من الثورة إلى قتلى بصفوف النظام

هيومن فويس

أصبحت ظاهرة التطوع في ميليشيات النظام بعد خضوع البلدات والمدن للتسويات وتهجير فصائل المعارضة منها أمراً أشبه بالروتيني في تلك المناطق، وهو غير مستغرب من الشبان الذين وجدوا أنفسهم محاصرين فجأة واضطروا إلى الانخراط في الثورة وحمل السلاح.

ولربما كان انضمامهم لصفوف الثورة لمصالح شخصية، لكن بعض الشبان تبدوا قصصهم صادمة، خاصة أولئك الذين كان لهم دوراً فعال في الحراك المدني والمسلح، وحتى الإعلامي، ليفضل البقاء في مدينته بعد التسوية والانضمام إلى ميليشيات النظام.

“هلال هندية” واحد من تلك الأسماء، التي تبدوا قصته غريبة نوعاً ما، فالشاب البالغ من العمر 35 عاماً، كان أحد قادة الكتائب العاملة في وادي بردى قبل التسوية، ومن الذين شاركوا في معارك تحرير عين الفيجة والسيطرة على النبع قبل سنوات.

شارك “هندية” في تظاهرات عين الفيجة وقرى الوادي عموماً، وشكل بالتنسيق مع ضباط منشقين لواء “الصادق الأمين” في عام 2014، وقاتل حتى اللحظات الأخيرة قبل خروج فصائل وادي بردى إلى الشمال السوري، لكن سرعان ما عاد إلى “حضن الوطن” بعد أن قرر البقاء في قرى الوادي.

وأصبح مسؤولاً عن حاجز كفير الزيت، الخاضع لسيطرة النظام وميليشياته، وانتقل من واجب حماية المدنيين إلى اهانتهم على الحواجز العسكرية، وتوجيه الشتائم والتعرض لأبناء بلدته، ولم يكن هلال وحده من عاد إلى حضن الوطن، بل اخاه أيضاً “نضال هندية” الذي بقي تحت إمرته وأصبح عنصراً على حاجز كفير الزيت .

“محمود العيطة” واحداً من ثوار التسويات، والذي أنتهى به المطاف قتيلاً على جبهات ريف حماه كعنصر في ميليشيات النظام بعد أن عمل في عدة مجالات ضد النظام السوري في بلدة الهامة، حيث انتقل أبن حي “دمر” إلى الهامة بعد سيطرة النظام على الحي، وعمل في المجال الإعلامي، وكان له دوراً في المجلس المحلي في دمر.

فضلاً عن نشاطه مع الهلال الأحمر القطري في مساعدة الناس، إلى أن قرر العودة إلى حضن الوطن بعد تسوية وادي بردى، حيث ذهب للتطوع في الميليشيات الموالية، والمشاركة في مهمات قتالية في ريف دمشق، إلى أن تم سحبه إلى ريف حماه حيث قضى هناك مشاركاً النظام الذي قتل والده وأخاه تحت التعذيب في فرع 215 التابع للأمن العسكري، فضلاً عن أكثر من 15 معتقل من عائلته مغيبون في معتقلات الأسد.

عشرات القصص التي لا يمكن للعقل أن يصدقها، ومئات الشباب الذين قاتوا النظام لسنوات، أصبحوا بين ليلة وضحاها في صفوف النظام، وقاتلوا بجانبه حتى الموت، هكذا أصبحت باختصار مناطق ريف دمشق التي خضعت للتسوية في الأشهر الأخيرة.

المصدر: صوت العاصمة