مع حصول ابنه وشقيقه على جنسية بريطانيا.. سيرة (رئيس علماء الكيماوي) وعائلته


المصدر: إيثار عبدالحق- زمان الوصل حصل نجل وشقيق واحد من أهم المسؤولين عن تطوير الأسلحة الكيماوية لدى النظام على الجنسية البريطانية، فيما يعد “فضيحة” أخرى تضاف إلى سجل الحكومة البريطانية، التي سبق الكشف عن تورطها في تصدير مئات الأطنان من المواد الكيماوية، استخدمها النظام و”علماؤه” في تصنيع غاز السارين. وبحسب تقرير لكبرى الصحف البريطانية “ذي تايمز” نشرته اليوم الأحد، واطلعت “زمان الوصل” على جزء منه، فقد حصل كل من: “بشر”، ابن عمرو أرمنازي، وغيث شقيق “عمرو” الأكبر.. حصلا على جواز السفر البريطاني، رغم أن “عمرو” مدرج على لوائح العقوبات، وعلما أن الابن “زيد” الأكبر لـ”عمرو أرمنازي” حاصل على الجنسية البريطانية منذ 2009 وهو يعمل في إحدى المؤسسات المصرفية في لندن.

*من بوابة المعلوماتية

يتولى “عمرو أرمنازي” منصب المدير العام لمركز الدراسات والبحوث العلمية، وهي مؤسسة تابعة لوزارة الدفاع، ومنخرطة في الإشراف على تحديث مختلف أنواع الأسلحة، لاسيما غير التقليدية منها (كيماوية، بيولوجية..)، وهو ما يؤهل “أرمنازي” بشكل ما، لنيل لقب “رئيس علماء الكيماوي” في سوريا، أو “سيد كيماوي” لدى نظام الأسد. ويأتي الكشف عن منح ابن وشقيق “عمرو أرمنازي” للجنسية البريطانية في فترة ما تزال أصداء مجزرة الكيماوي في خان شيخون تتردد في العالم، وهو ما يرفع الإجراء البريطاني إلى مستوى الفضيحة، لاسيما أن “أرمنازي” كان وما زال حاضرا بثقله في دعم النظام، وتطوير أسلحته التي يقتل بها السوريين. تقول بيانات خاصة بـ”زمان الوصل” أن عمرو أرمنازي من مواليد 1944 لأب يدعى محمد نجيب وأمّ تدعى طلعت، وهو متزوج من امرأة اسمها هدى (تعبر عن دعمها للنظام بكل صراحة) وله منها: ولدان وبنتان، إحداهما تحمل ماجستير في إدارة الأعمال من بريطانيا. ومن المهم الإشارة إلى أن “محمد نجيب أرمنازي” كان أحد أبرز رجال السلطة في عهد الانتداب الفرنسي، حيث كان يتولى منصب “كبير أمناء القصر الجمهوري”. وقد ولد “محمد نجيب” في حماة عام 1897، وكان لعائلته قصر معروف في منطقة العفيف وسط دمشق، قيل إن رئيس الجمهورية الأسبق “شكري القوتلي” استأجره من “نجيب” شخصيا، وبقي فيه “القوتلي” حتى سنة 1956. وتولى “نجيب” عددا من المناصب الدبلوماسية، منها: سفير سوريا في بريطانيا والهند ومصر، وكانت له مشاركات (ممثلا عن سوريا) في الاجتماعات التي أفضت إلى تأسيس الجامعة العربية وهيئة الأمم المتحدة أيضا. وبالعودة إلى “عمرو أرمنازي”، تقول معلومات “زمان الوصل” إن علاقة هذا “العالم” ببشار الأسد بدأت تتوطد عندما كان الأخير رئيسا لما يسمى “الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية”، وهي الجمعية التي سبق لباسل الأسد أن أسسها (أو أُسست له بالأحرى) ليروج لنفسه كشخصية شابة ومتعلمة ومنفتحة، قبل أن يلقى حتفه أوائل 1994، ليخلفه بشار في الجمعية، وفي الإعداد لوراثة السلطة كذلك. ويرتبط “عمرو أرمنازي” بعلاقة صداقة مع “الدكتور عماد مصطفى” السفير السابق للنظام في واشنطن، وعراب بشار وعلاقاتها مع الولايات المتحدة. “مركز الدراسات والبحوث العلمية” الذي يرأسه “عمرو أرمنازي” حاليا، تأسس في عام 1969، وهو كيان بحثي يتبع مباشرة لوزارة الدفاع، ما يؤكد الطابع العسكري والسري لأبحاثه وتطبيقاته، المنصبة أساسا على تطوير كل ما يخدم “القدرات الدفاعية لسوريا”، لاسيما في مجال تطوير أسلحة الدمار الشامل، التي لم تدمر سوى سوريا. وكثيرا ما يخلط السوريون وغيرهم بين “مركز الدراسات والبحوث العلمية” و”المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا”، لتقاربهما في التخصص وحتى الموقع الجغرافي (برزة ومساكن برزة)، علما أن المعهد يرأسه الآن “الدكتور ماهر سليمان”. ونتيجة علاقته الوثيقة بتطوير أسلحة النظام التي يستخدمها في سحق ثورة السوريين، فقد أدرجت واشنطن “عمرو أرمنازي” ضمن لائحة العقوبات المفروضة على النظام بشخصياته ومؤسساته، ولاحقا تمت إضافة “أرمنازي” إلى قائمة العقوبات البريطانية والأوروبية.

*تصحيح واستقرار

أما غيث أرمنازي شقيق “عمرو” والمولود في 1943، فقد سبق له أن خدم كرئيس لبعثة الجامعة العربية في لندن، كما يشغل “غيث” منصب المدير التنفيذي للجمعية السورية البريطانية، واجهة بشار وملمعته في بريطانيا، والتي أسسها عام 2003 حماه (والدة زوجة بشار) “فواز الأخرس”. وفي شباط/فبراير من هذا العام، أعلن “غيث” عن إصدار كتاب يحمل عنوان “قصة سوريا”، نشره باللغة الإنجليزية، وقد تحدث “غيث” عن بعض محتويات وفصول كتابه خلال لقاء مع هيئة الإذاعة البريطانية مؤخرا، تجنب فيه أي تصريح بإجرام النظام وانتهاكاته التي مارسها بحق الشعب السوري.
الكتاب الذي يقع في 270 صفحة، خصص فيه “غيث” فصلين مستقلين للحديث عن حقبة حافظ وابنه بشار، وقد فضّل الكاتب في تصريحاته لهيئة الإذاعة البريطانية أن يصف انقلاب حافظ الأسد عام 1970 بـ”الحركة التصحيحية التي قادها الرئيس الراحل حافظ الأسد”، معتبرا أن هذا الانقلاب “جاء بالاستقرار، الذي كان يصبو إليه الكثير من السوريين”. وتجنب “غيث” أي حديث عن طائفية النظام، رافضا اعتبار هيمنة العلويين على المؤسسة العسكرية والأمنية بوصفها عملا مدبرا ومخططا له من قبل آل الأسد، بل كان نتيجة الظروف والعوامل المحيطة، واصفا توريث السلطة في سوريا بأنه كان “نتيجة متوقعة”.

* عفا الله عما سلف

تعود التأثيرات والتدخلات البريطانية في الملف السوري إلى حقبة بعيدة، لكن هذه التدخلات تكرست بعد أن أوجدت “الإمبراطورية البريطانية” موطئ احتلال مباشر وغير مباشر لها في أكثر بلدان المنطقة، وارتفع منسوب التأثير الإنجليزي عبر مساهمته في رسم خارطة جديدة للمستقبل السوري وتغيير هوية البلاد إلى “سوريا الأسد”، بمساعدة حافظ الأسد على الوصول إلى السلطة، ولاحقا مباركة “انتقال” هذه السلطة إلى بشار بالتوريث. ويستدل بعض المهتمين بالتأثير البريطاني على المشهد السياسي السوري.. يستدلون بزيارة قام بها حافظ الأسد (عام 1965 عندما كان قائدا للقوى الجوية) إلى بريطانيا بحجة العلاج، فيما تكشف وثيقة بريطانية أن الزيارة تخللتها لقاءات مع مسوؤلين بريطانيين. وبعد ذلك بنحو ربع قرن، كان على بشار الأسد أن يذهب إلى لندن لإكمال دراسته الجامعية في الطب، وهو ما يعده البعض أيضا مجرد غطاء على المهمة الرئيسة لابن حافظ، الذي تبين لاحقا أنه “وريث العرش”. وإذا كانت هذه الروايات حول تدخل بريطانيا في صنع “حكام” سوريا وتأهيلهم، يمكن أن تندرج في إطار الموضوعات القابلة لنقاش شائك وجدال لاينتهي، فإن ما لا جدال فيه هو تورط بريطانيا -واعترافها لاحقا بهذ التورط- في تزويد نظام الأسد بمئات الأطنان من المواد التي استخدمت في تصنيع غاز السارين.. الغاز الذي لا يمكن لدولة مثل بريطانيا بالذات أن تسمح للنظام بامتلاكه لو شكت لحظة أنه سيستخدم في الاتجاه الخاطئ (أي ضد الدولة العبرية تحديدا). ففي أواسط 2014، وبينما كانت إجراءات تدمير المخزون الكيماوي للنظام توضع على سكة التنفيذ، وبينما كانت بريطانيا تشارك في تدمير هذا المخزون.. ظهرت إلى العلن وثيقة مسربة من وزارة الخارجية البريطانية تثبت تورط شركات بريطانية في بيع مواد كيماوية إلى النظام في ثمانينات القرن الماضي. ووفقا لهذه الوثيقة فقد عمد نظام الأسد إلى استخدام مادة الفوسفات الكيميائية في تصنيع غاز السارين القاتل، كما زودته شركات بريطانية بمواد: ثنائي ميثيل الفوسفات، هيكسامين، وثلاثي ميثيل الفوسفات، وهي من المواد الأساسية في خلطة تصنيع السارين.. هذا فضلا عن بيع مئات الأطنان من المواد الكيميائية والأجهزة المساعدة إلى دمشق عام 2003. وبعد أن لم يعد هناك من شك في مصداقية الوثيقة، اضطر وزير خارجية بريطانيا -حينها- “وليام هيغ” للاعتراف بالحقيقة، لكنه قال إن تصدير تلك المواد الخطيرة تم “بصورة شرعية”، معقبا:” وفق المعلومات التي نملكها، نرجح أن هذه الصادرات الكيماوية من شركات بريطانية تم استخدامها لاحقا من قبل السوريين في برامجهم لإنتاج غازات أعصاب، بما في ذلك السارين”. وأقر “هيغ” بثلاث دفعات أرسلتها شركات من بلاده إلى نظام الأسد بين العامين 1983 و1986 تضمنت “بضع مئات من الأطنان” من المواد كيماوية، حسب قوله. وحاولت ناطقة باسم الخارجية البريطانية التخفيف من وقع عمل بلادها المشين، معتبرة أن “هذه المواد تم تصديرها قبل 30 سنة”، أما في السنوات الأخيرة فقد “تم إجراء تعديل شامل على ضوابط الصادرات، ووضع إطار قانوني أكثر شدة وعملية أكثر شفافية”.. بمعنى “عفا الله عما سلف”!



المصدر