بعد إحكام الحصار على الطبقة.. مناشداتٌ لفتح ممرات آمنة للسكان
12 نيسان (أبريل - أفريل)، 2017
يعيش نحو 40 ألف مدني في مدينة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة أوضاعاً إنسانية صعبة نتيجة غياب الخدمات الضرورية من مياه شرب وغذاء وكهرباء وصحة، وذلك عقب إحكام قوات سوريا الديمقراطية “قسد” حصارها للمدينة التي لا تزال خاضعة لتنظيم الدولة، وسط نداءات محلية بفتح ممرات آمنة لإخراج المدنيين.
وتمكنت قوات سوريا الديمقراطية، مدعومة بالتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، من فرض حصارها على مدينة الطبقة من جميع الجهات، بعد سيطرتها على قرية “الصفصافة” الخميس الماضي، آخر الطرق التي كانت تربط المدينة بالخارج.
توقعات وترجيحات
وبالتوازي يتحصن عناصر من التنظيم داخل المدينة، دون إمكانية توقع خطوتهم اللاحقة، وإن كانوا بصدد الانسحاب وتسليم الطبقة، الأمر-الذي إن تمّ- فقد يجنّب المدنيين المزيد من الويلات.
وبحسب مصادر محلية، تتعرض الأحياء السكنية لقصف مدفعي بشكل يومي، فيما انخفضت وتيرة الغارات الجوية على المدينة، عقب تصدر الأنباء التي تحدثت عن احتمال انهيار سد الفرات القريب من المدينة المشهد السوري، طيلة الشهر الماضي.
وعلى الرغم من حالة الهدوء النسبي التي ميّزت المعارك حول الطبقة خلال الأيام القليلة الماضية، فقد رجّح الناشط الإعلامي مهاب ناصر، أن تشهد الفترة المقبلة ارتفاعاً في حدتها.
وبيّن أن نقاط تمركز كلٍّ من التنظيم وقوات سوريا الديمقراطية تحتّمان عليهما المواجهة، موضحاً أنه “كما تحاصر قسد التنظيم داخل الطبقة، فالتنظيم بدوره يحاصر القوات من ثلاث جهات، باستثناء جهة نهر الفرات، أي في المكان الذي تم نتفيذ الإنزال الجوي فيه”، واستدرك: “لا خيار عن المواجهة، التي ستحدث من داخل المدينة ومن خارجها”.
بين “مَوتَين”
وعن الأوضاع الإنسانية في الطبقة، قال ناصر لـ صدى الشام إن غالبية المدنيين داخلها هم من النازحين من مناطق ريف حلب الشرقي وريف حمص وتدمر والسخنة، وهم الآن بدون مياه شرب باستثناء بعض الأحياء القريبة من مجرى نهر الفرات، كما أنهم بدون غذاء، بعد أن منعت قوات سوريا الديمقراطية دخول المواد.
أما عن الأوضاع الصحية، فقد أشار الناشط الإعلامي إلى وجود مستشفى وحيدة في الطبقة، لافتاً إلى تعرضها لدمار كبير، جراء استهدافها من قبل طائرات النظام في وقت سابق، مضيفاً “كذلك فإن غالبية الأطباء هم من الوافدين”.
وطبقاً لـ الناصر فإن التنظيم يمنع المدنيين من مغادرة الطبقة نحو المناطق الخارجة عن سيطرته.
وعن الأسباب التي دفعت المدنيين إلى البقاء في “الطبقة” رغم اقتراب المعارك منها، قال ناصر:”لقد نزح قسم منهم، لكن مع هدوء المعارك، عاد غالبيتهم، بسبب استهداف مقاتلات التحالف لمناطق النزوح”، وقال: “لقد فضّل الأهالي الموت في بيوتهم على الموت خارجها”.
وإزاء كل هذه التطورات، يحذر ناصر من تفاقم الأوضاع الإنسانية في حال عدم التوصل إلى اتفاق يقضي بخروج المدنيين.
خطوات مطلوبة
وكان مجلس محافظة الرقة المحلي التابع للمعارضة قد دعا في وقت سابق كلاً من الأمم المتحدة وقوات التحالف الدولي إلى فتح ممرات آمنة للمدنيين المحاصرين في مدينة الطبقة.
وعزا نائب رئيس مجلس محافظة الرقة، محمد حجازي، توجيه المجلس لهذه الدعوة إلى مناشدات الأهالي من داخل مدينة الطبقة.
وقال حجازي في تصريح خاص لـ صدى الشام إن “الأهالي يعانون أوضاعاً سيئة وغاية في الخطورة، بعد أن ضربت قوات سوريا الديمقراطية طوقها المحكم على المدينة”.
وأضاف: “لقد استنزفت المعارك خلال الشهرين الماضيين طاقات الأهالي، ولم يبقَ داخل المدينة إلا من عَجزَ عن تدبير نفقات النزوح”.
وبناء على ذلك، يعتقد حجازي أنه يتعين على الجهات المعنية فتح ممرات آمنة، تفادياً لحدوث كارثة إنسانية.
وعن وجهة هذه الممرات، أوضح أنه بالإمكان فتح الطريق الذي يمر بـ “جسم” سد الفرات للسماح للأهالي بعبور النهر إلى مناطق أكثر أمناً يسيطر عليها التنظيم، لافتاً إلى سماح التنظيم لمن يريد الخروج من المدينة بمغادرتها.
من جانب آخر، كشف حجازي عن مشاورات سيجريها المجلس مع مسؤوليين في مكتب الأمم المتحدة ومع مسوؤلين من الولايات المتحدة، بخصوص فتح الممرات الآمنة.
وأعرب عن أمله في التوصل إلى اتفاق مع الجانب الأمريكي، مضيفاً: “لقد وضعنا المعنيين بتصورنا للممرات الآمنة، ولمسنا تجاوباً من الأمريكان، ونأمل أن يترجم هذا التجاوب إلى خطوات تنفيذية من شأنها التخفيف من معاناة الأهالي”.
ولم يُخفِ حجازي انتقاده لبعض الجهات الإعلامية المحلية منها والدولية، بسبب ما قال إنه “تعتيم تمارسه تلك الجهات على ما يجري من مأساة إنسانية في الرقة ومحيطها، بشكل متعمد”.
سد الفرات
في غضون ذلك كانت حدة المخاوف من احتمال انهيار سد الفرات تراجعت، بعد تمكن الطواقم الفنية التي سُمح لها بالوصول إلى جسد السد من فتح بوابات عدة لتمرير المياه من البحيرة باتجاه مجرى النهر.
وأكد فريق مهندسي سد الفرات “قبل وقوع الكارثة” أن منسوب المياه بدأ يرتفع تدريجياً في مجرى نهر الفرات، وأن مياه الشرب بدأت بالعودة تدريجياً إلى مدينة الرقة.
و بعد أن أعرب الفريق عن ارتياحه لهذه النتائج، في بيانٍ وصلت لـ”صدى الشام” نسخة منه، ذكَّر الفريق جميع الأطراف بنقاط هامة لضمان استمرار هذا الوضع، من أهمها ضرورة وقف القتال في منطقة سد الفرات والمحطة الكهرومائية، وضمان عدم استهداف المنطقة والعاملين فيها بأي نوع من أنواع السلاح، بالإضافة لضرورة التواصل الدائم مع الفنيين وتأمين سلامتهم ودعمهم بالمعدات والتجهيزات الضرورية لاستمرار عملهم، والسماح للطواقم الفنية بالوصول الدائم إلى السد.
[sociallocker] صدى الشام[/sociallocker]