الشيخ لافروف : بعض الدول الأوروبية تروج للمتعة والإباحية

اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن اللهث وراء القيم الليبرالية قد بلغ حد المهزلة في بعض دول أوروبا، حيث يجري الترويج على قدم وساق فيها لمذاهب المتعة والإباحية.

وفي كلمة ألقاها بمناسبة عيد الفصح في مقر الخارجية الروسية، قال: "مما يثير قلقنا استمرار محاولات مجموعة ضيقة من الدول، وبولع الرسل في إيمانهم، لغرس القيم الليبرالية الكاذبة التي تروج لما يسمى بمذاهب المتعة والإباحية". وأضاف: "ومما يقلقنا كذلك، الوصول بمفاهيم التسامح إلى حد المهزلة المتمثلة في أوروبا ببروز ظاهرة الانسلاخ عن الجذور المسيحية والتنصل منها". وختم بالقول: "صار الأمر يصل إلى القبول بشكل رسمي باقتراحات استخدام الكنائس لأغراض دنيوية أو حتى إزالتها". المصدر: "إنترفاكس"   __________________
منذ العام 2007 وإلى الآن ما زالت التصريحات تترى من هنا وهناك موجهةً أصابع الإتهام إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه يحوز على ثروةٍ ضخمة تقدَّر بعشرات المليارات من الدولارات، كان أولها في كانون الأول/ ديسمبر عام 2007 على لسان المحلل السياسي الروسي المستقل ستانسلاف بلكوفسكي، الذي افتتح المزاد بأن ذكر في حديثه إلى صحيفة "دي فيلت" الألمانية أنَّ بوتين يسيطر على50%  من أسهم شركة "جونفور" النفطية (وهي رابع أكبر شركة نفطية عالمية)، و37% من أسهم شركة "سورغوت نفط غاز" (إحدى كبريات الشركات النفطية الروسية)، و4,5% من أسهم شركة الغاز الروسية "غازبروم"، وأنَّ ثروة بوتين من الأسهم في هذه الشركات النفطية تبلغ 40 مليار دولار.. ليعود بلكوفسكي ليذكر عام 2012 أنَّ ثروة بوتين ارتفعت إلى 70 مليار دولار.
  
 
كتاب
بوتين زعيم مافيا
(ملف ضخم عن فساد بوتين وإجرامه)
تأليف: حسين احمد صبرا
(2016)
 
 
 
الإهداء:
إلى روح الشهيد ألكسندر ليتفيننكو
(ضابط الإستخبارات المنشق، والذي اغتاله بوتين في لندن عام 2006)
 
 
الطامع في ثروة سورية النفطية (1)
 
الملياردير فلاديمير بوتين..
من أين له هذا؟!
 
 
 
 
 
حسين احمد صبرا
منذ العام 2007 وإلى الآن ما زالت التصريحات تترى من هنا وهناك موجهةً أصابع الإتهام إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه يحوز على ثروةٍ ضخمة تقدَّر بعشرات المليارات من الدولارات، كان أولها في كانون الأول/ ديسمبر عام 2007 على لسان المحلل السياسي الروسي المستقل ستانسلاف بلكوفسكي، الذي افتتح المزاد بأن ذكر في حديثه إلى صحيفة "دي فيلت" الألمانية أنَّ بوتين يسيطر على50%  من أسهم شركة "جونفور" النفطية (وهي رابع أكبر شركة نفطية عالمية)، و37% من أسهم شركة "سورغوت نفط غاز" (إحدى كبريات الشركات النفطية الروسية)، و4,5% من أسهم شركة الغاز الروسية "غازبروم"، وأنَّ ثروة بوتين من الأسهم في هذه الشركات النفطية تبلغ 40 مليار دولار.. ليعود بلكوفسكي ليذكر عام 2012 أنَّ ثروة بوتين ارتفعت إلى 70 مليار دولار.
علينا أن نسأل في بادىء الأمر ما هي شركة "جونفور" التي يملك بوتين – كما يُقال – 50% من أسهمها، أي يملك نصف هذه الشركة (بالإضافة إلى ما يملكه في الشركتين الأخريين)، أو كما عاد بلكوفسكي وأوضح لصحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية بأنَّ بوتين لا يملك أسهماً وإنما يحصل على نسبة من أرباح هذه الشركة كونه صديقاً لصاحبها تيمتشنكو.. ولكن قبلها علينا أن نسأل أولاً: مَنْ هو المحلل بلكوفسكي، ثم مَنْ هو جينادي تيمتشينكو الذي ظَهَرَ في الصورة على أنه صاحب شركة "جونفور"؟
 
ستانسلاف بلكوفسكي
 
ستانسلاف بلكوفسكي
إنه كاتب في العلوم السياسية، ومؤسس ورئيس معهد الإستراتيجية القومية في موسكو، ومؤسس شركة الإتصالات "بوليتك"، وصاحب الصيت الذائع في روسيا لكونه واحداً من صحافيي مجلة "فضائح" في موسكو، ويبلغ من العمر 44 عاماً (مواليد 1971)، وهو الذي ابتكر في الصحافة الروسية تسمية "البوتينية"، للدلالة على أنَّ بوتين يعيد تأميم صناعة النفط في البلاد..
كتاب "بوتين" لبلكوفسكي
ألَّف بلكوفسكي عدة كتب عن بوتين اتهمه فيها بامتلاك نسب عالية من أسهم الشركات النفطية الروسية وأنه "بلوتوقراطي أفريقي"، أي من الأشخاص النافذين بسبب ثروتهم، تماماً كما يحصل في أفريقيا.. وكان آخر هذه الكتب كتابٌ حَمَلَ عنوان "بوتين" في عام 2013 تناول فيه كل شيء عن حياة بوتين الخاصة واتهمه فيه بـ"المثلية الجنسية الكامنة" وحب الظهور في الصور عاريَ الصدرِ مستعرضاً عضلاته المفتولة، وبأنه أصبح رمزاً لمثليي الجنس في روسيا والعالم، وأنَّ علاقة بوتين المزعومة مع لاعبة الجمباز الجميلة السابقة وبطلة الألعاب الأولمبية ألينا كاباييفا مجرد حيلة مبتكرة من مستشاريه في مجال العلاقات العامة.
 
 
 
    يظن الكثيرون من الروس أنَّ ستانسلاف بلكوفسكي يحظى بحماية أعضاء رفيعي المستوى في جهاز الإستخبارات الروسية، ولعلَّ هذا ما يفسر لنا ثلاثة أمور: الأمر الأول أنَّ بوتين لم يجرؤ حتى هذه اللحظة ولن يجرؤ مستقبلاً على قتل أو سجن بلكوفسكي.. الأمر الثاني، دقة معلومات بلكوفسكي التي يدلي بها في تصاريحه وكتاباته.. الأمر الثالث، وجود صراع خفي بين فريق واسع من الإستخبارات الروسية ضد مافيا الفساد التي يتزعمها بوتين في روسيا منذ 15 عاماً على الأقل.
 
جينادي تيمتشنكو
 
هو واحد من أبرز الأثرياء الروس، عمره 63 عاماً (مواليد 1952).. صنَّفته مجلة الأعمال الأميركية "فوربس" عام 2014 بأنه يحتل المرتبة التاسعة بين أثرى أثرياء روسيا، والمرتبة 61 في قائمة المليارديرات في العالم عن ثروة تبلغ 11,3 مليار دولار. لكن، ووفقاً لمنشور آر بي سي الروسي عام 2012 فإنَّ ثروته قُدِّرت بـ24,61 مليار دولار.
جينادي تيمتشنكو
درس تيمتشنكو الهندسة الكهربائية وبدأ العمل عام 1977 في أحد المصانع في لينينغراد (بطرسبورغ) كمتخصص في صناعة مولدات الطاقة الكهربائية، ومنذ أن تعلَّم اللغة الألمانية تمَّ نقله إلى قسم التجارة في هذا المصنع.. ومن عام 1982 وحتى عام 1988 عمل كمهندس كبير في وزارة التجارة الخارجية، ثم تمت ترقيته إلى نائب مدير شركة النفط المملوكة للدولة "كيريشي نفط"، التي أنشئت على واحدة من أكبر المصافي الثلاث في روسيا السوفياتية. وعقب انهيار الإتحاد السوفياتي عام 1991 عملت الفِرَق التي كان تيمتشنكو فرداً منها، على وضع الخطوات الأولى في عملية تصدير المنتجات النفطية من روسيا إلى أوروبا، ليصبح تيمتشنكو واحداً من الشخصيات الرائدة في مجال صناعة تجارة النفط الروسية. بعد ذلك ما لبث تيمتشنكو أن انتقل إلى فنلندا وحصل على الجنسية الفنلندية، وهناك أصبح النائب الأول ومن ثمَّ الرئيس التنفيذي لشركة "آي بي بي أُوي" الفنلندية والمختصة بالمنتجات النفطية الدولية. 
   لكن الأمر الهام الذي غفلت عن ذكره الموسوعة الحرة "ويكيبيديا" هو أنَّ جينادي تيمتشنكو كان ضابطاً في جهاز الإستخبارات السوفياتية السابقة الـكي جي بي، وعمل هو وبوتين معاً في هذا الجهاز.. على أنَّ هذه العلاقة ما لبثت أن توطَّدت وأصبحت ظاهرة للعيان وغير مخفية على أحد بعد أن وصل بوتين إلى كرسي السلطة في روسيا..
     نقرأ في أحد المواقع الصحافية الروسية المعارضة "سوبسدنيك" تحت عنوان "الملياردير الروسي الأكثر غموضاً" (7/ 3/ 2007) أنَّ أحد قادة شرطة أمن الدولة الإستونية قال له: "إنَّ تيمتشنكو نفسه، ورغم أن لديه خلفية استخبارية، إلا أنه لا يخفي سراً في صداقته مع بوتين".
 
بوتين يلعب الجودو في نادي "يافارا"
   وهكذا، فإنَّ جينادي تيمتشنكو، الذي هو أيضاً أحد مؤسسي نادي الجودو "يافارا" الذي يترأسه فلاديمير بوتين، أصبح مموِّل الكرملين حيث يتربَّع بوتين إما رئيساً للجمهورية وإما رئيساً للوزراء، حتى أنَّ المرشح الرئاسي السابق إيفان ريبكين قال عام 2007: "خلال حملة الإنتخابات الرئاسية الأخيرة وَصَفْتُ تيمشنكو باعتباره الشخص الذي يسيطر على الأداة النقدية غير الرسمية للكرملين؛ وبعد ذلك تمَّ نهب مقرَّاتي".
في عام 2000 أسَّس تيمتشنكو شركة "جونفور" مع شريكٍ سويدي يدعى توربجورن تورنكفيست.. فما هي هذه الشركة؟
 
شركة "جونفور" النفطية
 
   إنها شركة دولية لتجارة الخامات النفطية.. سُجلت الشركة في قبرص، وأنشىء مكتب تجاري لها في جنيف في سويسرا، ولديها مكاتب تجارية في سنغافورة وجزر البهاما ودبي، مع مكاتب تمثيلية حول العالم. وتعمل الشركة في تجارة ونقل وتخزين النفط وغيره من منتجات الطاقة والإستفادة المثلى منها. كما لها استثمارات في محطات وخزانات وأنابيب النفط المكرر. وتتكون عمليات شركة "جونفور" من تأمين النفط الخام من المنبع وتسليمه إلى الأسواق عبر خطوط الأنابيب والناقلات. وتعتبر شركة "جونفور" رابع أكبر شركة في العالم في تجارة النفط الخام بعد شركة جلينكور (البريطانية السويسرية)، وفيتول (الهولندية)، وترافيجورا (الهولندية أيضاً).
   من عام 2002 إلى عام 2008 زادت صادرات النفط الروسية عبر شركة "جونفور" 16 مرة.. وبين عامي 2005 و2007 ارتفعت عائدات الشركة من 5 مليار دولار إلى 43 مليار دولار، أي أنها ارتفعت حوالى 9 أضعاف في غضون عامين، وقد بلغت صادراتها 83 مليون طن من النفط والمنتجات النفطية.. وفي عام 2010 نمت مبيعات الشركة إلى 65 مليار دولار، مع كميات متزايدة من النفط بلغت 104 ملايين طن.
   في عام 2009 أنشأت "جونفور" قسم الطاقة العالمي فيها بحيث ركزت على تداول مجموعة واسعة من سلع الطاقة بما في ذلك الفحم والطاقة المتجددة والغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال... وفي عام 2010 دخلت في أولى صفقاتها في الغاز الطبيعي إلى الأسواق.. وفي عام 2011 تداولت هذه الشركة أقل من 20% من النفط المنقول بحراً من روسيا، وبذا فإنها أكبر مورِّد للنفط الخام الروسي، هذا طبعاً إلى جانب ما تداولته من النفط في أفريقيا وآسيا والنفط الخام من جنوب الولايات المتحدة.
   ولكي نكون دقيقين أكثر فإننا رحنا نقرأ في موقع شركة جونفور الإلكتروني ما تعلنه هي نفسها عن حجم تعاملاتها المالية، فهي أولاً تبيع بضاعتها النفطية في أكثر من 100 دولة.. ثانياً، تبيع يومياً أكثر من مليون برميل من النفط الخام ومنتجاته.. ثالثاً، في عام 2014 بلغت إيرادات الشركة 88 مليار دولار.. رابعاً، توظِّف الشركة 1600 رجل وامرأة حول العالم.
 
بوتين – تيمشنكو.. أدلة دامغة
 
   من جهته، ينفي بوتين أي علاقة له في أنشطة رجال الأعمال ولا سيما منهم تيمتشنكو، حتى أنه قال في لقاءٍ له مع الكتَّاب والناشرين عام 2011 إنه تعرَّف على تيمتشنكو عندما كان (أي بوتين) يعمل في مدينة لينينغراد (بطرسبورغ) عام 1990، وإنه لم يتدخَّل قط في المصالح التجارية لتيمتشنكو ولم يخطط لذلك، وأضاف: "لقد دخل تيمتشنكو في مجال التجارة والأعمال منذ البداية حينما سُمِحَ بالخصخصة؛ وأؤكد لكم أنَّ ذلك كان دون مشاركتي تماماً".
نيكولاي توكاريف مع بوتين
ومن جهتنا رحنا نجمع العديد من الأدلة المباشرة وغير المباشرة على أنَّ بوتين هو المستفيد الأكبر من أعمال تيمتشنكو ولا سيما من حصته في شركة "جونفور"، فالعديد يؤكدون أنَّ تيمتشنكو دخل قبل ربع قرن في مشروعٍ تجاري قصير الأمد مع لجنةٍ حكومية ترأسها بوتين عام 1990، بالإضافة إلى أنَّ شركةً برئاسة تيمتشنكو جنت أرباحاً من برنامج النفط مقابل الغذاء عندما كان العراق محاصراً.. وهنا نعود إلى مقال الموقع الروسي المعارض "سوبسدنيك" الآنف الذكر (تحت عنوان "الملياردير الروسي الأكثر غموضاً")، إذ يذكر موقع "سوبسدنيك" أنَّ أحد المعارضين الروس قال له: "إنَّ شركة "جونفور" اشترت في وقتٍ سابق 3 ملايين طن من النفط العراقي بـ500 مليون دولار (الأرجح بين عامي 2000 و2003)، ويقول تقريرٌ للأمم المتحدة أنَّ تيمتشنكو حصل على هذا من شركة "زاروبخ نفط"، التي يرأسها شخصٌ يدعى نيكولاي توكاريف، الذي اعتاد على أن يكون ضابط بوتين المتفوِّق عندما كان بوتين ضابط استخبارات في دريسدن (في ألمانيا)".
   وتصاعدت الإنتقادات والتلميحات من خارج روسيا، ففي 29 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2008 نشرت صحيفة "الإيكونومست" البريطانية مقالاً عن تيمتشنكو وشركة "جونفور" بعنوان "شَحِّمْ كَفِّي"، لمَّحت فيه إلى علاقة شركة جونفور بالرئيس الروسي بوتين، ما أدى بتيمتشنكو وشركته إلى رفع دعوى قضائية ضد الصحيفة، إلى أن تمت تسوية الأمر في تموز/ يوليو عام 2009 وتمَّ سحب المقال من على شبكة الإنترنت.. ومهم بالنسبة إلينا أن نورد ما ذكرته "الإيكونومست" في بيانها التوضيحي عقب طي ملف الدعوى، إذ قالت: "نحن سعداء أن نوضِّح أننا عندما أشرنا إلى "الفساد الجديد" في روسيا اليوم، فإننا لم نكن نقصد أن نشير إلى أنَّ شركة "جونفور" والسيد تيمتشنكو يحصلان على قطاع النفط الروسي نتيجةً للرشاوى التي يدفعونها أو الإغراءات الفاسدة التي يبدونها. إنَّ شركة "روسنفط" لا تبيع معظم نفطها من خلال شركة "جونفور"، وإنما من 30 إلى 40% منه فقط (!!). ونحن نقبل تأكيدات "جونفور" أن لا فلاديمير بوتين ولا الشخصيات السياسية الروسية العليا الأخرى لديها أي مصلحة في ملكية "جونفور". نحن نأسف إذا ما أعطينا أي انطباعٍ مخالف".
   في عام 2010 نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" اللندنية إحدى وثائق ويكيليكس المسرَّبة، جاء فيها أن ثروة فلاديمير بوتين (رئيس الوزراء آنذاك) مرتبطة "بشركة لتجارة النفط السرية مقرها سويسرا" وتدعى "جونفور". وأضافت الوثيقة أنَّ سفير الولايات المتحدة في روسيا جون بيرل ذكر أنَّه توجد صلاتٍ وثيقة بين شركة "جونفور" والحكومة الروسية، وأنه أفاد بقوله: "يُشاع بأنَّ ملكيَّتها السرية تشمل رئيس الوزراء بوتين". (ردَّت شركة "جونفور" في حينه بالنفي).
 
العقوبات الأميركية خير دليل
 
إلى أن جاءت العقوبات الأميركية ضد الكرملين عقب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، لتقطع الشك باليقين.. لقد شملت العقوبات 16 فرداً من مسؤولي الدولة الروسية بالإضافة إلى 4 مليارديرات من أقرب المقرَّبين من بوتين (بالإضافة إلى بنك روسيا).. لقد تصدَّر اسم جينادي تيمتشنكو لائحة المليارديرات الأربعة المفروضة عليهم أشد العقوبات..
   نقرأ في الموقع الإلكتروني لوزارة الخزانة الأميركية ما يلي، وذلك في بيانها الصادر في 20 آذار/ مارس 2014، أنَّ العقوبات الأميركية تشمل "أولئك المعيَّنون للعمل من أجل أو نيابةً عن أو قدَّموا مساعدة مادية، وكفلوا أو قدَّموا مساعدات مالية ومادية، أو دعموا تكنولوجياً، أو بالبضائع، أو الخدمات، أو أيَّدوا المسؤول الكبير في حكومة روسيا الإتحادية، هم: جينادي تيمتشنكو، أركادي روتنبرغ، بوريس روتنبرغ، يوري كوفلتشوك وبنك روسيا".
   كما نقرأ على موقع وزارة الخزانة الأميركية نفسه وفي البيان ذاته عن السبب في فرض العقوبات على تيمتشنكو: "إنَّ جينادي تيمتشنكو هو واحدٌ من مؤسسي شركة "جونفور"، وهي واحدة من أكبر الشركات المستقلة في العالم والمتخصصة في تجارة السلع والمشارِكة في أسواق النفط والطاقة. إنَّ أنشطة تيمتشنكو في قطاع الطاقة ترتبط ارتباطاً مباشراً ببوتين. إنَّ لدى بوتين استثماراتٍ في "جونفور" وربما يمكنه الحصول على أموال الشركة".
توربجورن تورنكفيست
ولكن تيمتشنكو كان أسرع، إذ قام في 19 آذار/ مارس 2014 (أي قبل يومٍ واحد من صدور العقوبات الأميركية) ببيع حصته (البالغة 43,5%) لشريكه السويدي تورنكفيست، ولم يتم الكشف عن قيمة الصفقة. وبذا نجا تيمتشنكو من العقوبات.
وجدير بالذكر أنَّ شركة "جونفور" سارعت عقب صدور العقوبات الأميركية إلى نفي أي علاقة لها بالرئيس بوتين، قائلةً: "إنَّ بوتين لم يحظَ قط بأي تملُّك أو استفادة أو خلاف ذلك في شركة جونفور".
 
عقوبات شخصية؟!
 
أمرٌ لافت بالنسبة إلينا أن تقتصر العقوبات الإقتصادية الأميركية على أعضاء الدائرة المقرَّبة من فلاديمير بوتين، بما يعني لنا أنَّ هذه العقوبات هي عقوبات شخصية طالت المصالح الشخصية البحتة للرئيس الروسي نفسه، وذلك من خلال المحيطين به من المليارديرات الروس، والذي قام من خلالهم على مر السنين الفائتة بتجميع ثروة شخصية البعض يقدِّرها بعشرات مليارات الدولارات والبعض الآخر يقدِّرها بمئات المليارات.. 
 
 
المعارض الروسي الشاب ألكسي نافالني
   صحيح أنَّ المعارض الروسي المناهض للفساد ألكسي نافالني، الموجود حالياً ضمن الإقامة الجبرية في موسكو، كان قد اقترح على الولايات المتحدة قبيل صدور العقوبات في مقالٍ نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" تفادي الإضرار بالمواطن الروسي العادي والتوجه لفرض عقوبات على المسؤولين في الكرملين الذي يعيشون حياة البذخ، مضيفاً: "يعني ذلك تجميد الأصول المالية لأباطرة النفط ومصادرة ممتلكاتهم". ويبدو أنَّ وزارة الخزانة الأميركية قد اقتدت بمقترحاته.
 
إلا أنَّ أميركا في كل الأحوال قرَّرت من خلال عقوباتها توجيه ضربة شخصية لبوتين نفسه، وهو الذي رهن مصالح روسيا بمصالحه الشخصية البحتة.. كان ذلك عام 2014.. لكنَّ أميركا ما لبثت أن كافأت بوتين شخصياً أيضاً حينما سمحت له بالتدخل العسكري في سورية إلى جانب نظام الأسد وتوسيع سيطرته على الساحل السوري حيث آبار النفط والغاز الموعودة، والتي لا بد أنَّ بوتين بعد خسارته لشركة "جونفور" وما كانت تدر على شخصه من أرباح وجد الفرصة أمامه سانحة للتعويض في سورية، وبرأينا فإنَّ هذا السبب الشخصي هو واحد من أبرز أسباب التدخل الروسي في سورية.