عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني الكردي “فيصل يوسف” لـ صدى الشام: لا يمكننا الاستمرار بعمل سياسي لا يضمن حقوق الكرد في سوريا المستقبل


قلّل عضو الأمانة العامة ولجنة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني الكردي “فيصل يوسف” من شأن مُخرجات الجولة الخامسة من مفاوضات جنيف، مُحمِّلاً هيئة التنسيق الوطنية وبعض شخصيات الائتلاف مسؤولية تعليق المجلس مشاركته في المباحثات التي اختتمت أعمالها مؤخراً.

ويضم المجلس 16 حزباً كردياً، غالبيتها من أحزاب الجبهة الديمقراطية الكردية التي شاركت في الحراك السلمي مع بداية الثورة السورية. وكان المجلس قد وقع وثيقة الانضمام للائتلاف الوطني السوري في عام 2013، وشارك فيما بعد بمؤتمر الرياض، وأصبح عضواً في الهيئة العليا للمفاوضات.

وفي حوار خاص مع صحيفة “صدى الشام” شدد يوسف على تمثيل المجلس لشريحة واسعة من أكراد سوريا، مشيراً إلى ما وصفه بـ”تنصل” حزب الاتحاد الديمقراطي من التفاهمات التي عقدها معه المجلس، وفيما يلي نص الحوار:

 

– ما هو تقييمكم للجولة الخامسة من مباحثات جنيف، وهل لمستم تقدماً جوهرياً فيها بعكس الجولات السابقة؟

لم تثمر هذه الجولة عن نتائج ملموسة، ما زالت القضية السورية موضع تجاذبات بين الدول الفاعلة، سواء في مجلس الأمن أو فيما بين الدول الإقليمية، ومن وجهة نظري لم تتوافق هذه القوى فيما بينها، ولم يتبلور الموقف الأمريكي بشكل الخاص، وعلى ذلك نستطيع القول إن المفاوضات راوحت مكانها، وتركزت حول التفاهم على موضوع جدول الأعمال، لكن أعتقد أيضاً أن النظام بات مع امتناعه حتى الآن عن الخوض في المسائل الجوهرية، بات يدرك أن الانخراط الجدي بالمباحثات هو أمر ليس طوعياً، وبالمقابل فإن قوى المعارضة حتى الآن- وبشكل خاص الهيئة العليا للمفاوضات- ما زالت تفتقر لمرتكزات أساسية في التعامل مع مسائل عدة، ومن أهمها وحدة مكوناتها، ما أدى إلى ضعف التواصل مع باقي القوى والشخصيات المعارضة في سوريا، بعبارة أخرى الجولة الخامسة لم تحقق شيئاً في المضمون، سوى بعض الخلاصات في جدول الأعمال، التي سيتم البناء عليها للجولات القادمة.

 

 

 

– لماذا رفضت المعارضة بحث السلال الأربع (الحكم، الدستور، الانتخابات، مكافحة الإرهاب) بالتوازي؟

هناك اختلاف في وجهات النظر بين الهيئة العليا ووفد المنصات الأخرى، الأول يركز على قابلية الخوض في سلة من هذه السلال قبل التوافق على عملية الانتقال السياسي، بينما تصر المنصات الأخرى على أنه بالإمكان بحث كل سلة بشكل منفرد، أما عن وجهة نظري فأنا أعتقد أنه إذا تم مناقشة هذه السلال بشكل متوازٍ وبدون الإعلان عن نتائج ما تم التوصل إليه في سلة دون أخرى، فهذا سيكون أمراً حسناً.

 

– كنتم كمجلس وطني كردي قد أعلنتم عن تعليق مشاركتكم بالمباحثات قبل يوم واحد من ختامها، ما الذي دفعكم لذلك؟

لقد علقنا حضورنا في المباحثات بسبب رفض بعض مكونات الهيئة العليا للتفاوض إرسال مذكرة نطالب فيها السيد ستيفان دي ميستورا باعتبار أن الكرد لهم تمثيل في جنيف من خلال المجلس الوطني الكردي، وأن الهيئة العليا للمفاوضات تتبنى القضية الكردية على أنها قضية وطنية، وبالتالي لا بد من إيجاد حل عادل وشامل للقضية الكردية، وكان الرفض من هيئة التنسيق ومن بعض الشخصيات في الائتلاف مثل السيد منذر ماخوس، وتعاملوا مع هذا المقترح الموجود أصلاً في وثائق الهيئة العليا والائتلاف بالرفض، وفي هذه الحالة ونحن كمكون قومي نعبّر عن تطلعات شرائح واسعة من الشعب الكردي، لا يمكننا أن نستمر في عمل سياسي لا يكون فيه للكرد حقوق في سوريا المستقبل، وبالتالي علقنا مشاركتنا بالجلسات أولاً للبت في تعديل رؤية الإطار التنفيذي التي لدينا ملاحظات عديدة عليها، وثانياً بعد تنصل هيئة التنسيق من مسائل واردة في رؤية الإطار التنفيذي.

 

– لماذا تفردت هيئة التنسيق بالاعتراض على مقترحكم بالذات؟.

كما أشرت لقد اعترض إلى جانب هيئة التنسيق شخصيات من الائتلاف، وأعتقد أن ذلك يعود لذهنية هيئة التنسيق المرتبطة ببعض الإيديولوجيات القديمة، متذرعة بأن المجلس الوطني الكردي لا يمثل كل أكراد سوريا، نحن لم نقل إن المجلس يمثل كل الشعب الكردي في سوريا، كما أنه ليست هنالك جهة عربية تمثل الشعب العربي في سوريا، نحن جميعاً مشاريع لحالات مستقبلية ريثما تحسم هذا الأمر الانتخابات، بصيغة أخرى نحن نرى أن هذه الذرائع باطلة.

 

 

– ما هو سبب إصرار هيئة التنسيق على تذكيركم بأن هناك جهات كردية أخرى على الأرض، وأقصد هنا حزب الاتحاد الديمقراطي؟

أعتقد أن هيئة التنسيق لطالما سعت وما تزال للذهاب نحو حزب الاتحاد الديمقراطي على اعتبار أن الأخير كان عضواً فيها، وليست لديهم مشكلة في عودة الاتحاد الديمقراطي إلى الهيئة.

 

– قلتم إن لديكم ملاحظات عديدة على رؤية المعارضة لملامح سوريا، ما هي أهم هذه الملاحظات؟

ملاحظاتنا برمتها متعلقة برؤية المعارضة لسوريا على أنها بلد عربي، فلا حديث عن اعتراف بلغة ثانية رسمية للبلاد، وكذلك نحن نعترض على اعتبار سوريا جزءًا من الوطن العربي، ونعتقد أن هذا نتاج من مخلفات حكم الناصرية والبعثية، وكذلك نعتقد أن اللامركزية الإدارية التي تنادي بها المعارضة ستعيد الظلم التاريخي الذي تعرض له الأكراد في سوريا.

 

 

– لماذا رجحتم تعليق مشاركتكم بالمفاوضات على تأجيل البحث في هذه المطالب؟ هل البحث في هذه المطالب مستعجَل لهذه الدرجة؟

منذ مشاركتنا في مؤتمر الرياض أواخر العام 2015، وفي اجتماعات الهيئة العليا التي انبثقت عنه كانت لنا تحفظات وملاحظات عديدة، وطرحناها في كل الاجتماعات للوصول إلى توافقات عليها، ونحن كمجلس وطني نعبّر عن ما يطلبه الشعب الكردي، وليس بالإمكان أن نكون شهوداً لمذكرات لا تتضمن الحل العادل للقضية الكردية، وما أردت أن أقوله إننا طالبنا بالتعديل من قبل، وتم التأكيد من قِبل المعارضة -قبل مشاركتنا بالجولة الأخيرة- أن ملاحظاتنا سيتم التعامل معها في جنيف على اعتبار أن أعضاء الهيئة سوف يتواجدون هناك، لكن فوجئنا بعدم حضور أكثر من نصف أعضاء الهيئة.

دعني أقول وبكل صراحة لم نكن في المجلس الوطني الكردي يوماً خارج موقعنا في المعارضة، وسنتعامل مع المسألة من منطلق الحوار ووحدة الهدف، ونحن حريصون على وحدة الهيئة العليا، لكن لن نقبل بتعطيل رؤيتنا ككرد في سوريا، وأبعد من ذلك، لقد تنصلت هيئة التنسيق مما وقعت عليه في رؤية الإطار التنفيذي.

 

– على ذكر رؤيتكم لملامح الدولة، أحد أعضاء هيئة التنسيق ألمح إلى تخوّف الهيئة من انفصال قادم، وقال حرفياً نحن نقبل بالفيدرالية لكن بضمانات أن لا تقسم سوريا، ما هو ردكم؟

نحن كمجلس وطني كردي لم نطالب يوماً بالانفصال، وليس لدينا حالياً أي برنامج لحالة انفصالية، بالتالي نحن مع دولة لامركزية اتحادية تضمن حقوق كل مكونات الشعب السوري، واسمح لي هنا أن أقول: “إذا كانت الأكثرية لديها مخاوف، فنحن لدينا مخاوف أكثر بكثير منها، لأننا استُهدِفنا في قوميتنا ووجودنا، وجميعنا يعلم ما تعرض له الكرد من تهجير وحرمان من اللغة القومية”.

 

 

– ألا تعتبرون أن فرض رؤيتكم أي “الفيدرالية” على الشعب السوري دون الرجوع إليه هو نوع من استهداف الهوية السورية أيضاً؟ أي هل تعتقدون أن مطالبكم محقة بالحديث عن ملامح الدولة بشكل مسبق؟

لربما نحن الجهة الوحيدة التي لم تفرض رؤيتها في يوم من الأيام، لقد حاورنا الائتلاف وأصبحنا أعضاء فيه في العام 2013، وكذلك فعلنا مع الهيئة العليا، لم نفرض رؤيتنا حتى في الإطار التنفيذي في أيلول العام الماضي دون حوار.

 

– بعد دخول الثورة السورية عامها السابع، ما الذي تغير بالنسبة للتمثيل الكردي بعد مضي كل هذه السنوات؟

بشكل مبكر، سواء من خلال أحزاب الحركة الوطنية الكردية كمجموعة، ومن ثم في المجلس الوطني، كنا وما نزال جزءًا من الثورة السورية وجزءًا من الحوار الوطني للوصول إلى الوحدة الوطنية، والآن نحن في المجلس الوطني الكردي لدينا علاقات جيدة مع المنصات الأخرى، بالإضافة إلى مشاركتنا في الائتلاف والأجسام السياسية الأخرى المعارضة الديمقراطية.

 

– ماذا عن علاقتكم الداخلية، وأقصد هنا الكردية وتحديداً مع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي؟

ما لا يعرفه الجميع أننا كمجلس وطني كردي في سوريا عندما عقدنا الاتفاقيات مع الاتحاد الديمقراطي في تموز عام 2012 كان العنوان الأول لها هو العمل معاً في إطار المعارضة الوطنية الديمقراطية، وأننا جزء من الثورة السورية.

 

– المعارضة تنظر إلى المجلس الوطني الكردي على أنه الممثل الوحيد لكرد سوريا، بالمقابل هناك أطراف بارزة في الساحة الكردية، بالتالي هل تتفقون مع رؤية المعارضة؟.

لدينا رؤية كردية مشتركة مع الاتحاد الديمقراطي أشرت إليها في جواب السؤال السابق، وبالتالي نحن نلتقي على سوريا متعددة القوميات وللجميع، أما ما عدا ذلك فنحن لا نتفق مع إيديولوجيا الديمقراطي الخاصة به التي تتجاوز ما اتفقنا عليه، والتي أخلت بكل ما سبق بيينا من تفاهمات، ونحن الآن نعبر عن حالتنا كمشروع سوري وطني قومي كردي، بالتالي فلا نعتبر أنفسنا واجهة سياسية لكل أكراد سوريا، بل أننا ممثلون لشرائح واسعة من الأكراد.

 

– بعيداً عن الحالة الداخلية الكردية الكردية، كيف تنظرون إلى تجربة النموذج العراقي، وتحديداً إلى إقليم كردستان، بمعنى آخر هل النموذج العراقي حالة مرتجاة بالنسبة لكم؟

نحن في الحركة الوطنية الكردية دائماً نؤكد على خصوصية كل حالة كردية إن كانت في إيران أو في العراق وسوريا وتركيا، وبالتالي لنا في الحالة السورية خصوصيتنا أيضاً، ونأخذ بعين النظر الواقع السوري، ونحن نعتقد أن الحالة الكردية السورية متميزة عن الحالات الكردية الأخرى، أي نحن نراعي خصوصية ومكونات الدولة السورية.

 

– إقليم كردستان يتجه إلى الاستفتاء على الاستقلال في هذا العام، وأنتم كمجلس وطني على علاقة جيدة مع حكومة الإقليم، بالتالي ألا تعتبر مخاوف السوريين محقة في حال قررتم الذهاب إلى ما سيذهب إليه الإقليم؟

مع احترامنا لخيارات إقليم كردستان العراق، لكن خطوة من هذا القبيل بالنسبة لنا غير واردة، إن الشعب الكردي في كردستان العراق ذاق الأمرين من حكومة نوري المالكي الذي حاول أن يبقي العراق في صبغته البعثية، أما نحن نريد أن نخلق حالة من العيش المشترك مع المكونات السورية الأخرى.

 

– خارج حزب الاتحاد الديمقراطي، هل هناك اتصالات كردية أمريكية؟

من خلال وجودنا في الائتلاف نلتقي مع الجميع بما في ذلك الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية، وعلى هامش جنيف عقدنا اجتماعات مع أغلبية هذه القوى، كجزء من المعارضة.

 

– هل تتخوفون من العلاقة المتنامية بين حزب الاتحاد الديمقراطي والولايات المتحدة، وهل تعتقدون أن هذا الدعم الذي يتلقاه الأول سيكون على حسابكم سياسياً وعسكرياً؟

من خلال اللقاءات التي نجريها مع مسؤولين من الولايات المتحدة، أكدوا لنا دعمهم للحل السياسي في سوريا ووقوفوهم إلى حانب ما نتفق عليه نحن، بالتالي هم يدعمون الاتحاد الديمقراطي عسكرياً لمواجهة تنظيم الدولة، أما المسألة السياسة الكردية فليس لديهم تصور وحيد الرؤية.

 

– ختاماً وبالعودة إلى موضوع بداية الحوار، هل ستشاركون في مباحثات جنيف 6 كمجلس وطني كردي؟

نحن مقبلون على حوار مكثف مع الشركاء في المعارضة، وسيكون أمراً جيداً إن توصلنا إلى توافقات، وإن كان المجلس الوطني موجوداً أو غير ذلك، فعلى إخوتنا في المعارضة أن يأخذون بالحسبان خصوصية قضيتنا، ونأمل منهم تفهم حقيقة موقفنا، ونأمل كذلك أن يقوموا بنبذ الفكر القديم.



صدى الشام