فوضى السلاح في المناطق المحررة إلى ازدياد.. فمن يتحمل المسؤولية؟

26 نيسان (أبريل - أفريل)، 2017
7 minutes

[ad_1]

ليس هذا التقرير هو الأول ولن يكون الأخير الذي ننشره حول فوضى السلاح في المناطق المحررة، طالما أن الظاهرة تتفاقم بدل أن تتجه إلى إيجاد حلول عملية، فمن الملاحظ أن جذور المشكلة متعددة ما يتطلب متابعة من مختلف الجوانب.

ومع مرور الوقت، بات انتشار السلاح بشكل غير المنضبط أمراً معتاداً في مناطق سيطرة المعارضة، إذ يُسمح بحيازة الأسلحة والتجول بها دون أية مساءلة قانونية، حتى صار السلاح يقع بأيدي مراهقين لا يتقنون استخدامه، ويحملونه بغرض الاستعراض وفرض ما يريدون بالقوة. 

وبين الحين والآخر يتكرر في مناطق الشمال السوري هذا الخبر “قتيل وعدد من الجرحى نتيجة خلاف عائلي …” هنا لم يكن استخدام السلاح في ميادين المعارك، إنما في الشارع لتصفية حسابات معينة تؤجج العنف بين المدنيين، وتتسبب في وقوع وفيات في سياقات لا صلة لها بالحرب، يكون الخاسر الأكبر فيها هم الفقراء والضعفاء.

 

 

غياب القانون

يرى بعض المراقبين أن ارتفاع معدل الجرائم في المناطق المحررة هو أمر طبيعي نتيجة لغياب السلطة المركزية القوية، لكن في الآونة الأخيرة شهدت هذه المناطق زيادة ملحوظة في معدلات القتل والخطف والاغتيال، بحسب الناشط الإعلامي في مدينة كفرنبل بلال بيوش. 

ويعزو بيوش، في حديثه لـ صدى الشام، هذا الأمر لعدة أسباب أهمها “الأوضاع المعيشية المتردية، وانتشار الفقر والبطالة بين الناس في مناطق سيطرة الثوار، وعدم القدرة على تأمين الاحتياجات الخاصة بالشباب”.

ويضيف بيوش أن “انتشار السلاح وحمله من قبل أشخاص غير بالغين، وغياب الجهات التي تتحمل المسؤولية هي من أهم أسباب تردي الوضع الأمني في المناطق المحررة”.

ويطرح بيوش مثالاً على هذا الواقع، ففي معظم مناطق إدلب تنتشر، وفق قوله، متاجر لبيع الأسلحة دون أية مراقبة، وتباع فيها مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وتؤمّن هذه المتاجر أشكالاً مختلفة من أسلحة الاغتيالات كمسدس “القلم”، و”الساعة”، وكواتم الصوت، واللصاقات المتفجرة، والألغام، وهذه جميعها تستخدم في عمليات الاغتيال التي تتم بوتيرة مرتفعة لأفراد وقادات من فصائل المعارضة وناشطين دون أن يحرك أحد ساكناً تجاه هذا الأمر.

من جهة أخرى تحدث بيوش عن أحداث يومية تعيشها منطقته مثل القتل العمد أو الخطأ، فحسب قوله، “ينتشر السلاح بين أيدي الشباب صغار السن الذين يغلب عليهم الطيش، وما إن تحدث ملاسنات بينهم حتى يشهروا السلاح ويمتد الشجار لأسرهم حتى ولو كان السبب تافهاً وبسيطاً جداً، كما يلجأ بعضهم أحياناً لإطلاق الرصاص في الهواء خلال (الجنازات او الاحتفال بتحرير المناطق أو حفلات الزفاف)، وقد سجلت عدة حوادث وإصابات في صفوف المدنيين نتيجة هذه التصرفات”.

وفي مثل هذه الحوادث تغيب مسؤولية الفصائل وقوى الأمن في المنطقة والتي يأتي دورها “بعد حدوث المصاب عندما تعتقل بعض المتسببين في ذلك، ويتم إطلاق سراح بعض منهم لاسيما إن كان لديه صلة وثيقة بمتنفذين في الفصائل”.

أما الناشط الحقوقي في ريف اللاذقية، علي الأمين، فيرى أن المسؤولية الأولى في هذه الحوادث تقع على “عاتق الفصائل المسلّحة والمحاكم الشرعية”.

ويشرح الأمين لـ صدى الشام، غياب دور الفصائل في هذا الموضوع، مؤكداً أنّ “عدم التنسيق الأمني طوال هذه السنوات هو السبب الأول لهذه الظاهرة” التي يعتبرها عاملاً أساسياً في غياب الاستقرار.

ويتساءل أمين “سنوات طويلة مرت على تحرير معظم المناطق لماذا لم توحّد الفصائل الحواجز الأمنية وتعمم أسماء الخارجين عن القانون وتحصر ملكية السلاح في عناصرها، وتحديداً وقت خروجهم إلى الجبهات؟”.

وتابع أمين “انشغال الفصائل المقاتلة في معاركها لا يغني عنها مسؤولية ضبط الأوضاع الأمنية داخل المناطق المحررة أو إعطاء هذه المهمة لجهة أخرى تعطيها كامل الصلاحيات في ذلك لكن حقيقة الأمر هو أن الفصائل لا تقوم بدورها على النحو الأمثل ولا تعطي الصلاحيات لغيرها”.

 

 ضوابط امتلاك السلاح

حتى اليوم ليس هناك أي قانون في المناطق المحررة يجرّم حيازة السلاح داخل المدن والأسواق، ورغم المطالبات المدنية السابقة بوضع ضوابط لهذا الأمر إلا أن الانفلات الأمني هو سمة الوضع الراهن.

ويحمّل بعض المراقبين مسؤولية انتشار السلاح بكثافة للتجار الذين ينشرون بضائعهم علناً في الأسواق، ويقومون ببيعها لكل راغب بغض النظر عن هويته وعمره وانتمائه.

ويرى محمد سيد علي، وهو من سكان مدينة إدلب، أن انتشار السلاح هو أمر واقع لكن معالجته ليست صعبة، وأن الأمر يتعلق بالإرادة والمتابعة وحسب.

ويطرح سيد علي بعض الأمثلة التي يعتقد أنها ضرورية للحد من هذه الحوادث مثل منع أي عنصر مقاتل من حمل سلاحه داخل المدن، ووضع آلية لمراقبة عمل تجّار الأسلحة وبضاعتهم، ومنح بطاقات لحمل السلاح يستثنى منها صغار السن وأصحاب السوابق، بالإضافة لمصادرة سلاح كل من يثبت مخالفته لهذه القواعد.

ويرى سيد علي أن الأهم مما سبق هو إخراج المقرات العسكرية من داخل المدن الآهلة لاسيما مستودعات السلاح، ومنح جهاز الشرطة صلاحيات واسعة تخولهم التدخل دائماً.

 

تجارب ناجحة

 أطلقت هيئات مدنيّة في الفترة الماضية العديد من حملات التوعية في المناطق المحررة للحد من انتشار السلاح في المناطق المدنية كان آخرها حملة “لا للسلاح بين المدنيين”، والتي لاقت صدى واسعاً لاسيما في ريفي حلب الشمالي والغربي.

وجاءت الحملة، وفق أحد المشاركين بها، نتيجة ضغط شعبي بدأ يتزايد لإنهاء هذه الظاهرة، حيث عمد الناشطون إلى توزيع منشورات على المدارس والمشافي والجامعات، ولصق بعضها على الجدران تقترح حلولاً لإنهاء المظاهر المسلحة بين المدنيين.

وتعدّ تجربة مدينة جرابلس نموذجاً يستحق التعميم، حيث يُحظّر على العسكريين الدخول إليها بسلاحهم بُعيد سيطرة فصائل المعارضة عليها. 

ومهما يكن فإن معالجة هذه الظاهرة حالياً تحتاج إلى قرارات حاسمة وإرادة صادقة للتخفيف من معاناة المدنيين الذين يكتوون يومياً بصواريخ طائرات النظام وروسيا من جهة، ولا يأمنون على حياتهم من حَمَلة السلاح بينهم من جهة أخرى.

[ad_1] [ad_2] [sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]