‘«النسيان» … يلف ذكرى «يوم الأرض»’
31 مارس، 2017
لم يأتِ إحياء الذكرى السنوية الـ41 لـ «يوم الأرض» أمس، داخل المجتمع الفلسطيني في إسرائيل بحجم الحدث، رغم توافق الرأي على أن الحديث هو عن المناسبة الوطنية الأهم في تاريخ هذا المجتمع الذي بقي أبناؤه في أرضهم متمسكين بما تبقى منها بعدما سلبت السلطات الإسرائيلية غالبيتها لتقيم عليها مئات المستوطنات اليهودية، وبعدما باتت إسرائيل تسيطر على نحو 85 في المئة من مساحة فلسطين التاريخية (27 ألف كيلومتر مربع).
وجاءت الفعاليات متواضعة من خلال مسيرات شعبية عادية في البلدات الثلاث، سخنين وعرابة ودير حنا، التي اندلعت منها شرارة يوم الأرض عام 1976، عندما تصدى أهلها لقرار السلطات الإسرائيلية بمصادرة 15 ألف دونم من أراضيهم ضمن مشروع «تطوير الجليل»، وهو مشروع لتهويد الجليل لمنع تثبيت غالبية عربية فيه، وهي مسألة تؤرق أركان الدولة العبرية منذ إقامتها حتى اليوم.
وكما في كل عام، يحتدم النقاش حول سبل إحياء الذكرى التي لم تخرج عن التقليد ولا تحمل أي جديد، حتى باتت ذريعة بأيدي الرافضين المشاركة بداعي أنها أصبحت مبتذلة لا تفيد ولا تضر. فالمسيرات والندوات التوعوية التي تنظمها سنوياً الحركات السياسية العربية في البلدات المختلفة، تحضرها الجماهير ذاتها تقريباً، فيما يبقى السؤال الأهم: ماذا يعرف الجيل الناشئ عن هذه المناسبة؟ وكيف سيصونها؟ وكيف للمدارس العربية الحكومية أن تتيح لطلابها معرفة تاريخ شعبهم في وقت تراقب وزارة التعليم الإسرائيلية كل شاردة وواردة فيها وتصر على تعليم الرواية الإسرائيلية لمختلف الأحداث وتمنع إحياء مناسبات ذات طابع وطني فلسطيني.
مع ذلك، لا تزال هذه المناسبة في نظر الفلسطينيين نقطة تحول تاريخية، حين خلعوا عنهم عام 1976 ثوبَ الخوف من قمع السلطات الإسرائيلية، الذي ألبستهم إياه خلال فرض الحكم العسكري عليهم طيلة 18 عاماً متتالية أقامت خلالها قيادات تلائم ثوبها وسياستها، فخرجوا مدافعين عن أرضهم التي اعتاشوا منها، ولم ترهبهم مصفحات الشرطة ولا أذرعها المخابراتية حتى بثمن دفع دم ستة شهداء برصاص الشرطة الإسرائيلية.
وكان الانتصار للشعب، الذي رفض قرار هيئتهم العليا في حينه «لجنة رؤساء السلطات المحلية»، التي رفضت بغالبية أعضائها الإضراب، لكن 11 رئيساً من التيار الشيوعي والوطني قادهم رئيس بلدية الناصرة الراحل توفيق زياد وقفوا ضد الغالبية وأعلنوا الإضراب العام رافضين ترهيب السلطة إياهم. وغداة الإضراب كتبت «يديعوت أحرونوت» أن أذرع السلطة «خسرت معركتها على العرب في إسرائيل» أمام الشيوعيين والوطنيين العرب.
وبعد عام من ذلك اليوم، جاءت انتخابات عامة في إسرائيل بنتائج لم ترق للسلطات الإسرائيلية تمثلت بتصويت نصف العرب لقائمة «الجبهة– الحزب الشيوعي» بعدما كان أكثر من 75 في المئة منهم يصوتون لأحزاب صهيونية. ولم تنجح السلطات الإسرائيلية في سعيها للجم هذا الاتجاه، بل جاء الرد عكسياً في السنوات التالية بظهور حركات وطنية جديدة في أوساط العرب وارتفاع تصاعدي في نسبة التصويت للقوائم العربية الوطنية حتى بلغت قبل عامين نحو 85 في المئة.
لكن السؤال يبقى: كيف يمكن الحفاظ على ذاكرة هذه المناسبة.
[sociallocker] صدى الشام[/sociallocker]