تجمّع وطني يسعى لترتيب البيت الداخلي “العربي” في الحسكة


 

مع اقتراب انطلاق معارك فاصلة في مدينة الرقة ستكون نتائجها مفصلية وحاسمة لجهة تحديد مستقبل الرقة وبقية المحافظات الشرقية الأخرى، تزداد مخاوف غالبية سكان تلك المحافظات، وينتابهم قلق شديد على مصيرهم بفعل عوامل عدة من أهمها استفراد جهة عسكرية صاعدة تتمثل بالوحدات الكردية والتي تحظى بدعم أمريكي واضح.

وأمام هذه المخاوف عقدَ “التجمع الوطني لقوى الثورة والمعارضة في الحسكة” مؤتمراً صحفياً الخميس الماضي في مدينة غازي عنتاب التركية، حذر فيه من محاولات التزوير الواضحة التي تتعرض لها هوية محافظة الحسكة.

وتحت شعار “سوريا وطن واحد لجميع أبنائها” أكد المؤتمر ضرورة الوصول إلى سوريا بلا أي تمييز أو استثناء، مشدداً على مراعاة التنوع السكاني الذي يعد سمة لمحافظة الحسكة، ورفض مشاريع التقسيم.

 

ثوابت التجمع

وفي مستهل المؤتمر أكد القائمون على التجمع، الذي يضم ثواراً ومعارضين وسياسيين وشخصيات عشائرية، على ثوابت عدة أبرزها: رفض التقسيم تحت أي مسمى، ورفض الوجود الأجنبي، والتأكيد على إسقاط النظام بكل رموزه وأركانه، ومحاربة الإرهاب بكل أصنافه وميليشياته، وسيادة القانون  في مختلف النواحي السياسية والاجتماعية، وضرورة أن تأخذ المرأة مكانها الصحيح في الأسرة والمجتمع والعمل والسياسة.

وعن أهداف المرحلة الراهنة، أكد رئيس مكتب العلاقات العامة، فواز المفلح، سعي التجمع لترتيب البيت العربي الداخلي في المحافظة، مشيراً إلى ما وصفها بـ”التشقاقات” التي ظهرت فيه جراء الظلم الذي تعرض له العرب في المدينة، وقال المفلح لـ صدى الشام إن “محافظة الحسكة تعرضت لما تعرضت له غيرها من المحافظات السورية من الأذى، لكن الملاحظ فيها هو غياب المكون العربي، وهو ما أدى إلى مساعدة الأطراف الأخرى على تزييف الحقائق”.

وأضاف: “للأسف فإن كثيراً من القنوات الإعلامية تقول عن جهل إن محافظة الحسكة هي ذات غالبية كردية، وهذا مخالف لكل عمليات التعداد السكاني، سواء تلك التي قام بها النظام أو حتى الوحدات الكردية مؤخراً”.

وأوضح المفلح أن التجمع يسعى بعد الانتهاء من جمع الشتات العربي في المدينة، إلى التوجه للقاء المكونات الأخرى، الكردية والسريانية وغيرها.

 

النظام وجرائمه

 من جانبه تطرق رئيس الهيئة السياسية للتجمع، هشام مصطفى، إلى ما قام به النظام من أفعال إرهابية في المدينة، وأضاف في تصريح لـ صدى الشام: “لقد عمد النظام إلى إطلاق يد الوحدات الكردية وبعض الشبيحة من أبناء العرب والمكونات الأخرى في المدينة”.

وتابع: “نحن نريد أن نؤكد للجميع بأننا نحن العربَ والكردَ والسريانَ والآشوريين والإيزيديين أبناء مدينة واحدة”، واستطرد: “إن شغلنا الشاغل اليوم هو طرد كل الميليشيات التي جاءتنا من الخارج وعلى رأسها تنظيم الدولة، وكذلك الفكر المسموم الوافد الذي تحمله الوحدات الكردية”.

 

 

التهجير والانتهاكات

وفي هذا الإطار أشار عضو الهيئة السياسية في التجمع، مضر الأسعد، إلى عمليات تجريف وتدمير المنازل الذي قامت به وحدات الحماية الشعبية الكردية في كثير من قرى ريف الحسكة في جبل عبد العزيز، وأرياف رأس العين، وتل حميس وغيرها، بهدف اجبار أهلها العرب على تركها.

وأضاف: “نسعى إلى كشف ما يجري من جرائم ترتكب بحق أبناء المحافظة، من قبل الأطراف الثلاثة أي تنظيم الدولة والنظام والوحدات الكردية”.

وبعد أن لفت الأسعد إلى خطورة عمليات التجنيد الأجباري التي تنفذها الوحدات الكردية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، نوه أيضاً إلى الفصل الجغرافي الكامل وتقطيع أوصال المدينة، وتابع: “لقد تم توثيق بعض الانتهاكات، وتم وضع محكمة العدل، وكذلك منظمة العفو الدولية بصورتها بشكل رسمي”.

 

 

تسييس الإغاثة وفرض المناهج

من جانب آخر تحدث الأسعد عن ظروف اقتصادية متردية يعيشها سكان الحسكة، وقال: “إن المساعدات الإنسانية تصل للحسكة من بعض المنظمات الأجنبية العاملة في الشأن الإغاثي، لكن وللأسف فإن هذه المساعدات تُصادر من قبل الوحدات الكردية والنظام، ويقوم الهلال الأحمر بتوزيع المساعدات على الميليشيات التابعة للنظام”.

وأضاف: “تتحكم الوحدات بالممر الوحيد على نهر دجلة الذي يربط الحسكة بإقليم كردستان العراق، وبالتالي تصادر هذه الميليشيات المساعدات التي تأتي عبر الإقليم وتوزعها كما يحلو لها”.

من جانب آخر لفت الأسعد إلى فرض الوحدات للمناهج الدراسية الكردية في المدارس العربية، مضيفاً “لسنا ضد الثقافة الكردية، لكن نرفض أن يتم فرض المنهاج الخاص بهم على بقية المدارس”.

ورداً على أسئلة الصحفيين حمَل رئيس الهيئة السياسية، هشام مصطفى، الوحدات مسؤولية تهجير الآشوريين الذين كانوا يشكلون ثلث سكان مدينة “تل تمر”، باستثناء قلة قليلة منهم، وكذلك ما جرى من تهجير في خط نهر الخابور بفعل إرهاب تنظيم الدولة.

وقال: “لسنا نحن كعرب من نعاني وحسب، بل إن كل مكونات المحافظة تعاني”، كاشفاً عن مدّ التجمع لجسور التواصل مع الهيئات الآشورية.

 

التحركات العسكرية للتجمع

وبعيداً عما تعانيه المدينة من أوضاع إنسانية، استعرض التجمع الذي عقد مؤتمره التأسيسي في شباط الماضي، جانباً من التحركات العسكرية المعارضة التي يتم التحضير لها.

وفي هذا الإطار أكد مضر الأسعد أن “جيش العشائر” هو جزء من التجمع الوطني لقوى الثورة والمعارضة في الحسكة، وأضاف: لقد كان للعشائر دور في تشكيل هذا التجمع، وحالياً لدينا بعض الكتائب التابعة له والتي تتواجد في ريفي إدلب وحلب، وقريباً سيتم توحيد هذه الكتائب في جسم وطني بعيد كل البعد عن التعصب العشائري، بهدف تحرير مناطق الجزيرة السورية والفرات.



صدى الشام