حيلٌ ذكية يتبعها الأدالبة لمنع فتيانهم من التوجّه إلى (داعش) في الرقة


عبد الله جدعان: المصدر

لم تنفع كل وسائل الإغراء التي قدمها أبو الحسن من أهالي جبل الزاوية بريف إدلب لابنه حسن ليقنعه بالعزوف عن فكرة الذهاب الى مناطق سيطرة تنظيم “داعش” وتحديدا إلى الرقة، تلك الفكرة التي زرعها رفاق حسن برأسه للذهاب سوية إلى الرقة ليكونوا عناصر في صفوف التنظيم، وكان حسن البالغ من العمر ثمانية عشر عاما قد أخبر والده أبا الحسن بأنه مصمم على الالتحاق بالتنظيم مع عدد من رفاقه ولو كان دون موافقته.

يقول “أبو الحسن” لـ “المصدر”: بعد ان لاحظت تغيرا كبيرا بأفكار ولدي حسن والتي لم اعهدها عليه من قبل، اذا بات ملتزما بالصلاة في المسجد وقراءة القرآن حتى إطلاقه للحيته التي لم تكتمل بعد، وتغيير ملابسه والتي لم يعتد على فعلها في وقت سابق، أحسست بأنه يخطط لشيء ما، وسرعان ما جال بخاطري أولئك الشباب الذين يغادرون الى مناطق سيطرة التنظيم دون علم آبائهم، إلى ان جلست معه متسائلا عن سبب التغيير الذي طرأ عليه، فكان الجواب الصادم بأنه سيغادر الى الرقة ليلتحق بصفوف التنظيم حتى لو كان ذلك دون موافقتي، ما أثار خوفي وقلقي أن أستيقظ ذات يوم ولا أجده في فراشه ويكون قد ذهب فعلا.

يضيف أبو الحسن “حاولت كثيرا إقناعه دون جدوى، كما طلبت من أعمامه وأخواله أن يتحدثوا إليه عساهم ينجحوا في عدوله عن هذه الفكرة، لأنني أصبحت حائراً ولا أدري ما أفعل، فإن ضغطت عليه ذهب هاربا من الضغوط، وإن تركته سيذهب، ولم أعد أعرف ما العمل، حتى بات همي الوحيد كيف أقنعه بعدم الذهاب. كل هذه المحاولات باءت بالفشل ولم ننجح بتغيير رأيه، إلى ان نصحني أحد أصدقائي بالبحث له عن فتاة أخطبها له لعله يتعلق بها ويمتنع عن الذهاب إلى ما يفكر به.

“صحيح أن حسن مازال صغيرا على الخطبة والزواج ولكن اذا كان ذلك سيدفعه لتغيير رأيه فأنا مقتنع تماماً بهذه الخطوة التي تحافظ على ولدي وتبقيه امام عيني” يتابع أبو الحسن حديثه “وفعلاً طلبت من والدته أن تبحث له عن فتاة لنتقدم بخطبتها لحسن، كان ذلك دون ان يعلم الى أن وجدت له والدته فتاة تناسبه، وعندما أخبرته بأننا وأمه نريد أن نزوجه ونفرح به عارض وبشدة، ولم استطع إقناعه الا بعد ان هددته بانني سأترك المنزل اذا لم يقبل، فاضطر للقبول وخطبنا له، ومرت الأيام وبدأت أشعر بان حسن بات يبتعد قليلا عن رفاقه الذين كان سيذهب معهم الى أن ذهبوا دون أن يرافقهم، وبات يقضي اغلب سهراته مع اهل خطيبته بعد ان كان يقضيها معهم، إلا ان جاء اليوم الذي زوجته به وكان قد نسي الفكرة تماماً، والآن رزق بطفل، ويتابع عمله في محل لتصليح الهواتف بعد أن ساعدته على افتتاحه وقد التزم بالعمل به و الاهتمام بزوجته وطفله”.

“أبو امين” لم يكن أفضل حالا من “أبو الحسن”، إذ أن أبو امين نجح بعدول ابنه الوحيد أمين عن فكرة الذهاب الى مناطق تنظيم الدولة بإرساله الى أوربا الصيف الماضي، “أحيانا بتضطر تضحي بشي مشان شي اغلى”، بهذه الكلمات بدأ أبو امين حديثه لـ “المصدر” قائلا أجبرتني الأفكار التي زرعت برأس ابني الوحيد الذي رزقني إياه الله بعد أربع بنات وكان ذلك قبل عشرين عاماً على إرساله إلى ألمانيا الصيف الماضي خوفاً عليه من التحاقه بالتنظيم، بعد ان اخبرتني والدته بانه هددها عدة مرات بالذهاب الى الرقة وانه يريد ان يصبح مجاهدا حسب وصفه.

يعتبر أبو امين بأنه ضحى بابنه الوحيد عندما ارسله  بواسطة البلم المطاطي الى أوربا في سبيل الحفاظ عليه من الأفكار التي طغت عليه واكتسبها من رفاقه الذين ذهبوا دون علم أهلهم الى مناطق التنظيم، تلك التضحية التي يقول عنها أبو امين بانه يجد فيها فرصة كبيرة للنجاة مقابل انعدام فرصة عودته الينا في حال ذهابه الى مناطق التنظيم وخاصة  بعد الدورات والمعسكرات التي يلتحق بها الشباب عند التنظيم والتي تتكفل بنسيان اهلهم ومحاربتهم في حال طلبوا منهم التخلي عن الجهاد، كما ان إرسال الشباب الى الصفوف الأولى في المعارك التي يخوضها التنظيم  في العراق وسوريا والغارات المكثفة التي يشنها التحالف الدولي على معسكراتهم تؤكد أن الفرصة تصبح معدومة بعودته سالماً إلينا، هذا إن فكّر بالعودة، مؤكداً بان ذلك حصل مع مئات الشباب الذين ذهبوا ولم يعد أهاليهم يرونهم منذ ذهابهم، بل الكثير منهم لم يعد يسمع عنهم شيئاً.

يعبر “أبو امين” عن سعادته بعد ان نسي ابنه أمين أفكاره تلك، بعد حصوله على إقامته وأرسل إليه رسالة قبل مدة بأنه سيتابع دراسته في المانيا التي منع من اكمالها في سوريا.

الجدير بالذكر أن تنظيم الدولة جنّد آلاف الشبان والفتيان في معسكرات تابعة لها لزجّهم في معاركهم ضدّ ميليشيات النظام وحلفائه في سوريا وقوات الحشد الشعبي والميلشيات الطائفية في العراق.





المصدر