أهالي كفريا والفوعة …إلى أرصفة شوارع النظام


عارف محمود

استؤنفت المرحلة الثانية من اتفاق تهجير المدن الأربع (مضايا، الزبداني، كفريا، الفوعة) إضافةً إلى مخيم اليرموك، يوم الجمعة الماضي مع دخول 35 حافلةً، تقلّ 2200 شخص، من أهالي كفريا والفوعة إلى معبر الراموسة في مدينة حلب، وخروج خمس حافلات من أهالي الزبداني ومضايا باتجاه مدينة إدلب.

وُزّعت الدفعة الأولى من أهالي كفريا والفوعة الذين خرجوا منهما، وعددهم نحو 4000 شخص، على مدن اللاذقية وحمص ودمشق، وبقي قسمٌ منهم في مركز جبرين شرقي مدينة حلب.

استقبل مجمع الرسول الأعظم (مركز التشيّع في الساحل السوري) 250 شخصًا من دفعة الواصلين الأولى، ويُنتظر أن تستقبل اللاذقية 250 آخرين من الدفعة الثانية.

في اللاذقية، لم يُخفِ الواصلون إليها فرحتَهم بالاستقبال الشعبي الذي حظوا به، نظرًا إلى صلات القربى التي تجمعهم بأبناء من اللاذقية؛ إذ رحّب مدير مجمع الرسول الأعظم، أيمن زيتون، بأهالي الفوعة وكفريا، وأشار، في أثناء خطبة الجمعة الأخيرة، إلى “هجرة أصحاب الرسول الكريم (ص) إلى الحبشة، ومن ثمّ إلى المدينة المنورة”، وأضاف زيتون: “في عصرنا، تمثلت هذه الهجرة بهجرة أهالي كفريا والفوعة الذين أُجبروا على ترك بيوتهم وممتلكاتهم، وعلّموا الناس دروسًا في الصبر والتحدي”! وقد حظي الوافدون إلى اللاذقية بما لم يحظَ به القادمون إلى مدينتي دمشق وحمص.

في حمص، لم يكن “حضن الوطن” دافئًا على أهالي البلدتين مثلما كان في اللاذقية؛ إذ لا يوجد فيها مجمع للرسول الأعظم، ولا يوجد فيها مَن يشبّه أهالي البلدتين بالمهاجرين أصحاب الرسول(ص)، فانتشر الوافدون على طريق حمص الدولي، قرب مدينة حسياء من دون غذاء أو ماء؛ وبدا السخط على “الدولة السورية” جليًّا في أراء الأهالي، وتأسفوا على خروجهم وصمودهم في أثناء الحصار، بعد أن انتهى بهم المطاف إلى أرصفة الطرقات، وطالبوا بمحاسبة اللجنة المسؤولة عن تنظيم خروجهم، وكانت قد وعدت بتأمين جميع الخارجين، واتضح في ما بعد أنها لم تؤمن إلا مَن كان له أقارب في اللاذقية ودمشق، وتُرك الباقون يواجهون مصيرهم في صحراء حسياء. سارع محافظ حمص إلى التخلي عن مسؤوليته تجاه حال الأهالي، بقوله:” لم يكن من المتوقع وصول الأهالي إلى مدينة حمص، ولا يوجد تجهيزات كافية لاستقبال العدد الكبير منهم” وزاد تصريح المحافظ من غضب الأهالي الذين رأوا، في إهمال أوضاعهم، أمرًا مقصودًا من قِبل النظام السوري، ودفعهم ذلك إلى المقارنة بين معاملة النظام لهم وبين معاملته لأهالي القرى العلوية الذين أُطلِق سراحهم في شباط/ فبراير الماضي، واستقبلهم بشار الأسد في دمشق.

وفي دمشق، تولّت ميليشيات إيران أمرَ الواصلين من البلدتين؛ حيث وُزّعوا على مساكن أقاربهم ومخيمات صغيرة في حيّ السيدة زينب، وبدا الحضور الحكومي السوري ضعيفًا في استقبالهم، وتكرر مشهد سخط إخوانهم في حمص على مسؤولي الحكومة السورية؛ لعدم اكتراثهم بما آلت إليه أوضاعهم، واكتملت التحضيرات لدفن من قضى من أهالي البلدتين، في تفجير الراشدين، بالقرب من مقام السيدة زينب بدمشق.

لم يكن النظام طرفًا في اتفاق المدن الأربع، وانحصر دوره في تقديم التسهيلات والاتفاق على إطلاق سراح 1500 معتقل من سجونه على دفعات، خرج منهم 700 –هم حديثو عهد بالاعتقال، كما تفيد الأنباء- على أن يُطلَق سراح البقية على دفعات، بالتزامن مع خروج من تبقى من أهالي المدن الأربع، وبالنظر إلى معاملة النظام للوافدين إلى مناطق سيطرته، يُرى أنه لم يكن راضيًا عما جرى، وأن الاتفاق تمّ من دون إرادته؛ فقد استغل النظام حصار بلدتي كفريا والفوعة لاستجلاب أكبر قدر ممكن من الميليشيات الطائفية، وها هو اليوم، نتيجة الاتفاقية بين إيران وجيش الفتح برعاية قطرية، يضطر إلى خسارة هذه الورقة التي وظفها على مدى أعوام لإطالة أمد بقائه.




المصدر