غنى… طفلة سورية ودعت العالم بعبارة: عالجنة رايحين شهداء بالملايين


ولاء عساف: المصدر

هي عبارة كتبتها الطفلة غنى على أول صفحة في دفترها المدرسي لترافقها بكلمة “لماذا”.. وعادت لتكتبها قبل استشهادها بدقائق وبقي السؤال حائرا بلا جواب لديها حتى غادرت الأرض هي وأخوتها.

طفلة بريئة كان القدر قد انبأها بأنها ستحلق إلى الجنة، لتترك هذا العالم الذي يعج برائحة الدماء والموت التي لم يعد منزل يخلو منها بسبب هذا النظام الغاشم الذي راح يتفنن في الأسلحة الحديثة وأدوات القتل الفتاكة.

يقول والد غنى “كنت أجلس انا وثلاثة من اولادي في غرفة الجلوس العب انا وعلي، وقد كانت ليا وغنى يكتبن وظائفهن؛ فقد كانتا من المتفوقات في المدرسة، وزوجتي تعد طعام الغذاء في المطبخ هي ومرام ابنتي الكبرى عندما سمعت طرق الباب، نهضت لأرى من الطارق وما كدت أفتح الباب حتى سمعت صوت قذيفة قريبة سقطت، هزت نوافذ المنزل والأبواب كانت أقوى من كل مرة وانقطعت الكهرباء على أثرها وساد الظلام والصمت لثوان، لوهلة ظننت أن القذيفة سقطت على أعمدة الكهرباء أمام المنزل وتسببت في انقطاع الكهرباء، حتى سمعت صوت فؤاد ابني يصرخ… بابا..يا بابا تعال شوف اخواتي”.

يضيف الأب المفجوع بفلذات كبده “دخلت انا وأحد جيراني الذي كان يطرق الباب راكضين لأرى القذيفة قد اخترقت الجدار لتسقط بينهم وابنتاي غنى وليا وابني علي قد فارقوا الحياة، بدأت امهم تبكي وتضرب وجهها، كان المصاب كبيرا والخسارة أكبر، راحت تحاول إيقاظهم، تصرخ وتقول يا أبو علي أيقظ أطفالك.. لا أريدهم أن يموتوا.. لا أريدهم أن يموتوا”.

ولم يقتصر الأمر على هذا فقط، فقد كانت مرام تتلوى من الألم وتمسك عينها التي كانت تنزف دما ولكن لم ينتبه الأب لها من هول ما رأى، “حملتها دون أن اسألها أو اخاطبها بأي كلمة وأسرعت راكضا إلى الطبيب الموجود في قريتنا لأسعفها ولو بأدوات بسيطة وإسعافات أولية”، قال الطبيب إن قطعة اسمنتية صغيرة دخلت في عينها وسببت جرح في الشبكية وعلى الأغلب أنها لن تستطيع ان ترى فيها من جديد، يضيف الأب “جلست أبكي لا أدري على أطفالي الصغار الذين فارقوا الحياة وهم بعمر الزهور أم على ابنتي التي أمست بعين واحدة”.

دخلت شظية في عين مرام عندما كانت تفتح باب الغرفة تريد ان تخبر شقيقتها ليا أن طعامها المفضل قد أصبح جاهزا، لكنها لم تدرك أنها سترى موت اخوتها أمامها، لم تصب عينها فقط بل أصابتها عقدة نفسية لن تتخلى عنها لوقت طويل، من هول ما شاهدت، إلى اليوم مرام وبعد مرور حوالي ستة أشهر على هذه الحادثة ما تزال تستيقظ ليلا تبكي، تسمع صوت ضحكات إخوتها.

تولى بعض الجيران إخراج الأطفال من تحت أنقاض الجدار الذي تهدم فوقهم ودفنوهم في مقبرة القرية، 3 قبور متراصة كل منها يحمل حكاية طفل عاش سنوات قليلة ومات بلا ذنب سوى أنه وجد في الوقت الخطأ، ودفع ثمن العيش في ظل طاغية ظالم، على حدّ تعبير والد غنى الذي قال “لم يخلق هذا النظام المجرم فقط موت ومجازر.. بل زرع في نفوس أطفالنا عقد نفسية لن تزول إلا بزواله”.





المصدر