لا أمان في المدينة عقب المصالحة… مافياتٌ مسلحةٌ تدير (التل) بريف دمشق
7 نيسان (أبريل - أفريل)، 2017
محمد كساح: المصدر
بات من الممكن نعت الوضع الأمني في مدينة التل بريف دمشق عقب تنفيذ اتفاق المصالحة بأسوأ نموذجٍ طبق منذ إخلاء داريا وحتى الاتفاقات الأخيرة، وعلى الرغم من تسليم المدينة في اتفاق المصالحة إلى قوات النظام، إلا أن نفوذ الأخيرة داخل المنطقة ضعيف للغاية.
وكان ثوار مدينة التل توصلوا يوم السبت 26 تشرين الثاني من العام الماضي إلى اتفاق يقضي بخروج من يرغب من ثوارها إلى الشمال السوري، وتسوية أوضاع البقية، وفي المقابل تعهد النظام بفك الحصار عن المدينة، وإيقاف الحملة العسكرية عليها.
لكن… وبعد خروج ثوار المدينة وتسوية وضع الباقين، لم يشعر أكثر من 700 ألف شخص يقيمون في التل بالأمان.
موقع “صوت العاصمة”، والذي يمتلك شبكة مراسلين داخل دمشق، تحدث في وقت سابق عن الجو السائد في المدينة، ملخصاً الوضع بأنه صراع على النفوذ والسلطة، وصراع على المال، وسط غياب كامل للأمان الذي من المفترض أنه حلّ على المدينة بعد ترحيل المقاتلين.
وأضاف المصدر “لا قانون في المدينة ولا سلطة، ولا وجود لنظام الأسد. مدينة تحكمها مافيات مسلحة مجهولة التمويل، غير مرتبطة بنظام أو سلطة، تعتقل وتعذب وتهين وتقتل وتسرق وتنهب كما يحلو لها، بالرغم من وجود مفرزة للأمن السياسي، وأخرى للأمن العسكري، وبلدية ومخفر”.
لا سلطة تعلو على صوت السلاح
اتفاق المصالحة تضمن في أحد بنوده “تشكيل لجنة من مئتي شخص لحماية البلدة، تُنتخب من البلدة تحت أمر الجهاز الأمني للنظام”. وبالفعل تشكلت اللجنة بعد رحيل الثوار، لكن مع وقف التنفيذ.
وأشار “صوت العاصمة” على أن “لجنة حماية المدينة التي تشكلت بُعيد تهجير الفصائل، ومهمتها حماية المدنيين وممتلكاتهم، كلجنة مدنية لها مخصصات شهرية، وسلاح فردي ونفوذ، لكن على ما يبدو لا لمصلحة لأي ميليشيا من الميليشيات العاملة في المدينة بتسليح تلك اللجنة التي ستقف في وجه تشبيحهم”.
وأضاف “من المحتمل أن يتم حلّها بشكل نهائي، والسبب هو وجود بديل أقنع السلطة بأنه قادر على حماية المدينة من المفسدين واللصوص، فضلاً عن مضايقات تحصل بين الحين والآخر لعناصر اللجنة، وتعرض بعضهم لعمليات طعن بالسلاح الأبيض عند ملاحقة اللصوص، والمصاريف الكبيرة من رواتب وغيرها التي تؤخذ أساساً من جيوب الشعب، لتمويل تلك اللجنة”.
صراع على النفوذ
أحد جوانب الصراع في المدينة تمثل في العداوة بين فرع الأمن العسكري متمثلاً بـ “ماهر شلبي” قائد القطاع في التل، وبين ميليشيا درع القلمون التابعة للفرقة الثالثة في جيش النظام.
وفي منتصف شباط الماضي تقريباً، اعتقل جهاز الأمن العسكري “محمد شمو” المعروف بـ “أبو زيدون” قائد ميليشيا درع القلمون في التل. كانت التهمة العثور على مطبعة لتزوير العملة في بيته، إضافة لإصدار البطاقات الأمنية واحتكار رواتب عناصر الميليشيا، وخلافات بينه وبين ضباط في جيش النظام، ولكن بعد عشرة أيام تقريباً أطلق سراح الرجل.
وكالة “خطوة” نقلت عن مصادر خاصة أن “أبو زيدون” خرج براءة، وذلك بعد “إجبار من رفعوا دعاوى ضده بإسقاط حقهم وسحب الدعاوى بالقوة أو دفع مبالغ مالية لهم، وتدخل قياديين من النظام”.
ويقول مراقبون إن الخلاف الناشب بين درع القلمون وفرع الأمن العسكري أدى إلى اعتقال “أبو زيدون” الذي يرغب بفرض سيطرته على المنطقة بشكل كامل دون تدخل أي قوة أمنية أو عسكرية أخرى.
وأكد “صوت العاصمة” أن “التهديدات بين الطرفين أصبحت علنية، خاصة مع قيام قائد درع القلمون بإنشاء مقر أمني وسط المدينة، رغم توجيهات من لجنة حماية البلدة والبلدية بعدم إقامة ذلك المقر، فكان رده: هي مملكتي وما حدا دخلوا فيها”.
ومع كل هذه الظروف الصعبة التي تجعل من التل مستنقعاً للنزاعات والخلافات بين مافيات مسلحة وغير مضبوطة، يبقى المواطن الذي يعيش في المنطقة هو الضحية، وربما سيكون البعض فريسة النزاعات التي لا حدود لها.
[sociallocker] المصدر[/sociallocker]