الفنزويليون يتظاهرون والنظام يرد بالعنف والوعيد


حافظ قرقوط

شهدت عدة مناطق في فنزويلا تظاهرات احتجاجية كبيرة، ضدّ الرئيس نيكولاس مادورو وأركان حكمه، وأطلق القائمون عليها تسمية (أم التظاهرات)؛ إذ اجتمع آلاف المتظاهرين في الشوارع الرئيسة في العاصمة كراكاس، وغيرها من المدن، ونددوا بممارسات النظام وسياساته التي أفقرت الناس، وقوّضت الديمقراطية.

وصف مادورو تلك التظاهرات بأنها “محاولة انقلاب”، واتهم الولايات المتحدة الأميركية بالوقوف خلفها، واتهم وزارة الخارجية الأميركية، في اجتماع سابق الثلاثاء الماضي مع أركان الحكم -قبل اندلاع التظاهرات الأخيرة- بأنها “أعطت الضوء الأخضر للتدخل في فنزويلا”. بحسب “أ ف ب”.

يأتي هذا الاتهام لأميركا، بعد تحذير المتحدث باسم الخارجية الأميركية، مارك تونر، حكومة فنزويلا، من ممارسة القمع في التظاهرات.

وقد أدّت المواجهات التي دارت في الشوارع، بين المتظاهرين وقوات الأمن، إلى سقوط 5 قتلى وعشرات الجرحى، واعتقال مئات الأشخاص.

وبعد التظاهرات الواسعة (الخميس)، هاجمت مجموعة مسلّحة مستشفى للأطفال، فيه 54 طفلًا، فأسرعت السلطات إلى اتهام المعارضة بذلك، ونقلت “وكالات الأنباء” عن وزير الخارجية الفنزويلي، دلسي رودريغير، أنه غرد في “تويتر”، قائلًا “أعلن أمام الأسرة الدولية، أن عصابات مسلحة، تستأجرها المعارضة، هاجمت مستشفى للولادة، فيه 54 طفلًا”.

حول ما يجري في فنزويلا، رأى الصحافي المعارض هوسيه بيجارويل، في حديث لـ (جيرون)، أن هذا الحراك الشعبي “ينضوي القسم الأكبر منه تحت قيادة المعارضة التي لم توفر الجهد في إقناع الشعب بحقيقة طغمة الجنرالات الحاكمة التي نهبت البلاد، وأوصلتها إلى درجة الانهيار الاقتصادي”.

وأكد أن “الشعب أدرك ذلك، من خلال الفقر المدقع الذي يعيشه معظم السكان، ووصل إلى ما دون خط الفقر العالمي؛ إذ إن سعر الدولار وصل إلى خمسة آلاف بوليفر في السوق السوداء، وجميع السلع والبضائع تُقيَّم بهذا النحو”.

وأوضح بيجارويل، في شباط/ فبراير الماضي، أن “المعارضة دعت إلى تظاهرة مركزية في كراكاس، ولبى الناس النداء، فجاب الملايين شوارع العاصمة كراكاس، في أكبر تظاهرةٍ تشهدها البلاد منذ عقود، وانتهت بتعهد الحكومة بتلبية بعض المطالب، لكنها، كعادتها، تنصلت من وعودها لاحقًا، وأصدر رئيس الدولة قرارًا حلَّ بموجبه الكونغرس الذي تسيطر عليه المعارضة، وهذا من الأسباب المباشرة للتظاهرات الحالية، إضافةً إلى الفقر”.

وأضاف أن “اغتصاب العسكر السلطة، وتغييبَ الديمقراطية إضافةً إلى الجوع والفقر، ودفع أصحاب المشاريع والمصانع ذوي الباع الطويل، في التنمية وتطوير الاقتصاد، إلى مغادرة البلاد، بسبب المضايقات والحرب المعلنة عليهم؛ دفع الناسَ إلى النزول إلى الشوارع”.

وأكد أن الحكومة والجيش تعاملا مع التظاهرات بالقوة، ولم تكتفِ الحكومة باستخدام القنابل الدخانية والهراوات، بل استخدمت الرصاص الحي؛ ما أدى إلى وقوع عددٍ من القتلى والجرحى.

وأشار بيجارويل إلى أن الجالية السورية الكبيرة، في فنزويلا، شاركت في تلك التظاهرات، وأن معارضي النظام السوري من الجالية هتفوا أيضًا “بحرية الشعب السوري، وبإسقاط منظومات الاستبداد العسكرية، أينما كانت”.

وأوضح أن فنزويلا التي أصبح بعض سكانها يبحث في حاويات القمامة عن أي شيء، في بلد موارده الاقتصادية الطبيعية، تستطيع استيعاب 200 مليون شخص؛ فهي دولة غنية بالبترول والحديد والنحاس والذهب والماس والملح البحري، وتملك حقولًا للغاز، من أكبر الاحتياطيات في العالم”. ويبلغ عدد سكان فنزويلا نحو 30 مليون نسمة، ومساحتها مليون كيلو متر مربع.

وأضاف الصحافي المعارض بيجارويل، أن حراك الشارع سيستمر دون هوادة، “لإسقاط تلك العصابة الحاكمة واستعادة مقدرات البلاد المنهوبة، وإخضاعها لضوابط قانونية واقتصادية، تساهم في تنامي الاقتصاد الوطني من جديد، وتضمن التوزيع العادل للناتج القومي بين كافة مكونات الشعب”.

ورأى أن هذا النظام من تخريج “عرّاب الدكتاتورية الأول في أميركا الجنوبية، فيدل كاسترو.” وهو يُشكل امتدادًا لجميع “الدكتاتوريات العسكرية الاستبدادية، أمثال النظام السوري المجرم”، وتابع يول: “أعتقد أن الشعوب كشفت زيف شعارات هذه الأنظمة، ونفاقها، واستبدادها، ولن يكون لها مستقبلٌ في البقاء أبدًا، لكن إزاحتها تتطلب تضحيات كبيرة”.

يشار إلى أن موجات التظاهر الحالية، في فنزويلا، انطلقت في مطلع نيسان/ أبريل الجاري، وكان رئيس البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة، قد دعا القوات المسلحة، بحسب “أ ف ب”، أن تبقى “وفية للدستور”، وإلى السماح بالتظاهر السلمي، وذلك بعد أن أعلن قائد الجيش ووزير الدفاع، فلاديمير بادرينو لوبيز، “الوفاء غير المشروط” للرئيس مادورو.




المصدر