدت إلى مقتل 140 مدنياً، وإصابة ما يزيد على 500 آخرين، اعترف التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية ضد قوات الحوثيين الموالية للرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح، أن طائراته هي التي قصفت العزاء.

وقال التحالف في بيان له، 15 أكتوبر الماضي، إن القصف نجم عن خطأ أساسي وهو تقديم الجيش اليمني الموالي للرئيس، عبد ربه منصور هادي، معلومات “مغلوطة” عن وجود قيادات عسكرية حوثية في العزاء، وأن مركز توجيه العمليات في اليمن أجاز الغارة دون إذن قيادة التحالف.

وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، بان كي مون، أن قصف العزاء هجوم وحشي على المدنيين وانتهاك مشين للقانون الدولي، لأنه كان مركزاً اجتماعياً معروفاً، مكتظاً بالناس، والعائلات والأطفال.

ودعا التحالف إلى تحقيق عاجل في الغارة بعد صدور ردود فعل أمريكية، تضمنت تحذيراً من أن واشنطن قد تتراجع وتقلص دعمها للتحالف. وتباينت مواقف “هادي” وهيئة الأركان التابعة له مع موقف التحالف الذي أعلن قبوله بنتيجة التحقيق التي تحمل الرئيس اليمني وحكومته مسؤولية القصف، وهي النتيجة التي رفضها “هادي”، قائلاً: “التحقيقات الداخلية مازالت جارية وسُتنشر نتائجها للرأي العام”.

الأرقام وفقاً لإحصائية منظمة الأمم المتحدة

وفقاً لـ”بي بي سي”، نتيجة تحقيق التحالف أشارت إلى وجود خلاف بين السعودية و “هادي”، لكن هذا الخلاف لم يكن بشأن مسألة قتل المدنيين، وإنما كان حول تحميل الرئيس اليمني مسؤولية الأحداث.

“مجزرة حمص”.. أولى غارات روسيا بموافقة الأسد

برغبة سورية، بدأت روسيا عملياتها العسكرية في روسيا، قبل عامين، والتي خلفت آلاف القتلى من المدنيين، بينما اعتبرت دمشق الأمر “استهدافاً للإرهابيين”.

في 30 سبتمبر 2015، نشرت صفحات المعارضة السورية عدداً من الصور تظهر المجزرة التي خلفتها الغارات الروسية في ريف حمص، وأسفرت عن مقتل 230 شخصاً بينهم 48 من عائلة واحدة وأطفال.

وأكدت أن الطائرات الروسية شنت عدة غارات بالصواريخ الفراغية على أحياء الزعفرانة والرستن وتلبيسة، مستهدفة تجمعات للمدنيين، وذلك بعد ساعات من تأكيد إعلام النظام السوري أن إرسال قوات جوية روسية إلى سوريا تم بموجب طلب مباشر من الرئيس السوري، بشار الأسد، عبر رسالة وجهت إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وهو ما أكده النظام الروسي في بيان.