أصدقاء الراحل في تأبينه: “عبد اللي انشغل بالتأسيس لغد أرحب”


جيرون

“لم ينكسر حتى يوم قرر الرحيل، على الرغم مما كساه من وجع. لم يصرخ، وإنما حاول عبر 80 كتابًا أن يبحث عن الحاضر، وأن يؤسس -ما استطاع- لغدٍ أرحب” بهذه الكلمات قدّم الصحافي، عدنان عبد الرزاق، صديقَه عبد القادر عبد اللي، في التأبين الذي نظمه مركز حرمون للدراسات المعاصرة، الثلاثاء، في مقره في غازي عينتاب التركية.

تحدث عبد الرزاق عن مآثر الفقيد الذي وُلد في مدينة إدلب عام 1957، وعن “مساهماته في إغناء حركة الثقافة العربية؛ فقد ترجم عن التركية نحو 80 كتابًا، فضلًا عن ترجمته نحو 20 مسلسلًا، وعدة أفلام وثائقية وروائية تركية، إضافة إلى ذلك، نشر أكثر من 1000 مادة صحفية في مواقع وصحف سورية وعربية، فضلًا عن إرث تشكيلي، يتمثل في رسم 50 لوحة فنية”.

بعد الوقوف دقيقةَ صمت؛ إجلالًا لروح الفقيد، ألقى الدكتور عبد الله تركماني كلمةً باسم مركز (حرمون)، أكد خلالها أن “التأبين يندرج في إطار اهتمامات المركز بكل ما يتعلق بالوطنية السورية الجامعة”، وأكد حرص (حرمون) “على إعلاء هذه الوطنية التي يُعدّ الاحتفال بفقيدنا عبد القادر عبد اللي، وهو أحد الرموز الثقافية السورية، أحدَ تجلياتها”.

وشارك أيمن أبو هاشم، المنسق العام للتجمع الفلسطيني السوري الحر (مصير)، بكلمةٍ تناولت صدقية وجدّية الفقيد، وتقصير مؤسسات الثورة في حقه، وحق كل مثقفي الثورة عامةً، ولفت أبو هاشم إلى المواقف الأخلاقية التي تحلى بها عبد القادر عبد اللي قبلَ الثورة، وإلى خياره في الانحياز إلى خيار الشعب السوري خلال الثورة.

من جهة ثانية، سلّط الناشر محمود وهب الضوءَ على جوانب من شخصية الأديب والفنان، عبد القادر عبد اللي، وعلى الحس الفني المرهف الذي تمتع به، وتحدّث عن إسهاماته الكبيرة في الترجمة من اللغة التركية وإليها، مع ما تعنيه حركة الترجمة من ارتقاء ونهوض وتقارب إنساني بين الشعوب.

أما الأب إبراهيم فرح، فتطرّق إلى الجانب الإنساني في شخصية الفقيد عبد اللي، وإلى علاقته بزوجته وأولاده وأصدقائه، واتسمت بكمّ هائل من المشاعر الإنسانية النبيلة، في حين تحدث محمد خير عبد اللي، الابن الأكبر للفقيد، عن علاقته بعبد القادر عبد اللي، الأب والإنسان، وتمثلت بالكرم والبساطة والتضحية والصدق والثقة والاحترام والجدية.

وكان لأصدقاء الراحل حيزٌ في تأبينه؛ إذ تحدث المحامي، ياسر السيد، عن لقب “أبو الخير” الذي عُرف به عبد القادر عبد اللي، وعن اختصار هذا اللقب شخصية عبد القادر، ووصفه بالمعطاء بلا حدود، من خلال عمله بلا كلل مدة 16 ساعة يوميًا، وعن صفة ابن البلد الأصيل الذي يحمل سمة الكرم في فنه وأدبه.

شاركت الأديبة والشاعرة التركية، ثريا فيليز، بكلمةٍ استرجعت فيها بداية علاقتها مع عبد القادر عبد اللي،  وامتدت 12 عامًا، وعن لقاءاتهما في سورية وفي تركيا، ومدى قربها من الفقيد وعائلته وزوجه، السيدة سميرة، لدرجة أنها ترى نفسها جزءًا من العائلة. كذلك ألقت الإعلامية التركية، خالصة تاكداش، كلمةً في التأبين، عبّرت فيها عن حزنها الشديد لرحيل عبد القادر عبد اللي، وحجم الخسارة الأدبية والفنية التي شكلها فقدان شخص بقيمة عبد القادر عبد اللي. تضمن الحفل عرض لوحات كان الراحل قد رسمها في أوقات متباعدة.

وفي ختام التأبين قدم فادي كحلوس، مدير فرع (حرمون) في مدينة غازي عينتاب، درع التكريم لعائلة الفقيد، نيابة عن المركز، وأكد كحلوس أن الفقيد عبد اللي أغنى المكتبة العربية بإبداعاته وفنه وترجماته، وأن درع (حرمون) التكريمي يأتي تقديرًا وعرفانًا لذلك الجهد الاستثنائي الذي بذله الراحل عبد اللي طوال حياته الغنية بالعطاء.

رحل عبد اللي في الثاني من آذار/ مارس الماضي، عن عمر ناهز 60 عامًا، وترك وراءه إرثًا كبيرًا، تضمن ترجمة عشرات الكتب إلى العربية لأهم الشعراء والروائيين الأتراك، كعزيز نيسن، وأورهان باموق، وناظم حكمت.




المصدر