تركيا توقف نشاط منظمات إنسانية.. وآلاف الموظفين السوريين مهددون بالفصل

5 نيسان (أبريل - أفريل)، 2017
7 minutes

أوقفت الحكومة التركية في الآونة الأخيرة نشاط عدد من المنظمات الإغاثية الدولية العاملة على أراضيها والتي تقدم مساعدات انسانية متنوعة للنازحين السوريين وذلك لأسباب تتعلّق “بالأمن العام” و”عدم الالتزام بالقوانين المحليّة” بحسب السلطات في أنقرة.

ووفق مصادر مطّلعة فإن مئات المنظمات تخضع حالياً لدراسة أمنية مشدّدة من قبل السلطات التركية حيث تم إيقاف منظمتين أميركيتين الشهر الفائت عن العمل، وتم تعليق نشاط عدد آخر قبل أيام قليلة.

وتثيرهذه الإجراءات مخاوف من فصل آلاف الموظفين السوريين الذين يعتمدون على هذه المنظمات كمصدر دخل لهم سواء في سوريا أو في تركيا، كما تهدد بإيقاف العديد من المشاريع التنموية والطبية التي تخدم النازحين في الشمال السوري.

ويعزو بعض المتابعين سبب تدهور العلاقة بين تركيا وهذه المنظمات إلى التحولات السياسية التي تعيشها المنطقة والتي بدأت مباشرة عقب الانقلاب العسكري الفاشل الذي وقع في 15 تموز الماضي، حيث أمرت السلطات التركية بوقف أنشطة 370 منظمة غير حكومية بسبب صلتها بالإرهاب.

وأوضحت وزارة الداخلية التركية حينها أن 190 منظمة بعضها خارجية ترتبط بحزب العمال الكردستاني، وأخرى تدعم جماعة “فتح الله جولن” قد جرى إيقافها بشكل فوري بعد إعلان حالة الطوارئ العامة في البلاد.

 

إجراءات جديدة

 وفي متابعة منها لملف المنظمات العاملة على أراضيها سحبت الحكومة التركية أيضاً الترخيص من منظمة المساعدات الإنسانية الدولية “ميرسى كوربس- فيلق الرحمة” وأجبرتها على وقف نشاطها تجاه اللاجئين السوريين .

وتعمل “ميرسي كوربس” في تركيا منذ 2012 وتعد من أكبر منظمات الإغاثية التي تعمل في سوريا، وتقدم خدماتها لأكثر من نصف مليون مدني كل شهر، كما تقدم المنظمة سلسلة من المساعدات الاجتماعية والإنسانية للاجئين في تركيا واستفاد منها قرابة مئة ألف شخص خلال عام 2016 وحده.

وفي حين لم يذكر المسؤولون الأتراك سبب إيقاف الترخيص أصدرت المنظمة من جانبها بياناً قالت فيه إننا “نشعر بحزن بالغ إزاء هذا التحول في الأحداث”.

وحول أسباب القرار قالت “كريستين برغال” المتحدثة باسم المنظمة في تصريحات صحفية إننا “لا نستطيع تخمين السبب الذي دعا الحكومة التركية إلى اتخاذ هذا القرار”، لكنها شددت على ثقتها في “حيادية ونزاهة سير العمل في المؤسسة”.

وأظهر الموقف الرسمي الأمريكي قلقاً من هذا القرار إذ علّق المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية على الأمر بالقول: “أبلغنا الحكومة التركية بمخاوفنا بشأن إغلاق المنظمة الأمريكية وانعكاس ذلك على قدرتها على إيصال المساعدات الإنسانية للأكثر احتياجاً”.

وفي السياق ذاته سرّحت منظمة Sosyal Suriye Grupları  والمعروفة اختصارا باسم SSG والمدعومة من قبل الاتحاد الأوربي، العشرات من موظفيها السوريين في ولاية “هاتاي” التركية لأسباب غير واضحة.

كما أوقفت المنظمة عدداً من مشاريعها الطبية والخدمية الخاصة باللاجئين السوريين في مدينة أنطاكيا دون إيضاح الأسباب في حين ربط بعضهم بين قرار إغلاق المنظمات وهذا القرار.

وأكد طبيب سوري يعمل في منظمة International Medical Corps والمعروفة اختصاداً باسم IMC، وهي أحد أبرز الداعمين للمشافي الطبية في الداخل السوري، أن السلطات التركية رفضت تجديد أذونات العمل للموظفين والأطباء السوريين العاملين في المنظمة على الأراضي التركية، واشترطت تعيين أتراك بدلاً عنهم للسماح للمنظمة بمتابعة العمل.

وأوضح الطبيب، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن عشرات الموظفين فُصلوا من عملهم بسبب هذا القرار المفاجئ رغم تحقيقهم لشروط العمل التركية وامتلاكهم إقامات عمل تخولهم الاستمرار.

 

وجهات نظر

يعتبر بعض المتابعين أن الإجراءت التركية الأخيرة ضد المنظمات غير الحكومية لا سيما الأمريكية والأوربية منها لم يأتِ من فراغ، وإنما هو نتيجة معلومات دقيقة أدت لاكتشاف ارتباط هذه المنظمات بجهات معادية للدولة التركية.

ويرى الناشط الحقوقي مازن درويش المقيم حالياً على الأراضي التركية أن للدولة التركية كامل الحق في إيقاف أي جهة تعمل على أراضيها ترى فيها خطراً يهدد أمنها القومي.

ويضيف درويش: “خلال الأعوام الأخيرة تدفقت مئات المنظمات الدولية إلى تركيا بحجة دعم اللاجئين السوريين، لكن الحقيقة أن بعض الجهات الخارجية استثمرت هذا للحصول على معلومات استخبارية للوضع في سوريا أو في تركيا”.

ورغم ذلك لا يرى الناشط الحقوقي تهديداً حقيقياً لاستمرار العمل الإغاثي في سوريا من خلال هذه المنظمات لأن عدد من ثبت تورطه حتى الآن في عمليات غير شرعية ما زال قليلاً جداً ويمكن تعويضه من جهات أخرى.

في المقابل رأى الطبيب يوسف زكريا، والذي عملَ سابقاً في منظمة ميديكال الطبية، أن التضييق الأخير على عمل المنظمات الأجنبية ليس إلا نوعاً من النكاية السياسية التي تنتهجها تركيا والتي تستخدم فيها اللاجئين السوريين لتحقيق أهدافها.

ودلل زكريا على رأيه بالإجراءات المعقدة التي فرضتها السلطات التركية على الموظفين السوريين العاملين في هذه المنظمات واشتراطها نسبة 50% على الأقل من مواطنيها ضمن هذه المنظمات، وتعقيد الأمر مؤخراً من خلال إغلاق الحدود وعدم تقديم تسهيلات للعاملين في المجال الإغاثي والإنساني.

وأوضح زكريا في تصريح خاص لـ صدى الشام أن السنة الماضية كانت الأقسى على اللاجئين السوريين بعد توقف عشرات المشاريع الإغاثية والتنموية بسبب هذه الإجراءات ونقص التمويل.

وتعتمد آلاف الأسر في الشمال السوري لاسيما في المخيمات على نشاط هذه المنظمات سواء عبر دعم المشافي الطبية بالأدوية والمعدات أو عبر برامج إغاثية واجتماعية وتنموية.

ورغم التراجع الواضح في الدعم المادي والإغاثي لهذه المنظمات يرى بعض السوريين بها سنداً لهم يعينهم على تحمل الوضع المادي والمعيشي المتدهور، ويوفر للعديد من الشبان في هذه المناطق فرص عمل لا غنى عنها.

[sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]