خان شيخون أرض الثورة والموت


اقترن اسم خان شيخون مؤخراً بإحدى أكبر مجازر السلاح الكيميائي المرتكبة في سورية. فقد تسبب الهجوم في مقتل وإصابة مئات المواطنين من بينهم أطفال ونساء، أوائل الشهر الجاري.

في خان شيخون عشرات آلاف المدنيين، من بينهم نازحون من مختلف المناطق المحيطة بها. تتبع المدينة إدارياً منطقة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، وتبعد عن مدينة إدلب نحو 70 كيلومتراً وعن مدينة حماة 37 كيلومتراً، وتشرف على الطريق الدولي بين حلب ودمشق.

يقول الناشط في خان شيخون هاني قطيني لـ”العربي الجديد” إنّ “معظم أهالي المدينة يعملون في الزراعة، ومن أهم المحاصيل الحبوب والزيتون والفستق الحلبي والبطاطا والشمندر والقطن، أما البقية فيتوزعون على الورش الصناعية والأعمال التجارية”. يلفت قطيني الذي يعمل في مجال الإعلام إلى أنّ “أبناء المدينة كان من بينهم عسكريون ونسبة ملحوظة من الضباط في الجيش السوري، لكن مع بداية الثورة، انشق معظمهم، وغادرت نسبة كبيرة البلاد”. يتابع أنّ “نسبة التعليم في المدينة تعتبر مرتفعة، ويعمل معظم المتعلمين بدورهم في التعليم، بالإضافة إلى عدد جيد من الأطباء والمهندسين من أبنائها”.

حول الواقع السياسي في المدينة، يلفت إلى أنّ “الغالبية في المدينة كانت من البعثيين بحكم الأمر الواقع، بالإضافة إلى بقية أحزاب الجبهة الوطنية (ائتلاف أحزاب بقيادة البعث). كذلك، كان هناك عدد قليل من المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين”. يتابع قطيني أنّ “علاقة الأهالي مع النظام كما كلّ البلاد كانت محكومة بالحديد والنار، فلا أحد يجرؤ حتى على الانتقاد، الأمر الذي كان يدفع الناس إلى محاباة النظام لتسيير أمورهم. وأبرز القضايا التي كانت تشغل السكان أزمة الاستصلاح الزراعي، واستملاك الدولة الأراضي”.

يذكر أنّه “مع انتشار التظاهرات في مختلف المناطق السورية في بداية عام 2011 انفجرت الاحتجاجات، وأسقط المتظاهرون تمثالاً لحافظ الأسد، وهاجموا المقار الأمنية في المدينة. يومها كانت الاحتجاجات غير مسلحة، لكنّ المتظاهرين أحرقوا المقار كي لا يعودوا إليها”.

ليست مجزرة الكيميائي في خان شيخون هي الأولى التي ترتكب بحق المدنيين في المدينة، ففي منتصف مايو/ أيار 2012، ارتكبت مجزرة بحضور المراقبين الدوليين حينها عبر الرشاشات الثقيلة وقذائف الدبابات، راح ضحيتها نحو 50 قتيلاً وعشرات الجرحى. وفي منتصف حزيران/ يونيو 2011، اقتحمت القوات النظامية المدينة، وانتشرت على مداخل خان شيخون. نقل حينها عن مصادر أهلية عبر العديد من وسائل الإعلام أنّ القوات النظامية تطلق النار بشكل عشوائي، في حين يقتحم المدينة مئات الجنود المدعومين بالدبابات والمدرعات الثقيلة.

قبل أكثر من عام ونصف العام، أخليت جميع المقار العسكرية التابعة للفصائل المسلحة المعارضة والإسلامية، من أجل سحب كلّ الذرائع من القوات النظامية والداعمة له، لاستهداف المناطق السكنية في المدينة عبر القصف الجوي أو الصاروخي. مع ذلك، استمر القصف العشوائي عليها، خصوصاً في الفترة الأخيرة، ما تسبب بمقتل وجرح مئات المدنيين.

في وسط المدينة خان أثري قد تعود التسمية إليه. وإلى جانبه جامع التكية والقصر اللذان بناهما أبو الهدى الصيادي وزير السلطان العثماني عبد الحميد الثاني. هذا الوزير يعود أصله إلى مدينة خان شيخون. تقول بعض الروايات إنّ المدينة كانت مأهولة منذ العصر البيزنطي. كذلك، فإنّ بعض الاكتشافات دلّت على آثار تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد، وهي عبارة عن أبنية وأنفاق يتجاوز طولها أحياناً كيلومتراً واحداً. وعلى بعد نحو ثلاثة كيلومترات إلى الغرب من خان شيخون تقع قرية كفر طاب التي يقال إنّها كانت مملكة قبل آلاف السنين.

دوري المناطق الحرة
الكرة الطائرة هي رياضة خان شيخون الشعبية الأولى، تليها كرة القدم. فالمدينة موطن لنادي “خان شيخون” الذي كان يلعب في الدرجة الأولى، وقد حقق المركز الثالث على مستوى الجمهورية عام 2007. كذلك، يشارك نادي “خان شيخون” لكرة القدم في “الدوري السوري الأول للمناطق المحررة” هذا العام بالذات.



صدى الشام