الجدار العازل التركي يقضم أراضٍ سوريّة .. انتهاكات حدوديّة أم ضرورات أمنيّة؟


أنهت قوات حرس الحدود التركية جزءاً كبيراً من عمليات بناء الجدار العازل على طول الحدود الشمالية الغربية لسوريا، وذلك لمنع عمليات التهريب وتدفق اللاجئين السوريين إلى أراضيها.

وترافقت عمليات بناء الجدار، التي جرت بشكل أحادي الجانب وبدون تنسيق مع أي طرف سوري، مع اتهامات طالت السلطات التركية باختراق الحدود في بعض المناطق والتوغل ضمن الأراضي السورية وإزاحة الشريط الحدودي القديم والاستيلاء على بساتين وتلال.

وخلال الأسبوع الماضي نشر ناشطون شريطاً مصوراً يُظهر جرافات برفقة جنود أتراك في قرية هتيا بريف إدلب الغربي، سُمع فيه أصوات إطلاق نار وسيارات إسعاف، وأوضح الناشطون أن الجنود أطلقوا النار في الهواء لتفريق أهالي القرية المحتجين على دخولهم، ونقلت وكالة سمارت الإخبارية عن مصادرفي القرية اعتقال الجندرما التركية لعشرة مزارعين بعد اعتراضهم لجرافات تركية أرادت التوغل في الأراضي الزراعية التابعة لهم لبناء الجدار العازل، وذكرت المصادر أن الجرافات التركية توغلت نحو 700 متر داخل القرية ذاتها، في 22 شباط الفائت.

 

اتهامات

في السياق ذاته أكد ناشط إعلامي في ريف اللاذقية، فضّل عدم ذكر اسمه، أن هذه الانتهاكات تكررت في مناطق حراجية وزراعية متعددة مثل قرية خربة الجوز التي أقامت فيها الجندرما التركية الجدار متجاوزة مرتفعاً جبلي ملكيته الكاملة تعود  للسوريين، وكذلك الحال في اليمضية، بالإضافة إلى تجاوز الجدار بمسافة 1 كم داخل بلدة عقربات الحدودية مع تركيا، وقضم أراضٍ زراعية أخرى في حارم وسلقين.

وأضاف الناشط أن جميع الأراضي الزراعية القريبة من الحدود “يَصعب حالياً على مُلاّكها الاقتراب منها أو العمل فيها بسبب عمليات إطلاق النار بين فترة وأخرى”، وهو ما يسبب خسائر لعشرات العائلات التي تعتمد على نتاج هذه الأراضي لكسب معيشتها وفق تأكيد الناشط.

وكان نظام الأسد اتهم، عبر سفيره في روسيا رياض حداد، تركيا بالتوغل 15 كم عبر إزاحة الأسلاك الحدودية مع سوريا، مستغلة جفاف نهر عفرين لتقضم بذلك شريطاً كاملاً من الأرضي السورية وفق زعمه.

أما موقع باسنيور الكردي فقد ذكر في 25 آذار الماضي أن “الجيش التركي اقتطع خلال شهر شباط الماضي في ناحية شران مسافة 250 متراً من الأراضي واقتلع 5500 شجرة زيتون، كما اقتلع 90 شجرة في قرية كردو بناحية بلبله، و100 شجرة في قرية ديربلوط بناحية جنديرس”، وفق ما نقله الموقع عن ناشطين في المنطقة.

وتشمل هذه الاتهامات مناطق متفرقة تجري فيها عمليات إنشاء الجدار العازل والتي بدأتها السلطات التركية في شهر تشرين الثاني من عام 2015 على طول الحدود مع سوريا والبالغ طولها 911 كم، انطلاقاً من منطقة الريحانية التركية مقابل محافظة إدلب.

وتتولى شركة توكي التركية مهمة تنفيذ أعمال البناء التي من المقرر أن تنتهي في نيسان الحالي بارتفاع يصل إلى 3 أمتار وعرض مترين.

 

نفي تركي

تنفي السلطات التركية باستمرار أية محاولة لانتزاع أرضٍ سورية، وتعتبر عملية بناء الجدار العازل جزءاً من أمنها القومي وذلك لمكافحة عمليات التهريب ونقل السلاح إلى أراضيها.

وبينما لم يعلق أي سياسي تركي على هذه الاتهامات التي أثيرت مؤخراً فقد أرجع ضابط تركي مسؤول عن أمن الحدود في قرية خربة الجوز بريف إدلب هذه التجاوزات- إن حدثت- إلى ضرورات أمنية.

في حين يرى عضو مجلس قيادة الثورة في ريف اللاذقية “مجدي أبو ريان” أن هذه الأخبار مبالغ فيها وهي وإن حصلت فلم تتجاوز بضع أمتار قليلة.

و في تصريح لـ صدى الشام عزا “أبو ريان” الأمر إلى طبيعة المنطقة الجبلية التي تتحكم في بناء الجدار العازل، وأضاف: “بعض التلال الجبلية تحتاج لبناء الجدار أمامها لمراقبة عمليات التهريب”، وهو أمر يُعدّ في نظره مشروعاً ولا يحتاج إلى كل هذا التهويل.

وأكد أبو ريان أن عمليات التهريب انخفضت بشكل كبير بعد بناء الجدار مضيفاً أنه بموازاة ذلك فُتحت معابر إنسانية في خربة الجوز واليمضية ومناطق أخرى لضمان وصول الجرحى والحالات الانسانية إلى الأراضي التركية وهو أمر لا يمكن إنكاره وفق رأيه.

 

مسؤولية المعارضة

في السياق ذاته أرجع الخبير القانوني والمقيم في مدينة أنطاكيا “وائل يحيى” مسؤولية متابعة مثل هذه القضية إلى المؤسسات الرسمية السورية التابعة للمعارضة السورية مثل “الائتلاف الوطني السوري ” و”الحكومة المؤقتة”.

وأوضح يحيى في تصريح خاص لـ صدى الشام أنه من الواجب أن يتم تنسيق في هذا الأمر بين الطرفين بالاتفاق على مسار الجدار، موضحاً في الوقت ذاته أنّ بعض التجاوزات قد لا تكون قراراً رسمياً يَصدُر من جهات عليا وإنما قد يحدث لضرورات يراها العاملون على الأرض بالتنسيق مع مسؤول الولاية.

ورأى يحيى أن بعض التعديلات قد تجري على الشريط الحدودي نتيجة امتداده الواسع وتبعاً للظروف الطبيعية وطبيعة التربة التي قد لا تناسب بناء الجدار في بعض المناطق.

و لدى توجهنا بالسؤال إلى الائتلاف الوطني المعارض حول حقيقة ما جرى أوضح “محمد يحيى مكتبي” عضو الائتلاف والأمين العام السابق له أنه لا يملك معلومات كافية عن الموضوع، في حين رفض بعض مسؤولي الائتلاف ممن حاولنا التواصل معهم التعليق على الأمر.

ويعتبر بعض المراقبين أن هذه القضية حساسة بسبب موقف تركيا من القضية السورية ووقوفها إلى جانب المعارضة السياسية والعسكرية ودعمها لهما خلال السنوات الماضية.

بينما يحمّل آخرون مسؤولية هذه الانتهاكات التي تجري على الحدود بين فترة وأخرى إلى الفصائل العسكرية المسلّحة والقوى السياسية التابعة للمعارضة التي لم تتخذ خلال السنوات السابقة أي موقف لمعالجة مثل هذه القضايا.



صدى الشام