أنس مراد: الضباط المنشقون في الفصائل مُجرّدون من القرار


آلاء عوض

أكد الضابط المنشق، أنس مراد، أن “معظم الفصائل المُقاتلة على الأرض تضمّ ضباطًا منشقين داخل كياناتها، إلا أن قيادات الفصائل التي تكون أغلبيتها مدنيّة، لا تسمح لهم بالمشاركة في صناعة القرارات الاستراتيجية، وتقصر دورهم على الأعمال العسكرية، وتقديم الخدمة والخبرات تقديمًا مجردًا، دون التدخل في القرار. وفي بعض الأحيان يكون وجود المنشقين ضروريًا لاستقطاب داعمين. في كل الأحوال يكون وجود الضباط المنشقين ضمن الفصائل مشروطًا بعدم المشاركة في صنع القرار، والابتعاد عن سير العمليات ومآلاتها، ولا تُراعى الاختصاصات؛ إذ تكون عشوائية، وليست ضمن سلسلة التخصّص والرُتب”.

وذكر في حديث خاص لـ (جيرون) أن “عددًا قليلًا من الضباط اختار العمل مع الفصائل؛ لتردي أوضاعهم المادية. واستمراريتهم في العمل ترتبط بمدى قدرتهم على التماهي، وعدم التدخل في القرارات المصيرية، وتُعطى لهم صلاحيات العمل العسكري فحسب”، موضحًا أن “إفادة الفصائل من هؤلاء الضباط كبيرة جدًا، مقابل عدم إعطائهم الوزن الذي يليق بهم، وتجريدهم من قيمتهم، بوصفهم خبرات عسكرية، من حقها التدخل في صوغ القرار”.

وحول الأحوال المعاشية للضباط المنشقين، لفت مراد إلى أن “أحوالهم الاجتماعية والمادية سيئة جدًا، ولم تتبناهم أي جهة، ويضطرون إلى مزاولة أعمال لا تتلاءم مع خبراتهم ومستواهم المعرفي، العلمي والاجتماعي”، ويقول مراد: إن كثيرًا من أصدقائه الضباط يعملون في مهن صعبة، وإن “الإهمال الكبير للعسكريين من كل الجهات، أوقف حركة الانشقاق بين الضباط، فهم يسمعون أخبار زملائهم المنشقين، وكيف يتعامل معهم قادة الفصائل، ممن لا يفقهون في العمل العسكري شيئًا، فمنذ 3 سنوات لم نسمع عن ضابط انشق من جيش النظام”.

أضاف: “أبت القوى السياسية أن تسمع الضباط المنشقين وتدعمهم، وقُدّم كثير من الاقتراحات لإحداث مؤسسة عسكرية (هيئة أركان) حقيقية ووطنية، تعمل وفقًا للمصلحة السورية العليا، وتراعي الاختصاص، إلا أنها جميعها قوبلت بالرفض من التكتلات السياسية التي تعدّ وجود كيان عسكري قوي له تأثيره سيُلغيها، ويُنهي دورها”، مؤكدًا أن “التوجّه الرئيس لكل الجهات الداعمة للتشكيلات السورية، سواء كانت سياسية أم عسكرية، هو عدم دعم أي مشروع وطني حقيقي، يُنقذ البلد ويُسقط النظام، ومن ثم؛ فإن القيادات السياسية وُجدت لمنع تشكيل كيان كهذا”.

وعن رأيه في المعارك الأخيرة (قل يا عباد الله اثبتوا)، و (قل اعملوا)، في كل من دمشق وحماة، قال: “لا يوجد قرار عسكري حقيقي على الأرض، فالمعارك مرتبطة بالداعمين، وكل قادة الفصائل غير قادرين على اتخاذ قرارات فردية وطنية؛ لأنهم مرتبطين بالممولين، وأي فصيل يخرج من السيطرة يتم إنهاؤه وتصفيته، والتقييم العسكري أن الفصائل المُقاتلة في دمشق، شكّلت خطرًا كبيرًا على النظام. ويكون التساؤل: لمَ المعارك متوقفة في العاصمة منذ سنتين طالما أن هنالك قدرة عسكرية كبيرة؟ إذن؛ هي دلالة على وجود زخم عسكري وقدرات لوجستية فنية وتقنية لا يُستهان بها، إلا أن القرار الأخير ليس بيد الثوار والفصائل، إنما بيد الداعمين والدول الداعمة هي التي تحرّك الجبهات، والثوار قادرون على انتزاع العاصمة من الأسد، لو أتت تعليمات بذلك، المعارك الأخيرة في دمشق هدّدت النظام أكثر من القصف الأميركي، إلا أنه لا توجد تعليمات من الجهات الداعمة لإكمالها وإسقاط النظام، ويجري الإيعاز بإيقافها بعد أن تحقّق الغاية السياسية المنشودة منها”.

وأكمل: “ولا يستطيع الضباط المنضوون تحت ألوية الفصائل اتخاذ أي قرار حاسم في شأن المعارك، لأنه وبكل بساطة يُستغنى عنهم، وإن كلّف هذا الاستغناء خسارة خبرة عسكرية كبيرة، أو حتى خسارة المعركة بأكملها”.

وذكر مراد “أنه لا يوجد أي جهة مختصة، أحصت أعداد الضباط المنشقين عن جيش النظام، إلا أن أرقامهم التقريبية، وبحسب تقديرات وضعها الضباط أنفسهم، تبلغ 5000 ضابطـ، نحو 800 منهم في الأردن، و1000 في تركيا، وما يقارب 200 منهم يعيشون في مخيم للضباط في تركيا، وقسم منهم عادوا إلى سورية؛ ليشاركوا في المعارك على الأرض”.

أنس مراد رائد منشق، اختصاص مشاة، خريج الكلية الحربية، عمِل في الكلية الحربية في حمص 13 عامًا، وانشق من النظام مطلع العام 2012.




المصدر