كيف أفرغ آل الأسد يوم الجلاء من مضمونه الوطني وحوّلوه إلى مناسبة للتصفيق لمنجزاتهم الكاذبة؟
17 نيسان (أبريل - أفريل)، 2017
منذ أن استولى حافظ الأسد على مقاليد الحكم في سوريا بعد انقلابه عام 1970م، عمل على ترسيخ سلطته الفردية الاستبدادية، وعمل على تزوير التاريخ ليستولي على سوريا ماضياً وحاضراً.
ومن خلال إعلام موجه كاذب خدم الأسد وتطلعاته، ونطق باسمه لا باسم السوريين طوال عقود، ارتبط يوم الاستقلال في سوريا بآل الأسد وحزب البعث الذي كان وسيلتهم لحكم سوريا، وتتحول البرامج التلفزيونية والإذاعية وكذلك الصحف والمجلات إلى بث برامج تركز على الأسد وحكمه، ومنجزاته التي باتت جملها محفوظة بلا معنى في مخيلة السوريين.
وبدل أن تنتشر صور الأعلام السورية وصور الأبطال الذين صنعوا الاستقلال عن الفرنسيين، تنتشر في هذا اليوم صور الأسد (الأب ومن بعده الابن)، مع أعلام حزب البعث، وتتكرر كلمات المديح للحاكم وتذكير الناس بمنجزات مكذوبة أبعدت المواطنين السوريين عن الشعور بعظمة يوم الاستقلال، وعن الاهتمام به وتمثل معانيه.
يقول الأستاذ “محمد” مدرس التاريخ لـ”السورية نت”: “يوم الاستقلال في حياة الشعوب هو يوم العزة والفخار، يوم يزداد فيه الشعور بالانتماء للوطن، بينما كان في سوريا في عهد آل الأسد يوماً للكذب والنفاق وتمجيد الحاكم الفرد المستبد”.
ويضيف: “السوريون في عهد آل الأسد لم يعد يهمهم يوم الجلاء، فقد حوّل النظام هذا اليوم عن مقصده، الذي يعني الانعتاق من المحتل المستبد القمعي، إلى يوم يذكّر السوريين بأنهم مازالوا محتلين، وأن ما تغيّر في حياتهم هو وجه المستعمر فقط”.
من جهتها تصف “سلمى” وهي موظفة سابقة في أحد مؤسسات الدولة، شعورها عندما كانت تحل مناسبة وطنية في سوريا كيوم الجلاء مثلاً وتقول لـ”السورية نت”: “كنا ننتظر تلك المناسبات لأنها يوم عطلة، لا لشيء آخر، فآل الأسد أفرغوا تلك المناسبات من مضمونها”.
وتضيف: “وبعد الفرح بيوم العطلة كان يسيطر علينا شعور الانقباض لأننا كنا مضطرين للمشاركة باحتفالات كاذبة تمجد الأسد وحكمه، وكنا في مؤسستنا كما في كل المؤسسات الأخرى مجبورين على النفاق وكيل المديح الذي لم يكن يتجاوز ألسنتنا للأسد ولحزب البعث، حتى لم نعد نشعر بأن تلك الأعياد الوطنية هي أعياد للوطن بل حوّلها الأسد إلى مناسبات نفاق وكذب، أبعدت الناس عن شعورهم بالانتماء للوطن”.
الاستقلال الثاني
عندما بدأ السوريون ثورتهم في منتصف مارس/ آذار 2011م، بدأت آمال الاستقلال الحقيقي تلوح في الأفق، وراح السوريون يعبرون عن شوقهم وتوقهم للحرية والاستقلال من حكم آل الأسد مهما بلغت التضحيات.
يقول الأستاذ “محمد”: “عندما بدأ الثوار برفع علم الثورة اختاروا علم الاستقلال الذي اعتمد كعلم رسمي للبلاد عندما نالت سوريا استقلالها عام 1946م”.
ويوضح: “تم استخدام علم الاستقلال حتّى إعلان الوحدة بين سوريا ومصر عام 1958م، حيث تم تغييره بعلم الوحدة الذي بقي مستخدماً حتى انهيار الوحدة بين البلدين عام 1961م”.
ويرى “محمد” بأن استخدام الثوار في سوريا لعلم الاستقلال فيه رمزية كبيرة، “تدل على رغبتهم بالتخلص من كل ما يمت للأسد أو للبعث بصلة، فهم يعملون على نيل الاستقلال الثاني”.
ومنذ منتصف مارس/ آذار 2011، يطالب السوريون بإنهاء أكثر من 47 عاماً من حكم آل الأسد، حيث حكم حافظ الأسد سوريا بالحديد والنار، وواجه ابنه بشار الثورة بالقصف والقتل والتدمير، وقتل أكثر من 500 ألف سوري، وشرد نصف الشعب السوري داخلاً وخارجاً، ودمر البنية التحتية لسوريا، وسلم البلاد ومقاديرها للروس والإيرانيين الذين مازالوا يساعدونه على قمع ثورة الشعب السوري.
[sociallocker] [/sociallocker]