أنا عضو في المعارضة السورية. التدخل الأمريكي يمكن أن يساعدنا على تحقيق السلام.


في الأسبوع الماضي، أطلقت الولايات المتحدة صواريخ كروز في بلدي. لا أحد، بما في ذلك نفسي، يمكن أن يكون على استعداد لمثل هذه اللحظة. لكن هذه الغارات الجوية على أحد القواعد العسكرية للرئيس السوري بشار الأسد والتي كانت انتقاماً مباشراً لمهاجمة النساء والأطفال الأبرياء كانت رسالةً موجّهةً للأسد والتي طالما انتظرها السّوريون.

وكانت تلك الإجراءات بدايةً لما يمكن أن يكون نقطة تحوّلٍ في الصّراع السّوري. الآن، إدارة ترامب تربط النقاط بين جرائم الأسد في الحرب والعَقَبَةِ أمام الحل السياسي. وكما قال وزير الخارجية ريكس تيلرسون في نهاية الأسبوع الحالي إن على روسيا والولايات المتحدة الآن “تهيئة الظروف لعمليةٍ سيّاسيّةٍ من خلال جنيف حيث يمكننا أن نُشْرِكَ جميع الأطراف للمضيّ قدماً في هذه العملية.”

كانت تصرفاتُ الرّئيسِ ترامب ضدَّ قوّاتِ الأسد خطوةً أولى رئيسةً لإنهاءِ الفوضى وإرساءِ الأساس لعملية السلام في جنيف. ولكن لكي تكون حقّاً فعّالة، فإن هذا لا يمكن أن يكون جهداً قائماً بذاته. يجب على أوروبا وائتلاف الدول الإقليمية الراغبة الانضمامُ الآن إلى الولايات المتحدة لحماية المدنيين السّوريين كخطوةٍ لإجبار نظام الأسد على الدخول في محادثاتِ سلامٍ ذاتِ مصداقيّة.

نحن كسوريين لا يمكن لنا أن نملي النوع الدقيق للعمل الذي يجب أن تتخذه الولايات المتحدة. لقد اختارت ضربة ردعٍ محدودةٍ ضدَّ جيش الأسد. وقد تختار أيضاً جعل هذه الضربات آلية لحماية المدنيين السوريين من العنف العشوائي، بما في ذلك -وليس على سبيل الحصر -الفظائع التي ترتكبها الأسلحة الكيميائية.
فالأسلحة الكيميائية مثل السارين وغاز الكلور -في حين أنها مروعة – فهي ليست القاتل الرائد في سوريا. وهذا التمييز البغيض ينتمي إلى طائرات الأسد.

في العام الماضي، تم قتل أكثر من نصف مجموع المدنيين السوريين الذين قتلوا جراء الغارات الجوية العشوائية. ولهذا السبب يجب أن يكون سلاح الأسد قائماً على الأرض.
على مدى ست سنوات، ذهب الأسد ومؤيدوه بعيداً أكثر فأكثر. فما بدأ مع رد النظام العنيف على الاحتجاجات السلمية في عام 2011 قد تحوّل إلى استهدافٍ منهجيٍّ ووحشيٍّ للمدنيين، بما في ذلك هجوم الأسلحة الكيماوية الأسبوع الماضي في إدلب. فالنظام السوري يهاجم بانتظام الأبرياء، يُجَوِّعُهم، يقصفهم ويعذبهم. وحتى الأسبوع الماضي، لم يواجه النظام أيّة عواقب وخيمة.

 

إن السوريين والأميركيين يرغبون في إنهاء هذه الأزمة. لا أحدَ يريد أن يقف إلى جانبنا بينما الأطفال الصغار يختنقون، والرغوة تسيل من أفواههم. لا أحدَ يريدُ أن يقفَ إلى جانبنا بينما يُجْبَرُ المزيدُ من النّاسِ على الخروج من ديارهم بسبب التفجيرات أو الحصار. ونحن جميعاً نريدُ على وجه الخصوص التّصدي لتهديد الإرهاب وعدم الاستقرار العالمي.
إن عدم الاستقرار في سوريا هو عدم الاستقرار في العالم –وسببه الرئيس هو قتل الأسد العشوائي للمدنيين. إن العنف المتعمد للأسد وعدم الاهتمام بعملية التفاوض هو سبب الأزمة السورية. وطالما أن هذا العنف يستمرَّ دون عواقب، فسيهرب اللاجئون من سوريا وستستفيد الدولة الإسلامية من الفوضى. ولن تغادر إيران والميليشيات الطائفية سوريا من دون تهديد حقيقي باستخدام القوة من قِبَلِ الولايات المتحدة.
ومن شأن تضافر الجهود التي يبذلها المدنيّون أولاً بقيادة الولاياتِ المُتّحدة وحلفائها أن تمنع هذه النتائج. يمكن للولايات المتحدة وأوروبا وائتلاف الدول الإقليمية الرّاغبة أن تفرض عواقب موثوقة – مثل تلك التي شهدها الأسبوع الماضي – ردّاً على هجمات نظام الأسد ضدَّ المدنيين. وقد يُقنِعُ هذا النهجُ روسيا بحظرِ الأسد من إرسال قواته الجوية لذبح أطفالنا، ولدى روسيا هذه القدرة ويمكنها أن تُهيّئَ الظروف لإجراء محادثاتِ سلامٍ ذاتِ مصداقيَّةٍ.

 

نحن في المعارضةِ السوريّةِ مستعدون للمفاوضات. حاولنا لسنواتٍ الدخول في محادثاتٍ مع نظامٍ لم يكن لديه حافزٌ للقيام بذلك. بعد الضّرباتِ الجَوِّيةِ الأسبوع الماضي، ظهر هناك ضغط جديد على الأسد ومؤيديه. قد لا يفكر الأسد ومؤيدوه مرتين في شن هجماتٍ على المدنيين فحسب، بل قد يشعرون أيضاً بضرورة التفاوض للحفاظ على شكل من أشكال السلطة. يجب على الولايات المتحدة، أوروبا والحلفاء الإقليميين أن يساعدونا على مواصلةِ الضّغطِ حتى نتمكن من التوصّلِ إلى حلٍّ سيّاسيّ.

ولن نتمكن من تحقيق سوريا آمنة وديمقراطية إلا بمرحلة انتقالية سياسية. نحن لا نريدُ تغيير النّظام المفروض، نحن لا نريد فراغاً. نريد أن تكون الظروف ملائمة للسوريين ليكونوا قادرين على تقرير مستقبلهم.

للوصول إلى هناك، نريد من الولايات المتحدة -بالتنسيق مع الآخرين -وضع الأسس التي ستجبر النظام على التخلي عن استراتيجيته العسكرية. وهذا سيمكننا من التوصّل إلى اتفاقِ سلامٍ. ونحن على استعداد للقيام بدورنا -والآن نحن بحاجة للولايات المتحدة والحلفاء للقيام بدورهم.

 

—————-

الكاتب:

بسمة قضماني عضو في لجنة المفاوضات العليا في المعارضة السورية وهي الهيئة الرئيسية المعارضة للتفاوض حول محادثات السلام في جنيف. وهي أيضاً المؤسّسُ المشاركُ والمديرُ التّنفيذي لمبادرة الإصلاح العربي.

وهي أكاديمية سورية ومتحدثة سابقة في المجلس الوطني السوري. وهي المديرة التنفيذية لمبادرة الإصلاح العربي؛ وهي شبكة من معاهد البحوث والسياسات العربية المستقلة تعمل على تعزيز الديمقراطية في العالم العربي.

رابط المادة الأصلي: هنا.



صدى الشام