الضربة الأميركية لـ “الشعيرات” رسالة سياسية لروسيا وإيران


جيرون

“لا وزن عسكريًا للضربة الأميركية التي استهدفت مطار الشعيرات، فالهدف منها سياسيّ وليس عسكريًا، ولا سيما أنها ضربة محدودة، وجرى إبلاغ موسكو بها، وبالنظر إلى القواعد العسكرية السورية التي يبلغ عددها نحو 129 قاعدة، فإن ضرب قاعدة واحدة لا يعني تصعيدًا في المستوى العسكري، أو تغييرًا في الاستراتيجية العسكرية”، بهذه الكلمات أبدى المحلل العسكري والاستراتيجي، أحمد رحال، رأيه في الضربة الأميركية على مطار الشعيرات، مؤكدًا أن “الهدف الرئيس من الضربة توجيه رسائل ذات بعد سياسي، أكثر منها إلحاق الخسائر”.

من جهة أخرى شدّد رحال في حديثه لـ(جيرون) على أن من أهداف هذه الضربة أيضًا “توجيه رسائل للداخل الأميركي، مفادها أن عهد أوباما انتهى، وبدأ عهد رئيس أميركي جمهوري جديد قوي واقتحامي، أما بالنسبة إلى بشار الأسد، فهي رسالة من الولايات المتحدة بأن زمن الإجرام واللاحساب انقضى، كذلك رسالة إلى موسكو وإيران بأن العبث والاستفراد في الشأن والقرار السوري انتهى أيضًا، وأخيرًا رسالة للشعب السوري، فحواها أن الولايات المتحدة دمرت أداة الجريمة التي ارتكبتها قوات النظام وحلفاؤها في خان شيخون”.

في السياق نفسه عدّ رحال أن “الانعكاسات السياسية للضربة ستتبدّى خلال الأيام القليلة المقبلة، وهي بمنزلة رسائل إلى روسيا؛ للكف عن التراخي مع النظام، وإيران التي تماطل في عدم إيجاد حل، وهو ما سيؤدي إلى سرعة أكبر في إنتاج الحل السياسي”.

يرى رحال أن لا ردود ستصدر عن النظام وحلفائه على الضربة؛ فـ “موسكو وإيران وحزب الله، لديهم قناعة مطلقة بأنه ليس بإمكانهم الرد على أميركا، وموسكو متيقّنة من أن لا قدرة لها على تغيير قرار واشنطن، أو الوقوف في وجهها، ولا سيما أن البنتاغون أكدّ رفضه التعاون مع الطيران الروسي، وما حصل هو إخطار لروسيا فحسب”.

وفي ظل “تعطيل روسيا لجميع قرارات مجلس الأمن القاضية بمحاسبة الأسد، ارتأت الولايات المتحدة أن التدخل المنفرد المحدود، من الممكن أن يسرّع في تنفيذ خطوات حازمة وجازمة في الشأن السوري، ولإيقاف العربدة الروسية المستشرية في سورية”، على حد تعبيره، منبّهًا إلى أن “الفرقاء القتلة في سورية كافة، المتورطين مع الأسد، سيبحثون -بعد الضربة- عن عملية متسارعة لإيجاد حل سياسي حقيقي، قادر على إيقاف الجرائم في الجغرافيا السورية”.

وحول احتمال حدوث خلاف بين روسيا وإيران، على خلفية الموقف الإيراني من الضربة الأميركية، قال: “لن يكون هناك أي خلاف إيراني- روسي من جرّاء الضربة، وكل ما يحدث حاليًا هو جعجعة، ورسائل للوقوف في وجه الانهيارات لمنظومة حزب الممانعة والمقاومة، ولكن مصالح طهران وموسكو ما يزال بعضها مرتبط ببعض”.

يتوقع رحال أن الولايات المتحدة لا تنوي تنفيذ ضربات أخرى جديدة على مواقع للنظام، “ولكن من الممكن أن تغتنم إسرائيل الفوضى، وتنفذ ضربات جديدة لمواقع حزب الله وإيران في سورية”.

من جهته قال الرائد المنشق أنس مراد لـ (جيرون): إن “الضربة محدودة وهدفها سياسي، وهي رسائل لإيران وروسيا؛ لأن النظام أضعف من أن يتلقى رسائل، ويعدّ مطار الشعيرات ثاني أكبر وأهم مطار في سورية، إذ يحوي 3 أسراب طائرات ما بين (الميغ 23) و(السوخوي 22)، يسبقه مطار المزة من حيث المساحة والأهمية والموقع والطائرات”.

يعتقد مراد أن روسيا من الممكن أن تكون أبلغت النظام بالضربة، فأخلى بدوره المطار من الطائرات الثقيلة، ولا سيما أن العسكريين والطيارين في مثل هذه الحالات يكونون في حال تأهّب عالية، وما إن يطلَق أي انذار، فإنهم يخرجون على الفور ويبدلون نقاطهم وأماكنهم، وقال: “على الأرجح جرى إفراغ مطار الشعيرات، من الطائرات العاملة والقوى البشرية، قبل الضربة، والعميد المقتول هو قائد لواء الدفاع الجوي المتاخم للمطار، مع حجابه وعناصره، أما الطائرات المدمّرة فهي في الأصل خارجة من الخدمة”، متابعًا: “إن لم تُكمَل الضربات على باقي المطارات ووحدات النظام المجرمة، فهذه الضربة سياسية بحتة، وامتصاص للصدمة”.

وما يشير إلى أن “النظام كان على علم بالضربة، هو عدد القتلى والمصابين الضئيل، يضاف إليه عدم وجود أي كشف أو رصد يعطي نتائج الضربة على مستوى الذخائر والطائرات”.

يرى مراد أن هذه الضربة، وعلى الرغم من محدوديتها، ستغيّر مجرى الأحداث، و”سيكون هناك اصطفاف جديد في العالم. فالضربة الأميركية، وإن كانت محدودة في الزمان والمكان، ستفرض على واشنطن سلوكًا آخر، يختلف عن أميركا أوباما، فسياسة الأخير أظهرت الولايات المتحدة الأميركية القوة الأولى في العالم على أنها ضعيفة؛ ما دفع بترامب إلى عدم المهادنة والتصرف منفردًا، وذلك لرد المكانة إلى الوﻻيات المتحدة. إن اتخاذ قرار منفرد بهذا الحجم؛ حتى دون سماع نصيحة شركائه الغربيين بالتريّث، هو بلا أدنى شك سابقة قوية في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية التي ربما لن تفوّت فرصة التدخل العسكري، وتوجيه ضربات أخرى في سورية، هدفها الرئيس اجتثاث حزب الله وإيران”.




المصدر