من بقي من أهالي حي الوعر الحمصي: لا نريد الرحيل من أرضنا


زين العمر: المصدر

تتوالى دفعات الخروج من حي الوعر، والتهجير القسري لأهل هذا الحي المكلوم إلى مناطق أرياف حمص وإدلب وحلب مع مطلع كل أسبوع، منذ توقيع الاتفاق المبرم بين نظام بشار الأسد ولجنة تفاوض حي الوعر والطرف الروسي الذي هدد بقتل كل من يرفض العودة لسقف سلطة النظام، أو الرحيل عن أرضه.

ينام أهالي الحي ويصبحون في حيرةٍ من أمرهم أي مكان نقصد وماذا ينتظرنا هناك وهنا، وتأخذهم الأقاويل يمنة ويسرى فيصبحون سكارى ضائعين يبحثون عمن ينجدهم من هذا الظلم الأسود. منازلهم أمام أعينهم، يودّعونها، يمسحون جدرانها يقبلون أرضها، فيشموا ترابها متسائلين، هل سنعود إليها أم أن الظلم سيزاح ذات يوم عنها.

تحدث بعض أهالي الحي لـ “المصدر” عن مصيرهم المجهول ورغباتهم غير المحققة والظلم الذي حل بهم وسط متابعة ومراقبة لدول العالم أجمع وما من منجد لهم.

“زياد” وطفله وزوجته حزموا أمتعتهم واستعدوا للرحيل وتحدثوا إلينا عن مصيرهم المجهول في حياة التشرد والخوف من القادم، “رغم الغصة الكبيرة التي نحبسها في صدرنا سنترك منزلنا الصغير الرائع وسنحلم بالعودة إليه يوماً ما، سنواجه كل المصاعب وسنرضى بالخيمة التي ستأوينا في أي أرض خوفاً من مواجهة هذا النظام المجرم الذي يقتل أباءنا وأهلنا يومياً”.

وتحدث “بلال” جندي منشق عن جيش النظام سأترك هذه الأرض وهذا الحي ولن أعود أبداً لخدمة جيش النظام المجرم الذي كان يقتل ويفتك بالنساء والأطفال في كل المحافظات السورية.

وتساءل “بلال” “أبقى؟؟؟” “لماذا أبقى؟؟؟” لكي أشارك في قتل أهلي وأخوتي هنا وهناك أم لأخدم ضباط النظام الذين هتكوا الأعراض وتوعدوا بنا، وكانوا سبباً فيما نحن فيه من جلب الاحتلال لهذه البلاد وتدميرها عن بكرة أبيها.

أما عن “سامر” الذي كانت دموعه تزرف طوال حديثه عن حارته التي ترعرع بها وبيته الذي لا يشعر بالأمان إلا داخله، ودفئ حضن أمه ووالده الذين سيبتعد عنهم خوفاً من تشريدهم في أواخر عمرهم.

وتابع “سامر” “إن من المضحك المبكي أن والدي ووالدتي هم من يدفعني للخروج والرحيل عنهم، هم من يجبروني على تركهم وفقدانهم دون أن أعلم إلى متى، هم من يحاول حمايتي من أن يصيبني أي مكروه بدخول النظام المجرم إلى هنا ولكني لا أريد تركهم أريد البقاء معهم إلى أن ينتهي العمر.

وفي مقابلتنا مع “أم محمد” قالت لنا سأبقى هنا في منزلي ولن أغادره وسأنتظر عودتكم إلينا منتصرين على هذا الظلم، افعلوا ما بوسعكم حتى تكسروا هذا القيد وتابعوا ما بدأتم به حتى نيل مبتغاكم العظيم ونيل حريتكم وحريتنا المسلوبة.

وفي السياق اجتمعنا بمجموعة من المقاتلين في صفوف الجيش الحر وتحدث معظمهم عن خروجهم من هنا مرغمين، فعندما يكون الخيار بعد وضع السكين على الرقاب بقتل والدك وأهلك أو الابتعاد عنهم فستختار الابتعاد، عسى أن يكون اللقاء قريب.

لقد خرجنا لنتابع قتالنا لهذا النظام المجرم قد يكون خروجنا لخير فداخل حينا لا نملك الذخيرة والعتاد القادر على مواجهة هذا المجرم، ولكن إذا خرجنا قد تسنح لنا الفرصة بالانخراط بجيوش موحدة ستعمل على تحرير كامل سورية من رجس الإرهاب وبشار الأسد.

أما “زاهر” الذي تحدث مازحاً نعم سأترك أهلي هنا وسأبتعد عنهم وقد يجبرنا هذا الخذلان الدولي لامتلاك جواز سفر وتأشيرة كي نلقاهم ذات يوم، لكن الظلم لن يدوم وإن طال.

في هذا العالم الكبير لا نعتقد أن هناك من يحب الرحيل عن أرضه وبيته، فالوطن غالٍ ولا يمكن تعويضه إن فقد، وقد أحب أهالي حي الوعر حيهم رغم أنه قد كان سجناً كبيراً لهم لسنوات طوال يقتلون به يومياً ويجوعون ويعانون ويذوقون فيه أشد أنواع العذاب ومع ذلك يحبوه كحبهم لوطنهم وما فراقهم له إلى كفراق الروح عن الجسد، يخرجون دفعةً تلو الأخرى وأعينهم ترقب العودة القريبة إلى هذا الحي آملين أن يلوح أمام أعينهم اضمحلال لهذا الظلم في القريب العاجل.





المصدر