‘الغارديان: رد ترامب على الهجوم الكيماوي في سورية: اللوم على أوباما’

6 نيسان (أبريل - أفريل)، 2017

أحمد عيشة

كان البيت الأبيض صامتًا قبل إدانة “ضعف” إدارة أوباما، إذ يجهد ترامب لتحديد رؤية سياسية

ردت إدارة ترامب على الهجوم الكيماوي في إدلب بإدانة إدارة أوباما. تصوير: بوول/ صور جيتي

أبرز حجم بشاعة الهجوم الكيماوي الذي وقع الثلاثاء 4 نيسان/ أبريل على المدنيين في إدلب الفراغ في السياسة الخارجية لإدارة ترامب؛ إذ قوبل الحادث -بداية- بالصمت، ثم بانتقاد باراك أوباما.

وصف دونالد ترامب الهجوم الذي أسفر عن مصرع عشرات الضحايا، بمن فيهم كثير من الأطفال، بأنه “نتيجةٌ” مباشرة لسياسة سلفه في سورية.

وقال في تصريحٍ: إن “هذه الأعمال الشنيعة التي يقوم بها نظام بشار الاسد هي نتيجةُ ضعف الإدارة الأخيرة وترددها؛ لأن الرئيس أوباما قال في عام 2012 إنّه سيضع “خطًا أحمر” ضد استخدام الأسلحة الكيماوية، ولم يفعل شيئًا بعدئذ.”

وعكس ردُّ الفعل شعور ترامب الدائم بوجوده في ظل سلفه؛ ما يعزز الانطباع الذي قدمته تغريدة وسواسية بالمزاعم التي لا أساس لها من الصحة، والتي سمعها أوباما بصمتٍ.

وكما هو الحال مع الرعاية الصحية، فإنَّ سياسة ترامب بشأن سورية، قد حُددت من خلال الرغبة في هدم إرث أوباما، من دون تصوّرٍ واضح لما يمكن أن يحل محله.

في غياب رؤيةٍ واضحة، كانت الاستجابة الأولية لما وقع الثلاثاء هي الصمت.

أدانت العواصم الغربية، وزعماء الكونجرس الهجوم على إدلب بسرعة، ولكن وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، الذي كان يزور الأردن في ذلك الوقت، تجاهل سؤالًا صحافيًا حول هذا الموضوع، محتفظًا بصمته المعتاد في مواجهة الأحداث العالمية اليومية.

ووصف أخيرًا نفسه بأنه “ليس شخصًا يهيّج وسائط الإعلام”.

وفى صباح الثلاثاء، خاطب ترامب مؤتمر المعماريين، ولكنه لم يشر الى الهجوم.

وفي وقتٍ لاحق من اليوم ذاته، قرأ الناطق باسم البيت الأبيض بيانًا من الرئيس، استخدم فيه ترامب هذه المناسبة ليسجل نقطةً سياسية محلية ضد إدارة أوباما، إذ أشار إلى أنَّ أوباما قد وضع “خطًا أحمر” عام 2012 حول استخدام الأسلحة الكيماوية في سورية، لكنه قال: إنَّ أوباما “لم يفعل شيئًا” بعدئذ، عندما نفّذ نظام الأسد هجومًا شاملًا على الغوطة في آب/ أغسطس 2013، ولم ينفذ أوباما ضرباتٍ جوية، لكنه نسّق مع روسيا؛ لنقل ترسانة سورية المعلنة من الأسلحة الكيماوية إلى خارج البلاد لتدميرها.

لم يكن هناك شيء في بيان ترامب يشير إلى إمكانية ردّ الولايات المتحدة ردًّا مختلفًا عن إدارة أوباما.

بعد هجوم الغوطة عام 2013، كان ترامب بصراحةٍ ضد العمل العسكري الأميركي في سورية، إذ كتب في تغريدة على تويتر في 7 أيلول /سبتمبر من ذلك العام، مخاطبًا الرئيس أوباما: “لا تهاجم سورية. ليس هناك تغيرات ضخمة، وفّر ‘بارودك’ ليومٍ آخر (وأكثر أهمية)!”

كذلك لم يرد أيّ ذكرٍ في بيان ترامب يوم الثلاثاء عما يمكن أن يكون تأثير الهجوم على مقاربة واشنطن تجاه داعمي الأسد الرئيسين، روسيا وإيران.

وفي وقتٍ لاحق من اليوم ذاته، وبعد تكهناتٍ عامة كثيرة حول صمته، أصدر تيلرسون بيانه الخاص الذي أشار فيه إلى مسؤولية موسكو وطهران.

وقال المسؤول السابق في شركات النفط (والإشارة هنا لـ تيلرسون): “في الوقت الذي نواصل فيه مراقبة الوضع الرهيب، من الواضح أنّ هذه الطريقة التي يعمل بها بشار الاسد: وحشية وبربريةٌ مفضوحة.”

وأضاف: “إننا ندعو روسيا وإيران -مرةً أخرى- إلى ممارسة نفوذهما على النظام السوري، وضمان عدم وقوع هذا النوع من الهجمات المروعة مرةً أخرى.”

ذكرّتنا نبرة البيان بالإدارة السابقة، سواء من حيث إدانتها لدور روسيا وإيران -بوصفهما شركاء – وفي تغييبه لإشاراتٍ إلى العمل الأميركي في المستقبل.

وفى نيويورك، قالت المبعوثة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي: إنها ستستغل الرئاسة الأميركية لمجلس الأمن لعقد جلسةٍ خاصة حول سورية صباح الأربعاء 5 نيسان/ أبريل.

غير أنَّ حلفاء الولايات المتحدة، وشخصيات المعارضة السورية، شككوا في تماسك موقف الإدارة، مشيرين إلى أنَّ الهجوم جاء بعد تصريحات كلّ من تيلرسون، وهالي التي تبدو أنها تضفي الطابع الرسمي على تغييرٍ في السياسة الأميركية، بعيدًا عن المطالبة بإنهاء نظام الأسد.

أعلن تيلرسون خلال زيارته لتركيا هذا الأسبوع أنّ “الوضع النهائي للرئيس الأسد سيقرره الشعب السوري”. وقالت هالي للصحافيين الخميس 30 آذار/ مارس: “أنت تختار بعناية معاركك … وعندما ننظر الى هذا الأمر، فإننا على وشك أن نُغيّر الأولويات، وأولويتينا لم تعد الجلوس والتركيز على إطاحة الأسد.”

وعبّر وزير الخارجية الفرنسي، الثلاثاء، عن شعوره بالإحباط من الارتباك في صميم سياسة ترامب السورية، قائلًا: إنَّ هجوم إدلب نُفذّ لاستكشاف حدود، وردات فعل الإدارة الأميركية الجديدة، “إنه اختبارٌ، ولهذا السبب تكرّر فرنسا الرسائل، وخاصة الى الأميركيين، لتوضيح موقفهم،” وذلك في حديثه لإذاعة أر. تي. إل. RTL.

“قلت لهم بأننا بحاجةٍ إلى الوضوح. ما موقفكم؟ والسؤال هو لمعرفة نعم أم لا، ما إذا كان الأميركيون يؤيدون الانتقال السياسي في سورية، وهذا يعني تنظيم هذا الانتقال، والانتخابات، وأنّه في نهاية العملية، تُطرح مسألة رحيل الأسد،” كما قال أيرو، الوزير الفرنسي.

كذلك جاءت الانتقادات من قادة جمهوريين؛ إذ قال السيناتور، جون ماكين: إنَّ فكرة أنَّ الشعب السوري سيكون قادرًا على التصويت على مستقبل الأسد، في حين يجري قصفه كانت “خيالًا سخيفًا”.

وقال ماكين: “إنّ التصريحات الأخيرة للمسؤولين الأميركيين تشير إلى خلافِ ذلك، وهي تخدم إضفاء الشرعية -فحسب- على أعمال مجرم الحرب هذا الذي في دمشق.”

كان الافتراض الأولي لإدارة ترامب في سياسته حول سورية هو أنّه سيكون من الممكن التركيز حصرًا تقريبيًا على محاربة متطرفي الدولة الإسلامية، ربما بالتنسيق مع روسيا، وبعد ذلك، التحدث بجديةٍ عن مستقبل البلاد السياسي.

لم يتضح أبدًا كيف تتوافق هذه السياسة مع الحد من التأثير الإيراني في المنطقة، حيث ستستفيد طهران من التركيز الغربي على داعش، وتخفيف الضغط على حليفها نظام الأسد.

لقد كشفت مجزرة إدلب كشفًا كبيرًا عن ثغرةٍ أخرى في نهج الإدارة، ألا وهي الفشل في تقدير الحد، أو الدرجة، التي كانت فيها وحشية الأسد محركًا للتطرف.

وتقول بسمة قضماني، وهي معارضةٌ سورية: إنّ الهجوم كان في الواقع نتيجةً مباشرة للقرار الأميركي بتخفيف الضغط على الأسد.

وقالت قضماني لرويترز في واشنطن: “إنّ أولَّ ردة فعلٍ من السوريين هو أنّ ذلك نتيجةً مباشرة لتصريحات أميركية حول الأسد، ليس بكونه أولوية، وإنما بإعطائه الوقت، والسماح له بالبقاء في السلطة.”

اسم المقالة الأصلي Trump’s response to Syria gas attack: blame Obama الكاتب جوليان بورغر، Julian Borger مكان النشر وتاريخه الغارديان، The guardian، 05/04/2017 رابط المقالة https://www.theguardian.com/world/2017/apr/04/syria-gas-attack-trump-us-foreign-policy?utm_source=esp&utm_medium=Email&utm_campaign=GU+Today+main+NEW+H+categories&utm_term=220419&subid=21764362&CMP=EMCNEWEML6619I2 ترجمة أحمد عيشة

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]