3 رسائل أمريكية لموسكو والأسد بعد استخدام روسيا لـ"الفيتو" بمجلس الأمن.. لم تخلو من التهديد


باستخدام روسيا حق النقض (الفيتو) في جلسة مجلس الأمن الدولي، أمس الأربعاء، أفلت ولو مؤقتاً، رأس النظام في سوريا بشار الأسد، من المحاسبة على واحدة من أكبر وأحدث جرائمه، بعدما قصف بالسلاح الكيماوي مدينة خان شيخون في 4 أبريل/ نيسان 2017.

لكن واشنطن، وخلال الجلسة، وجهت ثلاثة رسائل إلى موسكو وحليفها الأسد، ربما تكشف الكثير بشأن مستقبل السياسة الأمريكية في مرحلة ما بعد الهجوم على خان شيخون بريف إدلب، والذي أودى بحياة ما لا يقل عن 100 مدني وإصابة 500 آخرين، بينهم أطفال ونساء.

وكشفت المساجلات بين ممثلي الدول الأعضاء في المجلس، أمس، اختلاف وجهات النظر بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، الداعم العسكري والسياسي للأسد، بشأن سبل المضي قدماً في مسار التوصل إلى حل للملف السوري.

وعقب التصويت، وجهت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، السفيرة نيكي هايلي، رسالة إلى موسكو واثنتين إلى نظام الأسد.

في رسالتها الأولى قالت هايلي: "باستخدام روسيا حق النقض تكون قد قالت لا للمساءلة، ولا للتعاون مع التحقيق الأممي المستقل، ولا لقرار كان من شأنه أن يساعد على تعزيز السلام في سوريا. لقد اختارت روسيا مرة أخرى الوقوف بجانب الأسد حتى مع أن بقية العالم- بما في ذلك العالم العربي – احتشد معا، وبأغلبية ساحقة، في إدانة هذا النظام القاتل".

أما في رسالتيها إلى الأسد وأركان نظامه فقالت: "ليس لديكم أصدقاء في العالم بعد أعمالكم الوحشية والولايات المتحدة تراقب أعمالكم عن كثب. إن أيام الغطرسة وتجاهل الإنسانية قد ولت، ولن نستمع إلى أعذاركم بعد الآن، وأقترح عليكم النظر جلياً في هذا التصويت بعناية فائقة، وأن تستجيبوا لهذا التحذير".

هل من ضربة جديدة ؟

خلال جلسة لمجلس الأمن، انفضت قبل 15 دقيقة من توجيه الضربة الصاروخية الأمريكية إلى قاعدة الشعيرات التابعة لقوات نظام الأسد بمحافظة حمص (شمال)، يوم الجمعة الماضي، قالت المندوبة الأمريكية إن "هناك لحظات تضطر فيها الدول إلى التصرف بمفردها".

وهو ما حدث بالفعل رداً على الهجوم بأسلحة كيميائية، لكن هل تتكرر الضربة الأمريكية في سوريا لا سيما في ظل تبني إدارة الرئيس دونالد ترامب على ما يبدو سياسة مغايرة للإدارة السابقة برئاسة باراك أوباما (يناير/كانون ثان 2009- يناير/ كانون ثان 2017)؟

ربما يكون مستبعداً تكرار الضربة الأمريكية قريباً، خاصة مع تأكيد هايلي، في كلمتها عقب التصويت على مشروع القرار، أمس، أن واشنطن لا تزال تحث روسيا علي الانضمام إلى القوى المشتركة لعدد متزايد من البلدان والدفع باتجاه حل سياسي".

تكثيف العمل السياسي

وهو أيضا ما أكده مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، للصحفيين عقب الجلسة بقوله إن "التطورات الأخيرة في سوريا، سواء كانت الهجمات الكيميائية أو الضربة العسكرية الأمريكية، تذكرنا بأن هناك حاجة حقيقية لتكثيف العمل الدبلوماسي".

وشدد المبعوث الأممي على أن "لروسيا والولايات المتحدة مسئولية مشتركة لإعادة استقرار الوضع في سوريا".

ومضى دي ميستورا قائلاً إن "هناك خلافات جوهرية، لكن لهما (واشنطن وموسكو) مصالح مشتركة، وعليهما إيجاد أسلوب عمل والتصرف بطريقة مدروسة وواقعية ومنسقة لدعم العملية السياسية".

نموذج للتسوية

أما السفير فلاديمير سفرانكوف، نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة، فاعتبر، خلال جلسة أمس، أن "هناك فرصة لتحويل سوريا إلى نموذج للتعاون من أجل التسوية"، ودعا إلى "إجراء تحقيق شامل ومحايد في حادث خان شيخون".

وطالب سفرانكوف بوضع مخاوف أعضاء المجلس في الاعتبار، معتبراً أن "هذا هو الفرق بين مشروع القرار الذي كان مطروحا للتصويت (أمس) وبين مشروع القرار الذي طرحناه عليكم. إن مشروع القرار الروسي يتضمن بوضوح ضرورة حشد جميع الوسائل والمصادر المتاحة لإجراء تحقيق محايد".

وجدد السفير الروسي مطالبته أعضاء المجلس بضرورة سفر فريق التحقيق إلى "خان شيخون" وقاعدة الشعيرات.

مشروع القرار المعدل

وباستخدامها "الفيتو"، أحبطت روسيا مشروع قرار أمريكي بريطاني فرنسي المشترك بشأن الهجوم الكيميائي على خان شيخون، فيما امتنعت الصين، التي تمتلك أيضا حق النقض، عن التصويت.

بينما وافق على مشروع القرار 10 دول هي: الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا واليابان وإيطاليا والسويد ومصر والسنغال وأوروغواي وأوكرانيا، مقابل رفض دولة واحدة، هي بوليفيا، إلى جانب روسيا، وامتناع إثيوبيا وكازاخستان، بجانب الصين، عن التصويت.

وكالنسخة القديمة لمشروع القرار الأمريكي البريطاني الفرنسي المشترك، والتي تم إرجاء التصويت عليها في جلسة مجلس الأمن الطارئة قبل أيام، طالبت المسودة المعدلة، نظام الأسد بتقديم معلومات كاملة عن "خطط الطيران وسجلات الرحلات وأي معلومات أخرى عن العمليات الجوية، بما في ذلك جميع خطط الطيران أو سجلات الرحلات المودعة في 4 أبريل/ نيسان 2017".

كما تطالب المسودة النظام بـ"أسماء جميع الأفراد، الذين يقودون أي سرب من طائرات الهليكوبتر وترتيب الاجتماعات المطلوبة، بما في ذلك مع الجنرالات أو غيرهم من الموظفين".

ومن المطالب أيضا "إتاحة الوصول فوراً إلى القواعد الجوية ذات الصلة، التي تعتقد البعثة المشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أنها قد شنت هجمات تنطوي على مواد كيميائية كأسلحة".

وتشير المسودة المعدلة إلى المادة 21 من قرار مجلس الأمن رقم 2118، التي قضت في حال انتهاك القرار بفرض إجراءات بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة (بما يعني جواز استخدام القوة العسكرية لتنفيذه).

وكان مجلس الأمن الدولي أصدر قراره رقم 2118 في سبتمبر/ أيلول 2013، والمتعلق بالأسلحة الكيميائية السورية، والمجزرة التي ارتكبها النظام السوري في منطقة الغوطة الشرقية (أحد معاقل قوات المعارضة) بريف دمشق، في آب/أغسطس من العام ذاته؛ ما أودى بحياة المئات من المدنيين، بينهم أطفال ونساء.




المصدر