‘كبير المفاوضين محمد صبرا لـ صدى الشام: الضربات الأمريكية ضد نظام الأسد نقطة تحول في التعامل مع الملف السوري’
11 أبريل، 2017
أعرب كبير المفاوضين في الهيئة العليا للمفاوضات السورية، محمد صبرا عن تفاؤله إزاء المواقف التي تبديها إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” حيال الملف السوري، واصفاً الضربات الأمريكية “المحدودة” التي تلقاها نظام الأسد في مطار “الشعيرات” العسكري بأنها “نقطة تحول مهمة ستقود لخلق ديناميات جديدة للتعاطي مع هذا الملف”.
وفي حوار خاص مع “صدى الشام” أرجع صبرا ارتكاب نظام الأسد لمجزرة الكيمياوي في مدينة خان شيخون إلى نوايا الأخير باختبار موقف الإدارة الأمريكية الجديدة تجاهه، ولفت إلى ما وصفه بـ”البوادر المبشرة في مواقف بعض البلدان الغربية”، مشيراً في هذا الصدد إلى عقد الجمعية العامة للأمم المتحدة جلسة “الاتحاد من أجل السلام” بدعوة من بريطانيا وكندا، بغرض البحث في سبل تجاوز الفيتو والروسي في مجلس الأمن.
وعن التحضيرات للجولة المقبلة من محادثات جنيف، أكد صبرا أنه لا يوجد موعد بعد للبدء بها، كاشفاً عن قيام المعارضة بالمشاورات الداخلية، استعداداً لهذه المحادثات.
وفيما يلي نص الحوار:
– من منظوركم، ما هي الرسالة التي أراد نظام الأسد إيصالها من خلال استخدام الكيماوي في مدينة خان شيخون؟
الكثير من المحللين الغربيين يتساءلون هذا السؤال وذلك لأنهم لا يعرفون طبيعة النظام السوري الذي اعتاد لعبة حافة الهاوية منذ عهد المجرم حافظ أسد وحتى اللحظة، هذه اللعبة جعلت بشار يتوهم بأن التصريحات الأمريكية الأخيرة باتت تشكل مظلة جديدة حامية له ولذلك أراد اختبار إرادة إدارة ترامب من ناحية، واختبار مدى تماسك التصريحات التي قال فيها بعض المسؤولين الأمريكيين بأن بشار لم يعد يشكل أولوية، لقد أراد من وراء هذه الجريمة اختبار التفاهم الروسي الأمريكي الذي ساد في عهد أوباما والذي حمى بشار الأسد من توجيه ضغوط حقيقية عليه تدفعه للانصياع لقرارات الشرعية الدولية، وهذه برأيي الرسالة الأهم من وراء ارتكاب هذه الجريمة.
– ما هو تأثير المرحلة التي وصل إليها الإجرام بحق الشعب على المفاوضات المقبلة؟
من غير المعقول أو المنطقي أن يستمر نظام بشار بارتكاب هذه الجرائم بينما يضغط علينا العالم بأجمعه لتخفيض سقف مطالبنا، هذه الجرائم يجب أن يكون لها أثر ويجب على المعارضة في حال استمرت هذه الجرائم أن تعيد تقييم جدوى العملية السياسية وجدوى مشاركتها في عملية عبثية باتت تشكل مجرد غطاء لنظام بشار لقتل مزيد من السوريين.
يجب أن تبحث المعارضة عن وسائل أخرى لتحقيق أهداف السوريين في حال استمرت الأمور على حالها، لقد لمستُ من خلال مشاركاتي في العمليات التفاوضية مع النظام منذ عام 2014 أن العالم الذي لا يريد تغيير نظام بشار الأسد يريد تغيير المعارضة، أو لنقل نمط تفكير المعارضة وسقف مطالبها، ولذلك يجب أن نقف أمام أنفسنا وأمام شعبنا لنعيد التفكير بخياراتنا السياسية والعسكرية وفق أسس جديدة.
– بعيداً عن الشجب والتنديد والردود المعتادة، كطبقة سياسية تمثل المعارضة السورية ما هي الخطوات التي يمكنكم القيام بها حيال مجزرة الكيمياوي؟
حتى اللحظة هناك تشتت كبير في جهود المعارضة وللأسف أغلب هذا التشتت يعود لمنافسات شخصية ولنوازع فردية، وتشتت الجهود يمنع إنجازَ شيء حقيقي وأتمنى أن تستطيع المعارضة استثمار أوراق القوة التي تملكها، وهي كثيرة جداً، بشكل يخدم السوريين ويحقق ما يصبون إليه .
– منذ فترة وجيزة، سمعنا عن مشاريع ستذهبون بها إلى الأمم المتحدة بغرض تجاوز الفيتو الروسي- الصيني، أولاً برأيكم كرجل قانون، هل من الممكن الالتفاف على الفيتوالروسي الصيني، وهل هناك جديد في هذا السياق؟
طرحنا منذ عدة سنوات مسألة العودة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت بند الاتحاد من أجل السلام، وهناك بوادر مبشرة حدثت في نهاية العام الماضي عندما دعت بريطانيا وكندا لاجتماع غير رسمي للجمعية العامة للأمم المتحدة تحت هذا البند وحضره أكثر من سبعين دولة، هذا المؤشر أعطانا الأمل بإمكانية تفعيل هذا البند وتطويره وصولاً إلى تحقيق توازن في الملف السوري يسمح بتجاوز تعطيل مجلس الأمن من قبل روسيا.
– كان هناك حديث بريطاني عن إمكانية القيام بتحركات أحادية ضد نظام الأسد، ونحن لاحظنا أن هناك تفاعل أوروبي جيداً إلى حد ما مع القضية السورية، وخصوصاً باريس ولندن، هل تسعون إلى استثمار هذا التفاعل، وماهي خططكم لتطوير هذه المواقف الأوروبية؟
هناك تطور مهم على صعيد مفهوم السيادة الوطنية الذي كان يمنع دول العالم من التحرك وهذا التطور بدأ مساره البطيء في عام 1991 عندما تم إدخال مفاهيم حماية حقوق الإنسان وأنها أولى بالاهتمام من موضوع السيادة ، طبعاً هذا المسار التطوري في القانون الدولي لم ترتسم معالمه بعد بشكل نهائي مع حدوث قفزة كبيرة في عام 2005 في قمة الأرض التي أقرت مبدأ المسؤولية عن الحماية وهو مبدأ تم إقراره بعد المذابح المروعة في البوسنة والهرسك وفي رواندا، هذا المبدأ يقوم على فكرة أساسية وهي ضرورة التدخل بشكل فردي أو جماعي وبالتعاون مع المنظمات الإقليمية لحماية المدنيين الذين يتعرضون لعمليات إبادة أو لجرائم ضد الإنسانية، من هنا نجري اتصالات مكثفة مع الأوروبيين ولا سيما مع الحكومة الفرنسية التي تبدي تفهماً كاملاً للقضية السورية ومع الحكومة البريطانية التي تطورت مواقفها بشكل كبير في العام الماضي باتجاه يصب في مصلحة تحقيق تطلعات السوريين في العدالة وبناء دولتهم الحرة، دولة كل المواطنين، وحالياً اتصالاتنا مع الأوروبيين تركز على مسارين: الأول هو ضرورة تحقيق العدالة ومحاسبة مجرمي الحرب وعلى رأسهم بشار الأسد، والمسار الثاني هو مسار الحل السياسي وتوطيد الأمن والاستقرار في سوريا.
– كيف تفسر التصريحات المتضاربة الصادرة عن الإدارة الأمريكية حول مستقبل رئيس النظام بشار الأسد، وخصوصاً تلك المتعلقة منها بأولويات واشنطن في هذا السياق؟
الكلام الذي سمعناه بشكل واضح من المبعوث الأمريكي السيد مايكل راتني كان واضحاً بأنه لا تغيير جوهري في موقف السياسة الأمريكية من القضية السورية ومسألة تحديد الأولويات لا يعني هذا التغيير بل يعني نقطة التحرك الأولى، والكلام الجديد من وزير الخارجية الأمريكي مطمئن إلى حد ما لهذه الجهة، فالوزير تحدث بشكل واضح أن لا مستقبل لبشار الأسد في سوريا ودعا لتشكيل تحالف دولي لإنجاز حل سياسي وإبعاد الديكتاتور القاتل على حد وصفه عن السلطة، هذا الكلام مهم جداً إضافة للتحرك الأمريكي الذي بدأت ترتسم معالمه في اليومين الأخيرين ولا سيما توجيه الضربة العسكرية لمطار الموت “مطار الشعيرات” وهذا بحد ذاته يشكل نقطة تحول مهمة ستقود لخلق ديناميات جديدة للتعاطي مع الملف السوري، فهذا السياق الجديد للتطورات يعني أن إدارة الرئيس ترامب قد تخلت عن التردد الذي وسمَ إدارة أوباما وقررت أن تتحول لفاعل مباشر في الحدث السوري وهو أمر على غاية من الأهمية إذ سيؤدي لتراجع في نفوذ إيران وروسيا في المستقبل وهذا سيسمح بخلق أجواء مؤاتية لبناء حل سياسي يعطي السوريين حقوقهم ويحقق مطالب الثورة السورية العادلة.
– إن كان إسقاط الأسد ليس أولوية في الوقت الراهن، إلى أي مدى يجب التسريع بمحاربة التنظيم، وفق التصور الأمريكي؟
تنظيم داعش تنظيم إرهابي حارب السوريين وقاتل حركتهم الثورية وجيشهم الحر، هذا التنظيم نعتبره احتلالًا لجزء من الإقليم السوري فهذا التنظيم غريب عن السوريين وهو تنظيم عراقي من حيث المنشأ والقيادة والاستراتيجية، ولذلك فالتخلص منه أولوية في أي وقت فهو يشكل الوجه الآخر للميليشيات الطائفية الإيرانية والعراقية واللبنانية، ومعركتنا مع التنظيم بدأت قبل أن تولي الإدارة الأمريكية أي اهتمام لهذا الموضوع وقدّم الجيش الحر آلاف الشهداء في معاركه مع التنظيم، ولذلك فموقفنا من هذا التنظيم الإرهابي ثابت ومبدئي ولا علاقة له بالموقف الأمريكي من هذا التنظيم، فرؤيتنا تقوم على أن هذا التنظيم وأشباهه يشكلون خطراً على سوريا ووحدة أراضيها ونسيجها المجتمعي ولذلك نحن معنيون بالدرجة الأولى بمقاتلة هذا التنظيم ودحره من أرضنا.
– إلى أين وصلت الاعدادات والتحضيرات الدولية والداخلية للجولة المقبلة من المفاوضات؟
حتى اللحظة لا يوجد موعد لانعقاد الجولة القادمة، والهيئة العليا للمفاوضات تستكمل تحضيراتها بشكل مكثف تحسباً لأي موعد، ونحن ننتظر التطورات الإقليمية والدولية الأخيرة التي سيكون لها تأثير كبير على مسار العملية السياسية .
– أخيراً كيف تقيّمون أداء الوفد المعارض، وما ردّكم على من يهاجم الوفد ويصفه بـ”غير المنسجم”؟
الوفد المفاوض وفد سياسي أي أنه غير تقني وبالتالي هو تعبير عن حالة التوافقات السياسية بين الكيانات المشكلة للهيئة العليا للمفاوضات، وطبيعة هذه التوافقات أملَتْ تشكيل الوفد بهذه الطريقة القائمة على تمثيل كل عضو من أعضاء الوفد لجهة سياسية ينتمي لها بالأصل، وهذا يدفعنا مرة جديدة للحديث عن ضرورة إنجاز تفاهم حقيقي بين القوى السياسية المختلفة يقوم على وحدة المشروع الثوري الوطني وثوابته ويتجاوز فكرة التحالفات السياسية التكتيكية.
[sociallocker] صدى الشام[/sociallocker]