تنقل آلاف المقاتلين وإمدادات عسكرية ضخمة للأسد.. بهذه الطريقة السرية تواصل إيران دعمها للنظام


نشر معهد "واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" تقريراً تحدث فيه عن استمرار الدعم الإيراني المقدم للأسد عن طريق جسر جوي سريع، ودور "الحرس الثوري" الإيراني في ذلك، والطرق التي يتبعها.

ويؤكد التقرير أن "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري"، استعان بموارد ذات طابع المدني وهمي لمساعدة نظام بشار الأسد، وذلك عبر إنشاء "الحرس الثوري" لخطوطه الجوية وشركات الخدمات الخاصة التي يستخدمها للتمويه من أجل تقديم المساعدة اللوجستية وزيادة إيراداته.

وتعتبر شركة طيران "بويا" الخطوط الجوية الرئيسية التي يديرها "الحرس الثوري"، بالإضافة إلى شركة طيران "بارس" التابعة إليه، مع العلم بأن سابقاتها "بارس للطيران" و "ياس للطيران" صُنّفتا من قبل الولايات المتحدة ككيانات إرهابية في عام 2012.

ووجهت أمريكا لهاتين الشركتين اتهامات بنقل الأسلحة إلى نظام الأسد، ووفقاً لتقرير المعهد الأمريكي، فإن شركة طيران "بويا" تدير ست طائرات شحن روسية الصنع تستأجرها من "القوة الجوية التابعة للحرس الثوري الإسلامي".

ويعمل "الحرس الثوري" على زيادة أسطوله الجوي، إذ اشترى مؤخراً طائرتين إقليميتين برازيليّتَي الصنع، ويصل مداهما إلى نحو ثلاثة آلاف كيلومتر ويمكن أن تتّسعان لما يصل إلى خمسين راكباً.

ولزيادة إيراداته المالية فإن "الحرس الثوري" يجني الأموال من رحلات الركاب، ويتمكن كذلك من ادخار المال لنقل عناصره وعائلاتهم. ويقول معهد "واشنطن": "الأهم من ذلك، أن امتلاكه لأسطول جوي للشحن والسفر خاص به يتيح له نقل عناصره أو شحناته السرية تحت أدنى درجات الرقابة من سلطات الطيران المدني".

ويشير المعهد إلى أنه مؤخراً "ظهرت تحت الأضواء شركة أخرى خاضعة للحرس الثوري، وهي طيران فارس قشم التي استلمت من الشركة الأفغانية كام للطيران طائرتي شحن عتيقتين من طراز بوينغ 747-200 أف عن طريق وسيط أرمني".

وتم على الفور استخدام أولى هذه الطائرات، في رحلات جوية يومية من طهران إلى دمشق وكانت أرقام الرحلات (كيو إف زي 9950 وكيو إف زي9951). وتخضع الطائرة الثانية للصيانة في مركز "فارسكو" للصيانة والإصلاح في طهران. ووفقاً لمعهد "واشنطن" فإن "شركة ماهان للطيران هي التي تسيّر طائرات البوينغ التي تم شراؤها حديثاً".

ويشير تقرير المعهد إلى أنه في الفترة الأخيرة شهد الجسر الجوي بين إيران ونظام الأسد، حركة ناشطة مع رحلات تسيّرها عدة شركات طيران مدنية وعسكرية، وهي: "ماهان للطيران، والخطوط الجوية الإيرانية، والقوات الجوية الوطنية الإيرانية، وطيران الحرس الثوري، والخطوط الجوية السورية، وأجنحة الشام للطيران".

وسيّرت شركة "أجنحة الشام" - المملوكة من قبل رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد - رحلات منتظمة بين طهران ودمشق واستهدفتها العقوبات الأمريكية في عام 2016.

والجدير بالذكر - بحسب معهد واشنطن - أن غالبية رحلات "الخط السوري السريع" التي تسيّرها هذه الشركات تجري ليلاً لإعاقة عملية رصدها عبر الأقمار الاصطناعية.

وبالإضافة إلى هذا الخط الناشط بين طهران ودمشق، ثمة ثلاث خطوط جوية ("ماهان"، و"الخطوط الجوية الإيرانية"، و"الخطوط الجوية السورية") تحطّ في "مطار عبادان" بشكل متقطع، حيث تُنقل إليها عناصر الميليشيات الشيعية العراقية بالحافلات من النجف والبصرة لتستقل الطائرات إلى دمشق.

وتشير إحصائية معهد "واشنطن" إلى أن  "الخطوط الجوية الإيرانية" و"السورية" نقلت نحو 21 ألف مسافر بين طهران/عبادان ودمشق خلال الشهرين الماضيين فقط، بالإضافة إلى إمدادات فاق وزنها 5,000 طن.

ويلفت التقرير إلى أنه فيما ينتقل قلة من "الحجاج" (الإيرانيين) إلى سوريا في هذه الأيام، فإن معظم هؤلاء المسافرين هم من القوات العسكرية أو شبه العسكرية. ويضيف أن "جميع هذه الرحلات تقريباً مستأجرة بالكامل من قبل الحرس الثوري الإسلامي وعادةً ما تكون غير متاحة لعامة الشعب".

أنشطة خطرة

وتعد شركة "ماهان" للطيران محور اهتمام وعمل "الحرس الثوري" الإيراني، وتقوم هذه الشركة منذ نهاية القرن الماضي بأنشطة عسكرية.

في عام 1992، تأُسست شركة "ماهان" للطيران، ثاني أكبر شركة طيران إيرانية، من قبل "شركة مل مفاه الدين القابضة في كرمان" كشركة صغيرة تسيّر رحلاتها على متن بضع طائرات روسية الصنع.

وبعد فترة من عدم الاستقرار، قامت الشركة في عام 1998 بتكليف إدارة عملياتها لضابط سابق في "الحرس الثوري" ويدعى حميد عرب نجاد.

وخلال الحرب بين إيران والعراق، عمل عرب نجاد نائباً لقائد إحدى أنشطة الوحدات القتالية التابعة لـ "الحرس الثوري"، وهي "شعبة العمليات  ثأر الله 41" بقيادة القائد الحالي لـ"فيلق القدس" قاسم سليماني. ثم تولى عرب نجاد لاحقاً رئاسة المكتب الإيراني للإعمار في البوسنة والهرسك، وهومنصب مرتبط على الأرجح بعمليات «فيلق القدس» في البلقان.

ويقول معهد "واشنطن": "يقيناً، أن توظيف ضابط سابق في الحرس الثوري الإيراني ليس بالضرورة بالأمر المقلق، لأن العديد من مدراء شركات الطيران الإيرانية الأخرى هم من قدامى الحرس الثوري. لكن العلاقة الوثيقة التي تربط عرب نجاد بسليماني وفيلق القدس تبعث على القلق. كما أن أعمال ماهان غير المشروعة التي تنفذها بالنيابة عن الحرس الثوري قد وضعت الشركة على رأس قوائم العقوبات الدولية منذ عام 2011، وبالتالي فإن أي شركة تتعامل معها تكون معرضة لمخاطر كبيرة.

وأشار تقرير المعهد إلى أن شركة "ماهان" استلمت مؤخراً الطائرة الأولى من بين ثلاث طائرات "إيرباص أي340"، ولفت إلى أنه تم تسليم نظام الأسد واحدة على الأقل من هذه الطائرات إلى "الخطوط الجوية السورية" وقد قامت للتو برحلتها الافتتاحية الأولى إلى دبي.




المصدر