on
تباينات وسجالات في مجلس الأمن حول الضربة الأمريكية.. تعرف على مواقف الدول
عقد مجلس الأمن الدولي، مساء أمس، بناء على طلب روسي، جلسة مفتوحة لمناقشة الضربة العسكرية الأمريكية على قاعدة "الشعيرات" الجوية التابعة لنظام الأسد، في سوريا فجر الجمعة.
وشهدت الجلسة تبايناً في مواقف الدول الأعضاء بالمجلس (15 دولة) إزاء شرعية الخطوة الأمريكية، فيما أظهرت المناقشات توافقاً على "عدم وجود بديل عن المفاوضات للوصول إلى تسوية سلمية للقضية السورية".
وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية "جيفري فيلتمان"، أكد خلال الجلسة على "أهمية أن يوجه مجلس الأمن الدولي رسالة جماعية قوية مفادها: عدم التسامح مع أي استخدام للأسلحة الكيميائية، وضمان عدم تكرار استخدامها كأداة في الحروب، وضرورة محاسبة المسؤولين عن الهجمات الكيميائية".
واستدرك "فيلتمان": "حماية الشعب السوري تتطلب عملاً متجذراً في مبادئ الأمم المتحدة والقانون الدولي".
ولفت إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريس"، "ناشد علناً للالتزام بضبط النفس، من أجل تفادي أي أعمال قد تعمّق معاناة الشعب السوري".
وحث "فيلتمان"، "كل الأطراف المنخرطة في العمليات العسكرية على الامتثال للقانون الإنساني الدولي، واتخاذ كل التدابير الاحترازية لتجنب وقوع ضحايا من المدنيين والحد من ذلك".
من جانبها، رفضت المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة "نيكي هايلي"، انتقادات نظيريها الروسي والبوليفي لواشنطن بعد الضربة العسكرية لأهداف في سوريا.
وهددت "هايلي" بـ"استعداد واشنطن لشن المزيد من الضربات العسكرية على سوريا في حال استمرار نظام الأسد باستخدام السلاح الكيميائي ضد أبناء شعبه (..) ونحن مستعدون للمزيد آملين أن لا نضطر إلى ذلك".
وانتقدت "هايلي" موقف روسيا المساند لنظام بشار الأسد، قائلة إن "العالم ينتظر من روسيا أن تتصرف بمسؤولية تجاه سوريا، ونتوقع من الأسد ومن المتحالفين معه التعامل بجدية مع جهود الأمم المتحدة".
وأضافت: "حان الوقت لنقول: إن جرائم الأسد لن تمر دون عقاب، ويتعين عليه ألا يستخدم الأسلحة الكيميائية مرة أخرى، لأننا لن نقف مكتوفي الأيدي".
وشددت أن الضربة الأمريكية "كانت مناسبة ومبررة بعد أن تجاوز الأسد الخطوط الإنسانية، إلا أن روسيا تقف إلى جانبه والحكومة الإيرانية تقدم له الحماية".
بدوره، أدان "فلاديمير سوفرونكوف"، نائب المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، الضربة الأمريكية، ووصفها بأنها "عمل غير قانوني، يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي".
وتابع "تشعر الدول الغربية بالخوف من إجراء أي تحقيق موضوعي ومحايد في حادثة خان شيخون (..) ولذلك فإن توجيه أي اتهامات لأي طرف قبل بدء التحقيقات أمر غير مقبول".
ووجه "سوفرونكوف" خطابه إلى نظيرته الأمريكية "هايلي" قائلاً: "ماذا لو أثبتت التحقيقات نتائج غير التي توصلتم إليها؟ لقد دمرتم العراق وليبيا وأنتم ترون الآن ماذا يحدث في كلا البلدين".
وأضاف: أن "الضربة الأمريكية أدت الآن إلى تدمير النتائج الإيجابية لاجتماعات أستانا، وإنني أسألكم: ما هي الدوافع التي كانت وراء تدميركم لما تم إحرازه من تقدم؟ يبدو أنكم مهووسون بالإطاحة بالحكومة الشرعية في سوريا".
وتابع: "نحن ندعوكم إلى الوقف الفوري للعدوان على سوريا والانضمام إلى الجهود التي ترمي للوصول إلى تسوية سليمة للنزاع المسلح في سوريا".
ومن جهته، وصف نائب مندوب النظام لدى الأمم المتحدة "منذر منذر"، الضربة الأمريكية بأنها "عدوان همجي سافر استهدف إحدى قواعد الجيش السوري".
وقال خلال الجلسة إن "هذا العدوان يشكل مخالفة خطيرة لميثاق الأمم المتحدة ولكل القوانين والأعراف الدولية بذرائع واهية ومفبركة عن استخدام الجيش السوري للسلاح الكيميائي في خان شيخون".
وطالب "منذر" مجلس الأمن بـ"إدانة العدوان الأمريكي السافر، وبحث سبل ضمان عدم تكراره باعتباره عملاً يهدد الأمن والسلم في المنطقة والعالم".
وشهدت الجلسة سجالات بين مندوب بوليفيا الدائم لدى الأمم المتحدة "ساشا سيرغون"، ونظيره البريطاني "ماثيو رايكروفت"، حيث هاجم الأول كلاً من واشنطن ولندن والدول الغربية التي عبرت عن مساندتها للضربة الأمريكية، فيما استغرب السفير البريطاني "اهتمام بعض الدول بميثاق الأمم المتحدة في الوقت الذي تساند فيه ديكتاتور سوريا".
السفير البوليفي شكك بـ"الأسباب الحقيقية وراء شن الضربة الأمريكية"، معتبراً أنها "تشكل انتهاكاً للقانون الدولي".
وتابع: "علينا أن نتذكر مزاعم واشنطن بشأن امتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل (عام 2003)، وتبين لاحقاً أنه لا وجود لتلك الأسلحة هناك".
وأردف قائلاً: "نحن نستخدم كلمات رنانة في مجلس الأمن عن حقوق الإنسان، ولكن عندما لا تتوافق حقوق الإنسان مع مصالح بعض الدول الأعضاء فإن هذه المبادئ تضرب عرض الحائط".
ورد السفير البريطاني موجهاً خطابه لنظيره البوليفي "أقول للمهتمين بميثاق الأمم المتحدة، لماذا تدافعون عن ديكتاتور سوريا؟".
وشدد أن "الضربة الأمريكية لها ما يبررها، وجاءت استجابة لأصوات الشعب السوري، ولولا مساندة روسيا لكان الأسد واقفاً الآن أمام العدالة".
من جانبيهما، اتخذ المندوبان الصيني والمصري موقفاً هادئاً خلال الجلسة، أكدا فيه على "عدم وجود حل بديل للمسار السياسي".
ودعا المندوبان كلاً من روسيا والولايات المتحدة إلى "بذل مزيد من الجهود في المفاوضات التي تشرف عليها الأمم المتحدة في جنيف بهدف إيجاد حل سياسي للأزمة السورية".
وعقب انتهاء المناقشات، خرج مندوب بوليفيا من قاعة المجلس ليتحدث مباشرة إلى الصحفيين، مكذباً تصريحات المندوبة الأمريكية بشأن طلب بوليفيا أن تكون جلسة المناقشات اليوم سرية.
وهاجمت الولايات المتحدة، فجر اليوم، بصواريخ عابرة من طراز "توماهوك"، قاعدة "الشعيرات" الجوية التابعة للنظام بمحافظة حمص، مستهدفة طائرات ومحطات تزويد الوقود ومدرجات المطار، في رد أمريكي على قصف نظام بشار الأسد "خان شيخون" بأسلحة كيميائية.
والثلاثاء الماضي، قتل أكثر من 100 مدني، وأصيب أكثر من 500 غالبيتهم من الأطفال باختناق، في هجوم بالأسلحة الكيميائية شنته طائرات النظام على بلدة "خان شيخون" بريف إدلب، وسط إدانات دولية واسعة.