كبار تفردوا… صادق جلال العظم


رلى العلواني

مفكر أكاديمي وفيلسوف سوري يعدّ من أبرز العلمانيين العرب، وأهم من نادى بالعلمانية والديمقراطية، كتاباته شغلت كثيرين، وخاض في أثرها كثيرًا من المعارك الفكرية، وبات الرجل من أبرز شخصيات ربيع دمشق.

ولد العظم في دمشق عام 1934، ينتمي إلى عائلة سياسية عريقة، والده، جلال العظم، من أكثر الشخصيات المعروفة في سورية. درس الابتدائية في دمشق، وانتقل لمتابعة دراسته الثانوية في المدرسة الإنجيلية في صيدا، ودرس الفلسفة بالجامعة الأميركية في بيروت، متخرجًا فيها بدرجة امتياز عام 1957.

وحصل على الماجستير والدكتوراه في الفلسفة المعاصرة من جامعة “ييل” في الولايات المتحدة الأميركية؛ إذ قدم أطروحة عن الفيلسوف الفرنسي هنري برغسون.

شغل العظم مناصب عديدة، أهمها رئيس قسم الدراسات الفلسفية والاجتماعية في جامعة دمشق، ورئيس تحرير مجلة الدراسات العربية في بيروت، وعمل استاذًا في جامعتي “برنستون” و”هارفارد” في الولايات المتحدة الأميركية، وكثير من الجامعات في ألمانيا واليابان وبلجيكا، وعمل باحثاً في مركز الأبحاث الفلسطيني، وعضوًا في أكاديمية العلوم والآداب الأوروبية، إضافة إلى عمله أستاذًا في الجامعة الأردنية، واشتهر بأنه من أشدّ المدافعين عن حقوق الإنسان.

عُرف العظم بكتاباته النقدية، ومن أهم ما كتب “نقد الفكر الديني” الذي أحدث ضجة كبيرة، وحُكم عليه بالسجن بعد ذلك عام 1970، بذريعة إثارة النعرات الطائفية، وتحقير الأديان، ولكنه بُرئ من هذه التهمة في العام نفسه.

كان له كثير من المؤلفات والدراسات، أشهرها “ما بعد ذهنية التحريم”، و”دراسات يسارية حول القضية الفلسطينية”.

حصل العظم على كثير من الجوائز الدولية والعالمية، منها جائزة “ليوبولد لوكاش” للتفوق العلمي في ألمانيا عام 2004، وجائزة “ايرازموس” في هولندا، وغيرهما كثير من الجوائز.

أيّد العظم الثورات العربية بمجملها، وأطلق عليها “العودة الربيعية للناس إلى السياسة”.

أيد العظم -وبقوة- الحراك الثوري عام 2011 مع بداية اندلاع الثورة السورية، رافضًا تسمية هذا الحراك بالاحتجاجات، ووصفها بثورة الشعب ضد جلاد سورية ودكتاتورها الظالم؛ إذ صرح علنًا أن هذا الصراع لا يمكن أن ينتهي إلا بسقوط “العلوية السياسية”، وأن هذه الثورة ستكون هي الممهدة للوصول إلى حياة الديمقراطية والحرية التي فقدها الشعب سنينًا طوالًا.

توفي المفكر صادق جلال العظم في مدينة برلين الألمانية بتاريخ 11 كانون الأول/ ديسمبر 2016، في إثر أزمة صحية، نعاه الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، في بيان كتب فيه “رحيله خسارة كبيرة، لكنه الرحيل العارض الطارئ، يقابله الحضور قويًا ناصعًا متواصلًا من خلال ما تركه في الذاكرة”.




المصدر